العوامي يحذر من جديد: تأخر صيانة الكباري “كارثة”.. ولا مُزاح في سلامة الناس "النقل": عمليات مسح وتقييم سنوية لـ4700 جسر في المملكة
القطيف: معصومة الزاهر
جدد المستشار الدولي المهندس عدنان نعمة العوامي، التحذير من التراخي في صيانة الجسور، منبّها إلى أن نتيجة إهمالها ستكون “كارثية”، داعياً إلى أن “نكون أكثر حذراً، ونأخذ جميع الاحتياطات”.
واعتبر العوامي، الجسور الخرسانية “حساسة، لأنه عند حدوث خلل بها فلن تعطي إنذاراً، فيحدث السقوط فجأة”، مشدّداً على أن “سلامة الناس أمور جدية، لا مُزاح فيها”.
عدنان العوامي، مهندس ميكانيكي، متخصص في هندسة اللحام، عمل في دائرة الخدمات الاستشارية في “أرامكو السعودية” لعقود، قبل أن يتقاعد منذ سنوات، ويفتتح مكتباً استشارياً.
وهو يبدي مخاوفه من حال الجسور، خصوصاً كوبري تاروت، وسبق أن حاورته “صُبرة” عن حال هذا الجسر.
5 آلاف جسر في المملكة
“صُبرة” تعاود اليوم الحديث مع المهندس العوامي، بعد طفو مشكلة العيوب الإنشائية في الجسور، منذرة بوقوع “كوارث قد لا تحمد عقباها”، فمن كوبري تاروت، إلى جسر أم الساهك – صفوى، مروراً في كوبري طريق الملك سعود فوق طريق الدمام – الجبيل، وعلى الطريق ذاته أيضاً، وعلى بعد يقل عن كيلومترين، جسر طريق الملك خالد..
قطع خرسانية تساقطت من هذه الجسور، فضلاً عن بروز الأجزاء الحديد منها. وبحسب آخر إحصاء صدر من الهيئة العامة للإحصاءات عن عام 2017، فإن عدد الجسور في المملكة 4989، منها 312 في الشرقية، خضع منها للفحص 3931، فيما يبلغ عدد الأنفاق 114.
الانهيار المفاجئ
يقول العوامي لـ”صُبرة” “تُصمم الجسور بطرق مختلفة، وتستخدم في إنشائها مواد مختلفة، أحياناً الخرسانة، وأخرى الحديد، وتارة الاثنين معاً”، مبيناً أن تقييم الجسور للتأكد من جودتها للاستخدام من قبل الناس، يعتمد على أمور عدة:
عمر الجسر، وحال الحركة المرورية فوقه. وأيضاً موقع “الجيوغرافيك لوكيشن”، فإذا كان موقع الجسر داخل المدينة؛ فأن أي خلل يُكتشف؛ يجب التعامل معه بحذر كبير، لضمان سلامة الناس، أما إذا كان في منطقة نائية؛ فيكون التعامل معه بحساسية أقل عادةً”.
الجسور الخرسانية – من وجهة نظر العوامي الشخصية وحسب قراءاته – تعتبر “حساسة”، لأنه “عند حدوث خلل بها؛ فلن تُعطي إنذاراً، فيحدث السقوط فجأة. وهذا ما يثير قلقي في قضية هذا الجسر (تاروت)”.
يضيف “لو – لا سمح الله – حدث شيء؛ فأن هذه الجسور لن تعطينا إنذاراً، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى نتائج كارثية، ولن نتأكد من هذا، لعدم وجود تقييم هندسي سابق لحال الجسر”.
ويوضح أن التقييم الهندسي “يكون عادةً نافعاً في وقت مبكر، ولأجزاء معينة من الجسر. ويجب ألا نغفل بأنه إذا كان الخلل في الاجزاء الرئيسة الحاملة للجسر – كالقاعدة مثلاً أو الأعمدة -؛ فالتقييم الهندسي لن يكون ذو فائدة، ولا بد من مباشرة برنامج إصلاح”.
منطلقاً من نظرة هندسية “بحتة”، يقول المهندس عدنان العوامي “أنا اختلف مع وجهة نظر بلدية محافظة القطيف، بأن التصدعات في أجزاء ديكورية من الجسر”، مبدياً ثقة بأنه “سيوافقني الرأي أي مهندس، حتى لو كان قليل الخبرة”.
وأشار إلى أن للخرسانة “ايجابيات وسلبيات، وما ذكرته يعتبر من سلبيات استخدام الخرسانة”.
مشكلة عالمية
وعن فحص الجسور ووقته، أبان أنه يعتمد على “حساسية استخدام الجسر، وموقعه وعمره الزمني، فالجسور الجديدة يتم فحصها كل سنتين تقريباً”، لافتاً إلى أن مشاكل الجسور “غير جديدة، بل هي شائعة في العالم، وتعتمد على الحرص في معالجة هذه المشاكل”.
يعود العوامي للحديث عن جسر تاروت، قائلاً إن “تقييمي له أن وضعه حرج جداً، لأن التصدعات موجودة في كل أجزاء الجسر، وليس في جزء واحد منه، وكذلك هناك قطع خرسانية تتساقط، فنستنتج- مبدئياً – أن هناك عيوب موجودة من الأساس في تلك القطع، وكذلك هناك تقصير في مراقبة الجودة. ولكن لو قمنا بإجراءات تحليل الخلل؛ فمن الممكن أن نكتشف أسباباً إضافية لسوء حال الجسر”.
ويرى أن الطرف المسؤول عن الجسر “يجب أن يتوقع حدوث النتائج السلبية أو الكارثية، بسبب حال الجسر”، متسائلاً “هل ستكون الكارثة في الجسر بأكمله، أم فقط في قسم منه؟” لافتاً إلى أنه في السابق كان هناك مجال لعمل تقييم هندسي، وكذلك تقييم المخاطر، “أما الآن؛ فقد تأخر الوقت، ولا بد أن نباشر بالتفكير والمبادرة في عملية إصلاح الخلل، لأنه حتى القاعدة يوجد فيها تصدعات، والقاعدة هي التي تحمل الجسر، فيما المتبقي من أجزاء الجسر سليمة”.
نتائج الإهمال كارثية
يحذر المهندس عدنان العوامي، من أنه ستكون نتيجة الإهمال “كارثية”، مضيفاً أن “سلامة الناس أمور جدية، لا مزاح فيها”.
واستشهد بجسر مشاة سقط في جامعة فلوريدا الدولية، والذي لم يكن يتعرض إلى أحمال واهتزازات مشابهة للجسور المستخدمة لعبور الشاحنات والسيارات، فقد سقط ذلك الجسر بعد أيام فقط، وليس أسابيع أو أشهر أو سنوات، من اكتشاف تصدعات صغيرة، وأدى سقوط الجسر إلى 6 وفيات، و8 إصابات.
وأشار إلى أن التصدعات الصغيرة من الأسباب الرئيسة لتلك الكارثة. “ولذلك يجب أن نتعلم من تلك الكوارث، ونكون أكثر حذراً، ونأخذ جميع الاحتياطات”.
حوادث انهيار الجسور في المملكة
خلال السنوات العشر الماضية وقعت كثير من حوادث انهيار الجسور في المملكة، بعضها نتيجة إهمال الصيانة، وبعضها بسبب حوادث اصطدام بها.. وفيما بعض هذه الحوادث:
جسر الثمامة بالرياض، انهار في نوفمبر 2013، وخلّف أضراراً مادية.
جسر في طريق الدمام – الرياض، انهار ليلاً دون سابق إنذار، ولله الحمد لم يسقط الجسر على أحد. ديسمبر 2013.
جسر في جدة، انهار جزئياً بسبب الاصطدام به. يوليو 2004.
في نوفمبر 2017 انهار جسر التخصصي في مدينة الرياض.
“النقل”: عمليات مسح وتقييم سنوية لـ4700 جسر في المملكة
سيارات مخصصة في مسح وتقييم الطرق.
مسح وتقييم 4700 جسر
تواصلت “صُبرة” مع فرع وزارة النقل في المنطقة الشرقية، للحصول على إيضاحات حول صيانة الجسور والكباري في المنطقة، بيد أنها لم تتلق هذه الإيضاحات.
إلا أن وزارة النقل كشفت في تقرير صادر عام 1440هـ، عن استكمال مسح وتقييم أكثر من 4700 جسر، لقياس جودتها وتقييم أي أضرار ذات تأثير على مستخدميها، إضافة إلى التعرف على حالها المستقبلية وما تحتاج إليه من صيانة للمحافظة على مستوى أدائها وتأمين سلامة مرتاديها، باستخدام أجهزة حديثة تعمل بتقنية الليزر والمسح الضوئي.
وتجري الوزارة مسحا وتقييماً للجسور كل ثلاثة أعوام. وتهدف الوزارة من خلال ذلك إلى “تحديث خارطة الاساس وتشخيص البنية التحتية للطرق، وتحديد الأضرار بها، والسبل الهندسية المثلى لمعالجتها، وأولويات الصيانة، وكلفتها، بالاستفادة من التقنيات الحديثة والأساليب المتطورة للتعرف على مشاكل الطرق وتقييم تأثيرها على كل طريق ومستخدميه، إضافة إلى التعرف على مستقبل حال الطرق”.
فرق متخصصة وأحدث الأجهزة
وعلى صعيد عمليات مسح وتقييم الجسور، تصدرت الرياض مناطق المملكة، إذ بلغ عدد الجسور التي تم مسحها وتقييمها فيها 950 جسراً، تلتها مكة المكرمة بـ832، فالمدينة المنورة بـ668، وعسير بـ531، ومن ثم القصيم بـ354، والشرقية بـ312، وحائل 236، وجازان بـ235، وتبوك بـ205، والباحة 187، والجوف 114، ونجران 82، وأخيراً الحدود الشمالية 37 جسرا.
وتوظف الوزارة لمسح وتقييم الجسور فرقاً متخصصة، تطبق أحدث إصدارات نظام “الآشتو” العالمي لتقييم الجسور، حيث يتم إجراء الاختبارات اللازمة على العناصر المختلفة بالجسور والمنشآت باستخدام أحدث الأجهزة في هذا المجال، وتقديم تقارير فنية متخصصة لكل جسر توضح الأضرار التي توجد به وطرق العلاج الفنية وتحديد كميات الإصلاح اللازمة وفقا لعقود التشغيل والصيانة المختلفة بمناطق المملكة، كما تتم أعمال المراقبة الآلية لأهم الجسور الموجودة في المملكة وفقا لأحدث النظم المستخدمة في العالم في هذا المجال.
اقرأ أيضاً:
المهندس العوامي يجدد تحذيراته: تصدعات جسر الناصرة مقلقة.. وعلى المسؤولين تقييمه هندسياً