الإعلان عن أكبر خريطة للكون

ترجمة: عدنان أحمد الحاجي
تحت اسم العلم المفتوح، أصدر التعاون العلمي متعدد الجنسيات، كوزموس، في 12 يونيو 2025 البيانات الكامنة وراء أكبر خريطة للكون. يتكون المشروع، المعروف بـ “حقل كوزموس ويب COSMOS-Web. ” والذي يعتمد على مجموعة بيانات جمعها تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST)، من جميع الصور وفهرسة ما يقرب من 800 ألف مجرة تغطي كامل الزمن الكوني (1) تقريبًا. وقد تحدى هذا المشروع المفاهيم السائدة عن الكون الناشئ (الكون المتكون جديدًا).
قالت كايتلين كيسي Caitlin Casey، أستاذة الفيزياء في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، والتي تقود مشروع كوزموس بالتعاون مع جيهان كارتالتيبي Jeyhan Kartaltepe من معهد روتشستر للتكنولوجيا: “هدفنا كان يتمحور حول وضع هذا الحقل الفضائي العميق (2) على مقياس فيزيائي يتجاوز بكثير أي شيء تم إنجازه في السابق.” لو كان هناك نسخة مطبوعة من حقل هابل فائق العمق (3) على ورقة عادية،” قالت كيسي، في إشارة إلى المنظر الأيقوني لنحو 10 آلاف مجرة. الذي نشرته ناسا عام 2004، “لكانت الصورة أكبر بقليل من جدارية أبعادها 13 قدمًا في 13 قدمًا في 13 قدمًا عمقًا. لذا فهي كبيرة بشكل لافت للنظر.”
ست صور مأخوذة مما يقرب من 800 ألف مجرة، وهي مرتبة على التوالي من أعلى اليسار إلى أسفل اليمين كالتالي: الكون الحالي، وما قبل 3، و4، و8، و9 و10 مليارات سنة.
تعود صورة كوزموس ويب المركبة إلى عمر الكون قبل حوالي 13.5 مليار سنة؛ ووفقًا لوكالة ناسا، يبلغ عمر الكون حوالي 13.8 مليار سنة، قد يزيد أو ينقص مئة مليون سنة. ويغطي هذا حوالي 98% من كامل الزمن الكوني. لم يكن هدف الباحثين مجرد رصد بعض المجرات الأكثر إثارة للاهتمام التي تشكلت في بداية الزمن الكوني، بل أيضًا رصد أوسع للبيئات الكونية (مجرات ومادة مظلمة وغازات (4)) التي تكونت خلال الكون المبكر، أثناء تشكل النجوم والمجرات والثقوب السوداء الأولى. وأوضحت كيسي: “يتكون الكون من مناطق كثيفة وفراغات. وأردنا أن نذهب إلى أبعد من مجرد رصد المجرات البعيدة؛ بل أردنا أن نصل إلى أطر أوسع لأماكن تواجدها.”
مفاجأة كبيرة!
يا لها من ساحة كونية! قبل بدء تلسكوب جيمس ويب الفضائي العمل، قالت كيسي إنها وزملاؤها الفلكيون وضعوا أفضل توقعاتهم بعدد المجرات الأخرى التي سيتمكن التلسكوب الفضائي من رصدها، نظرًا لوجود مرآته الرئيسة المركِزة للضوء الذي يبلغ قطرها 6.5 متر (21 قدمًا)، أي أكبر بست مرات تقريبًا من مرآة تلسكوب هابل التي يبلغ قطرها 2.4 متر (7 أقدام وتلسكوب 10 بوصات). وأضافت أن أفضل قياسات هابل تفيد بأن المجرات خلال أول 500 مليون سنة ربما كانت نادرة جدًا.
“يبدو أن هذه التوقعات كانت منطقية – بعد الانفجار العظيم، حدث الانسحاق العظيم تدريجيًا (5) بفعل تفوق قوة الجاذبية، وحتى تتكون وتظهر النجوم. هناك جدول زمني مرتبط بذلك.” “والمفاجأة الكبرى هي أنه باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي، رصدنا مجرات أكثر بعشر مرات تقريبًا مما كان متوقعًا على هذه المسافات الهائلة. كما رصدنا ثقوبًا سوداء هائلة الكتلة لا يمكن رصدها حتى باستخدام تلسكوب هابل،”. وأضافت لم تُرصد مجرات أكثر فحسب، بل رُصدت أيضًا أنواع مختلفة من المجرات والثقوب السوداء.
منذ بدء التلسكوب في العمل، تساءلنا: “هل تُخالف البيانات المستقاة من تلسكوب جيمس ويب هذه النموذج الكوني (أو ما يّعرف بـ علم الكونيات (6، 7)؟ لأن الكون كان يصدر ضوءًا كثيفًا جدًا في وقت مبكر جدًا؛ إذ لم يتبقَّ له سوى حوالي 400 مليون سنة لتكوين ما يُقارب من مليار كتلة شمسية من النجوم. ببساطة، لا نعرف كيف حدث ذلك”، كما قالت كيسي. “إذن، هناك الكثير من التفاصيل التي يجب سبر أغوارها، والكثير من الأسئلة التي لم يُجب عليها حتى الآن.”
وبنشر البيانات للاستخدام العام، نأمل أن يستخدمها علماء فلك آخرون من جميع أنحاء العالم، من بين أمور أخرى، لتعزيز فهمنا لكيف نشأ الكون في بداياته وكيف ظهرت الأجرام حتى يومنا هذا. قد تُوفر البيانات أيضًا أدلة على أشياء بارة ومحيرة أخرى في الكون، مثل المادة المظلمة وفيزياء الكون المبكر التي قد تختلف عما نعرفه اليوم.
وقالت كيسي: “جانب كبير من هذا المشروع هو تعميم العلم وجعل الأدوات والبيانات المأخوذة من أفضل التلسكوبات في متناول المجتمع العلمي الأوسع.” نُشرت البيانات فور جمعها تقريبًا، ولكن بنسختها الخام فقط، وهي مفيدة فقط لمن يمتلكون المعرفة التقنية المتخصصة والقدرة على استخدام الحواسيب الفائقة لمعالجتها وتفسيرها. وقد عمل مشروع كوزموس بلا كلل أو ملل على مدار العامين الماضيين لتحويل البيانات الخام إلى صور وكتالوجات يمكن استخدامها على نطاق واسع. ويأمل الباحثون أن يتمكن حتى علماء فلك أكاديميون من استخدام هذا البيانات للتعمق في هذه البيانات وتعلم شيء جديد منها.
“سيكون لدينا المزيد من هذه البيانات قريبًا. نعتقد أننا تعرفنا على أقدم المجرات من هذه البيانات، لكننا بحاجة إلى التحقق منها.” ولتحقيق ذلك، سيستخدمون التحليل الطيفي، الذي يُحلل الضوء من المجرات إلى طيف، لتأكيد المسافة التي تبعد مصادر الضوء هذه عنا (مصادر الضوء الأكثر بُعدًا = الأقدم في التشكُّل). وأضافت كيسي: “كنتيجة فرعية، سنتمكن من فهم كيمياء الغاز البين نجمي في هذه الأنظمة من خلال تتبع غازات النيتروجين والكربون والأكسجين. لا يزال هناك الكثير لنتعلمه، ونحن لا نزال في بداية الطريق”.
صورة موقع كوزموس متاحة للتصفح التفاعلي (8)؛ وقد أّرسلت الأوراق العلمية المصاحبة إلى مجلة الفيزياء الفلكية ومجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية.
ــــــــــــــــــــ
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/وقت_كوني_(فلك)
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/قائمة_الحقول_العميقة
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/حقل_هابل_العميق_الفائق
4- https://phys.org/news/2017-03-cosmic-environments-star-formation.html
5- https://ar.wikipedia.org/wiki/الانسحاق_العظيم
6- https://ar.wikipedia.org/wiki/علم_الكون_الفيزيائي
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/علم_الكون
8- https://cosmos2025.iap.fr/fitsmap.html
المصدر الرئيس
https://news.ucsb.edu/2025/021905/mapping-space-largest-map-universe-announced