[3] المنهج العلمي.. البحث وأنواعه

محمد حسين آل هودي

بسم الله الرحمن الرحيم: … «188» وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «189» إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ «190» الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ «191» … صدق الله العلي العظيم – آل عمران.

تحدثنا من قبل عن طرق الحصول على المعلومات وذكرنا منها خمسا: الحواس، الاجماع، رأي الخبراء، المنطق، المنهج العلمي. وتحدثنا أيضا خطوات الأساليب العلمية للدراسات البحثية. اليوم نتحدث عن البحث وأنواعه.

البحث من أفضل وأنجع الأساليب العلمية في هذا الزمن. ولكن قد تتغير الموازين في المستقبل. في الماضي، كان الناس يكتشفون الأمور بالملاحظة أو المصادفة وبعدها تحولوا إلى وسائل التجربة والخطأ. كل هذه الأمور لا تعتمد على ما توصل إليه السابقون، وفيه قضاء وقت طويل ويحتاج الإنسان لصبر ومثابرة توماس أديسون. لم تعد هذه الأساليب مناسبة لعصر تتغير فيه النظريات والمفاهيم بصورة متسارعة، يصعب اللحاق بها.

البحث بحاجة إلى نَفَسٍ طويل ونَفْسٍ مطواعة. كثيرون تُطلق عليهم ألقاب طولها نصف صفحة؛ علامة، عالم، مفكر، باحث. ولكن أكثر هؤلاء لم يقوموا بأي أبحاث مفيدة؛ أكثرها مجرد إعادة ترتيب لقناعات مسبقة. تدوير القناعات ضد للعلم ومعاكس لأهداف البحث. لذلك، في دُورِ الأبحاث العالمية، يُجازى الباحث خيرا سواء أثبت أو فند فكرته الأولى. ويستطيع أن ينشر أبحاثه التي تدحض أفكاره وقناعاته المسبقة، لأنه بذلك يُعَلِّم الناس بأن هذه الفكرة خاطئة وإنْ بدت صائبة لأول وهلة. هكذا يقوم البحث، على النزاهة والصراحة والتصريح بما توصل إليه الباحث وإن عاكس حدسه أو تضارب مع رغبة الجموع. البحث ليس مكانا لتدوير القناعات. ومن المستحيل أن يكون بحثا راجحا إن آثر قناعات الأجداد الذين لم يعاصروا الحداثة ولم يخوضوا تجارب دراسية رسمية أو ينخرطوا في مؤسسات علمية مرموقة. قناعات الأجداد ليست حجة على البحث والدراسات المعاصرة، خصوصا إن شابها الكثير من التصورات الخرافية التي لم تستطع تفسير الظواهر الطبيعية السابقة.

ما تعريف البحث؟ هو ما يتضمن دراسة وتحقيق دقيق ومنهجي وصبور في بعض مجالات المعرفة بغض النظر عن القناعات الشخصية والموروثات الشعبوية. والبحث ينقسم لنوعين رئيسيين (في الغالب، خلط النوعين والاستعانة بهما متعاضدين أفضل سبيل للوصول إلى نتائج فعالة):
1. البحث الأساسي الذي يهتم بتقعيد الأفكار والعمليات الأصلية. هذا البحث لا يختص بدراسة الممارسات، أي أنه لا يدرس الأمور ميدانيا.
2. البحث التطبيقي الذي يفحص فعاليات ممارسات معينة. مثال على ذلك، محاولة دراسة النظريات المعنية بِتَعَلّم القراءة لطلاب المراحل الأولى. مثلا، بعض الناس يظنون أن تعليم الحروف أولا أفضل من تعليم الكلمات. بينما الباحثون خلصوا إلى أن تعلّم الكلمات ككتلة واحدة أفضل سبيل لتعلم القراءة، وذلك لأنك تريد أن تعود الطفل أن يقرأ بدون تَهَجٍّ يبطئ عملية القراءة. بالرغم من أنني قرأت باللغة الإنجليزية أضعاف ما قرأته باللغة العربية إلا أن قراءتي العربية أسرع بكثير والسبب في ذلك بأنني تعلمت العربية أولا ككلمات (دَرَسَ، وَزَنَ، رَأْسٌ، …الخ) دون معرفة الحروف ذاتها، بينما عندما تعلمت الإنجليزية كنتُ قد كبرت وتعلمت الكلمات بمحاولة تَهَجُأ الحروف، واحدا تلو الآخر. حاليا، أستطيع أن أقرأ اللوحات العربية في الشارع من نظرة واحدة، بينما يلزم عليّ قراءة كل كلمة لوحدها إن كانت اللوحة باللغة الإنجليزية.

طرق البحث متعددة، وقد يتم خلط بعضها للاستفادة من مزايا كل نوع. سنذكر عشرا منها في الوقت الراهن وسنأتي على شرحها في مقالات تالية:
1. كمي
2. نوعي
3. تجريبي
4. ترابطي
5. سببي
6. استقصائي
7. إثنوغرافي (ما يتعلق بدراسة الإنسان والجموع)
8. تاريخي
9. عملي
10. تقييمي

محمد حسين آل هويدي

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×