سلالة الفرع السيهاتي من آل “أبي المكارم”

يُمكن القول إن الفرع السيهاتي من ذرية الشيخ علي أبو المكارم (1313 ـ 1364 هـ)؛ ساعد على بقاء الامتداد طبيعياً للمتعبّدين على الفقه الأخباري في القطيف. وبرحيل حفيده، الشيخ محمد علي بن الشيخ مجيد، تفقد المدرسة الأخبارية، في القطيف، واحداً من أهمّ أعمدتها ومرشدي الناس فيها. ويمكن القول إن الشيخ محمد علي من آخر سلالة آل أبي المكارم ذات الأصول البحرانية، وذات الموقع الروحانيّ الواسع التأثير في أجزاء مهمة في المحافظة ذات الغالبية السكانية الشيعية.

 

الفقه الجعفري يتفرّع إلى مدرستين اجتهاديتين رئيستين. الأولى هي المدرسة الأخبارية التي حافظت على النهج التقليدي في استنباط الأحكام، وتتباين عن المدرسة الثانية، الأصولية، بتركيزها الشديد على “الأخبار” المروية عن النبي وأهل البيت عبر المصادر الموثوقة شيعياً. المدرسة الأخبارية التزمت ما كان عليه أصحاب الأئمة في تسقُّط مرويات الأئمة والتحقيق فيها، والعمل على أساسها. ولذلك يكاد يتركّز اجتهاد علمائها على علم الحديث أكثر من تركيزه على الفقه وأصوله. لكنّ الحقيقة هي أن التراث الأخباري، نفسه، غذّى المدرسة الأصولية، وعلى نحو لا يمكن لمجتهد أصوليّ أن يتجاهل تلك المصادر التي أنجزها علماء التيار الأخباري.

 

وثمة تداخلٌ بيّنٌ بين الأخبارية والأصولية، إلا أن الخلاف الحادّ، بين المدرستين، اتّضح، بشكل أوضح، في مسألة الرجوع إلى الفقيه الميّت. فالأخباريون يُجيزون العمل بفتاوى الفقيه حتى بعد وفاته، فيما لا يجوّز الأصوليون ذلك أصلاً؛ إلا بموجبِ فتوى فقيه حيّ، وضمن شروط يفصّلها الفقهاء لمقلديهم. وقد بقي هذا الخلاف حيّاً إلى عقود قريبة، في الحوزات العلمية، وانعكس على عامة الناس الذين تعصّب كلٌّ منهم إلى علمائه.

 

في القطيف، وخلال القرنين الماضيين تحديداً، انتشرت الأخبارية بتأثيراتٍ من السكّان النازحين من البحرين، حيث مرجعية الشيخ حسين العصفور (قتل 1216هـ)، وأستاذيته لقائمة طويلة من علماء الطائفة الشيعية. وعلى هذا؛ فإن مرجعية الشيخ العصفور ما تزال قائمة، ولكنّها ليست على الاتساع الذي كانت عليه قبل مطلع القرن الخامس عشر الهجري، وولادة الصحوات، وظهور تيارات فقهية، إرشادية وحركية. وهذا ما أنتج تحوّلاتٍ في أجيال المتدينين مختلفين عن آبائهم وأجدادهم.

 

لكن شعبية الفرع السيهاتي من أسرة آل أبي المكارم؛ بقيت في موقع الإجلال، ومثّل الشيخ عبدالمجيد أبو المكارم (1344 ـ 1423هـ) امتدادها الاستفتائيّ حتى وفاته، ليخلفه نجله الشيخ محمد علي في موقع المرشد.

 

رحم الله الشيخ محمد علي أبو المكارم، وأحسن مثواه.

أمس 24 أبريل، هو يوم مرور عام على وفاته.

حبيب محمود

‫2 تعليقات

  1. رحم الله العلماء الامجاد
    وحفظ الله الباقيين من سلالة الاخيار
    نتمنى من كاتب المقال التحقيق والتدقيق في صحة نقل المعلومات حتى لا يقع القأرى في تشتت

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×