الطِيْب غَلبَ الطبيب
هبه الحبيب*
إن الكلمة الطيبة صدقة، واُعتبرت الابتسامة والكلمة الحسنة والمطمئنة من الصدقات، لما لها من التأثير الإيجابي على نفس الشخص، فكيف بها إذا كانت لتعزيز معنويات المريض الذي قد يتشافى بمفعولها بشكل أسرع.
ولكن بعض الأطباء والممارسين الصحيين يؤمنون بأن واجبهم هو تقديم الرعاية الطبية للمريض بشكل تقني فقط ولابد من الحفاظ على المسافة المهنية البحتة بين الطرفين.
ومن الجدير بالذكر أن البعض منهم كلما اكتسبوا المزيد من الخبرة أصبحوا أكثر ثقة وحزماً ولكنهم مع الوقت يبدأون بفقد بعضاً من تعاطفهم مع المريض، فلضمان استمرار النجاح المهني لابد من اكتشاف أسباب فقدان التعاطف وحلها.
واستناداً لعالم النفس الأمريكي (كارل روجرز).. هنالك ثلاث عوامل رئيسية تعتبر هي الحلقة في محور العلاقة الجيدة بين المعالج الصحي والمريض وهي: الصدق، التعاطف، الإخلاص.
إن العلاقة الطيبة والرحيمة بين المعالج والمريض تعتبر جزء لا يتجزأ من عملية التشافي والعلاج، فالممارس الصحي الذي يستطيع أن يقدم الرعاية الصحية بمظهر من التطمين والتعاطف مع المريض، قد نمى بذلك مهارة ذكاءه العاطفي المهني الذي يكون له بمثابة المرشد للتعامل بطريقة ناجحة مع مراجعيه.
حيثُ أن شخصية المعالج وسلوكه وأخلاقه المهنية ومهاراته العملية تعد جميعها أدوات لطريق الفشل أو النجاح المهني. ويستطيع المعالج أن ينمي مهارات الرعاية الطبية التعاطفية عن طريق تطوير الذات ومهارات التواصل مع المراجعين، وأن يُدرك بأن الهدف من تطمين المريض والتعاطف معه هو إعطاءه أهمية لمعاناته.
علاوه على ذلك فإن مهارة الإنصات والتحاور مع المريض وأخذ الوقت الكافي في الفحص والتربيت على كتفه وتطمينه لها مفعول السحر في العلاج.
فيجب على المعالج أن يتذكر دائماً بأن المريض هو في الأساس خليط من المشاعر والظروف والضغوطات التي قد تكون سبباً لهذه الأمراض، وبأنه يتعامل مع روح وإحساس وليس مجرد جسد مادي بما في ذلك المرضى الغير واعيين أو المدركين. وقد تكون السبب بعد الله في رفع معنوياتهم، وتعزيز المناعة لديهم وسرعة التشافي بتأثيرك الإيجابي.
فمن الناحية البيولوجية يمكن تفسير التعاطف مع المريض وتأثيره المثير للتساؤل من خلال مايعرف بـ “الخلايا العصبية المرآتيه” الموجودة في مناطق الدماغ المسوؤلة عن المشاعر؛ حيثُ تتحفز عندما نشاهد شخص يقوم بعمل ما، فتنشط لنقوم بالمقابل بعمل نفس الإجراء كـ (الابتسامة – التعاطف – التثاؤب – البكاء). وبالتالي فإن استخدام خلايا المرايا التعاطفية العصبية هي أداة جيده للمعالج لتخفيف معاناة المرضى.
كما أن العديد من الأمراض والاضطرابات العصبية، المناعية والهيكلية تحتاج إلى تضمين العلاج السلوكي المعرفي والعلاج السلوكي الحركي ضمن الرعاية الصحية والخطة العلاجية للوصول للهدف المنشود، وبالتالي فإن الممارس الصحي المتميز هو الذي باستطاعته الاهتمام بتطوير هذا الجانب لديه.
كما أن هنالك بعض الهرمونات كهرمون الفاسوبريسين والأوكسيتوسين اللتي أُثبت مؤخراً بأن لها دور في السلوك الاجتماعي وتُعتبر مضاد طبيعي من الجسم للألم، ويتم إفراز هذه الهرمونات عند تقديم أو تلقي العون من الأخرين، ونتيجة لذلك فإن علاج المرضى خصوصاً من يحتاجون المتابعة على مدى أطول قد يكمن في تلك الكلمات المشجعة، الابتسامة اللطيفة، و اللمسة المطمئنة من يد المعالج.
وقد تم تعزيز ذلك في تجربة العالم الياباني ماسارو أموتو عندما قام بتجربته الشهيرة على الماء، حيث عرّض جزء من الماء للكلمات الطيبة فتشكلت بلورات الماء بأشكال جميلة تحت المجهر، بينما تشكلت أشكال غريبة عند تعريض الماء لكلمات مزعجة، فإذا كان للكلمات تأثير على الماء، فكيف بها على النفس البشرية.. !!
وكما قيل قديماً: “الطيب غلب الطبيب”، فلنكن للمرضى كلمة طيبة، جناح رحمة، وصُنّاع أمل لنرتقي بهذه المهنة العظيمة.
___________
*أخصائي أول عظام في العلاج الفيزيائي