[تراث] “كنابْلْ” القطيف القديمة و “الحُمّايَهْ” للوقاية من “الشَّمالَهْ” في “اشْتا الشاتي” تمر.. شحم مقلي.. قُبّيط.. قَصيب.. ونصيحة الجدات تتكرر: چِنّ اْصْماخاتك..!

القطيف: صُبرة [خاص]

من تراث القطيف المنقرض، والصور من الأرشيف.

اتْحمَّوا يا أْولادي

وباچرْ حطّبوا

أمّكم ضُبيعَهْ

واْبوكم شايبُ

في ليالي البرد؛ يردّد الآباء والأمّهات هذه الأهزوجة البسيطة أمام أطفالهم، وهم جميعاً حول “الحُمّايَهْ” ووقودها من الحطب والليف والخوص.

ومعناها: خذوا الدفء يا أولادي من “الحُمّايَهْ”، أي من الموقد. وغداً اذهبوا لجلب الحطب. لأن أمكم عجوز، وأباكم مُسنّ.

“ضُبيعة”، تصغير لكلمة “ضَبعَهْ”، أي عجوز، في لهجة القطيف القديمة، وجمعها “اضباعْ”. وقد يقولون “أضَبَعْ” للرجل المسنّ.

وللشتاءات إحساسها في حياة القطيف القديمة، الحياة الريفية والحياة البحرية، وحياة القرى ذات المباني. وفيها تشهد حياة الناس نمطاً مختلفاً عن سائر السنة. التغيير يشمل الأعمال والأطعمة.. وصولاً إلى اللغة المستخدمة في يوميات الناس.. وفي هذا التقرير؛ توصيف لما كان عليه الناس في القطيف، قبل النفط.

اشْتا الشّاتي..!

يستخدمون هذا التعبير لوصف البرد الشديد جداً. وهو تعبير يقابل تعبير “قيض القيّاض” لوصف الحرّ الشديد جداً في الصيف.

وأشدّ برد الشتاء ما تأتي به رياح الشمال. وكانوا يسمُّونها “الشّمالَهْ”. ويستخدمون التعبير الفلكي العربي القديم “الأزيرق”، ويسمّونه “برد الأزرق”. والمزارعون يصفون أشدّ البرد بـ “المرابْعين المضرّة” التي تُضر البشر والشجر، فلا يتمّ غرس ولا بذر، وتكاد تتعطّل أعمال الزراعة، خاصة إذا رافق البرد مطر.

المطر عدو للفلاح الذي يتعطل عمله

الوَلْمَهْ…!

حياة الفلاحين والبحّارة والصيّادين تتعرقل في البرد والمطر. ويعتمد النشاط على ما يسمّونها “الوَلْمَهْ” التي تعني “الطقس”. وعادة ما يعني ذلك صفاء السماء أو تلبّدها بالغيوم. فيقولون “صفت الولَمَهْ”.

الفلاحون يركّزون على تجهيز النخيل للموسم المقبل، فيقمون بتنظيف النخيل وتكريبها، وهو ما يُسمّى “الترويس”، تمهيداً للتأبير (تلقيح النخيل) في أواخر فبراير.

خبز ورهش

الخبز المحلي مع الرّهش.. ما زالت وجبة لها شعبيتها

وجبة الصلاوة..!

بطبيعة الحال؛ فإن البرد يحتاج إلى تغذية خاصة، والتزوّد بالسعرات الحرارية العالية. ولذلك يكثر تناول الحَلْوَيَات وعلى رأسها التمر. ثم ما يُعدُّ في المنزل من وجبات شهيرة، مثل: العصيدة، الخبيصة، العفُّوسة، المنفورة، الساقو، النشأ. وهذه الوجبات ما زالت موجودة في مطابخ نساء القطيف.

كما يشترون من السوق الحلوى و “الرَّهَشْ” ـ حلاوة طيحينية ـ و “القبّيط”، والأخيرة منقرضة.

لكنّ هناك وجبات مالحة انقرضت تماماً، مثل ما يُعرف بـ “الصلاوة”، وهي شحم مقليٌّ بزيت “إليات”، أي بالشحوم. قد تبدو هذه الوجبة “مخيفة” في زمننا، لكنها في زمن الكادحين والمشتغلين في المهن المجهدة؛ كانت مادة غذائية يحرصون عليها.

القَصيب هو السمك الكبير.. وتناوله في الشتاء

حِتْ وقصيب..!

وفي القطيف إرث ثقافي غذائي لم يعد أبناء جيل اليوم يعرفونه، هو قاعدة “الحِتْ والقصِيب”. وهي خاصة بتناول الأسماك، والاختلاف بين ما يصلح في الصيف، وما يصلح في الشتاء:

حِتْ: تعني الأسماك الصغيرة، مثل الصافي والقرقفان والبدح وغيرها من الأسماك ذات الحجم الصغيرة. وهذه الأنواع تُؤكل في فصل الصيف، ويتم تجنبها في الشتاء.

القصيب: تُؤكل في الشتاء، وهي الأنواع الكبيرة التي يمكن “تقصيبها”، أي تقطيعها. مثل: الهامور، السبيطي، الكنعد، الشعر الكبير..  الخ

الكنبل.. الكمبل.. البرنُص.. البطانية

كَنّ الصُّماخ..!

“چِنْ اصْماخاتك”.. توجيه تعوّدته الأمهات والجدات، خاصة في “الشَّمالهْ” وريحها الآتية بالبرد المفتوح على المفاصلِ والعظام وصُماخات الآذان. وكانت جدّاتُنا وأمُهاتنا يُصررن على تغطية “لـِصْماخَاتْ” فينا. تربطُ إحداهنُّ “لفّاف” ابنها على رأسه لتتغطّى أذُناه جيداً.

وإن كان كبيراً؛ أوصته بتغطية “اصْماخاتَهْ” بغترته لئلاّ يمرض.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×