القطيف ودعت “فارس”.. العالم يحتفل به وآخرين اليوم 14 شخصاً يرحلون يومياً في المملكة.. و"تبقى ملامح مركباتهم"
القطيف: صُبرة
كانت لفارس موسى محمد آل حمزة أحلامه، هذا الشاب اليافع احتفل الأسبوع الماضي بعيد ميلاه السابع عشر، ربما كان يفكر في أي جامعة سيدرس بعد أشهر حين يتخرج من الثانوية العامة بتفوق، فهو يدرس في الصف الثالث الثانوي، هو شاب طموح ومثابر، هكذا يعرفه من عاش بينهم، خصوصاً شقيقه الأكبر أحمد، الذي كان يبوح له بأحلامه وامانيه.
كل هذه الأحلام احترقت، مخلفة حرقة في قلوب محبيه، خصوصاً أسرته الثكلى بفقده الجمعة الماضي، في حادث مروري شنيع، إثر اصطدام مركبته مع أخرى على طريق الخليج في سيهات.
هنا احترقت سيارة فارس آل حمزة الجمعة الماضي.
لم يكن فارس يدري أن خروجه من منزله عصر ذلك اليوم، لمشاركة أصدقاء في عمل خيري تطوعي باسم “كيان الخير”، سيكون آخر أعماله، قبل وفاته في مركبته.
آل حمزة آخر ضحايا حوادث الطرق في محافظة القطيف، تزامنت وفاته مع الاحتفاء باليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا حوادث الطرق الذي يحتفل فيه العالم اليوم (الاثنين)، الـ15 نوفمبر من كل عام.
14 ضحية يومياً في المملكة
لم يكن فارس أول ضحايا الحوادث، وإن كنا نبتهل إلى الله أن يكون آخرهم، ففي كل بيت تقريباً ثمة ضحية لمسلسل الموت على الإسفلت، الذي حصد أرواح الملايين على الكرة الأرضية، وربما بما يفوق ضحايا الحروب. هم ليسوا مجرد أرقام تتكدس في سجلات إدارات المرور والأجهزة المعنية، هم بشر، كما فارس، كانت لهم طموحاتهم، أحلامهم، خططهم لمستقبلهم، التي حصدها الموت، فتحولوا إلى أرقام.
اليوم (الاثنين)، حرص المرور السعودي على تفعيل اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا حوادث الطرق، ودعا في تغريدة له إلى “تذكر من فقدناهم بسبب الحوادث المرورية”، قبل أن يطالب الجميع بـ”دعم إجراءات السلامة، والتزام الأنظمة المرورية، لتجنب المزيد من الحوادث”، مُحذراً من أن حوادث الطريق “تقتل يومياً نحو 14 شخصاً”.
وفي مشهد مؤثر ومؤلم، بث المرور السعودي مقطع فيديو، لعشرات وربما مئات السيارات التي تعرضت لحوادث، مكدسة في ساحة كبيرة، معلقاً عليها “رحلوا وبقيت ملامح مركباتهم”.
رغم ان المملكة تشهد كل عام حوادث مرورية كثيرة، تبعث على القلق، إلا أنها خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي (2020)، شهدت انخفاضاً شاملاً في مؤشرات الحوادث في جميع المناطق، كان أبرزها المنطقة الشرقية، التي شهدت بدورها تراجعاً كبيراً في حوادث الطرق، بفعل تطبيق الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا المُستجد، منذ مطلع مارس إلى سبتمبر الماضيين.
ووفقاً للجنة السلامة المرورية في المنطقة؛ انخفض عدد الحوادث الجسيمة في المنطقة 28%، مقارنة في العام السابق، كما انخفض عدد حوادث الوفيات 38% ما نتج عنها انخفاض في عدد المتوفين 39%، وانخفضت نسبة حوادث الإصابات البليغة 24%، نتج عنها انخفاض عدد المصابين 30%.
وكان الانخفاض الأكبر في شهري مايو وأبريل الماضيين، بسبب منع التجول، إلا أن انخفاض الحركة المرورية نتيجة تحول كثير من الأعمال إلى العمل من المنزل، والتعليم عن بُعد، عزز الانخفاض، فيما بلغ معدل الوفيات 7 لكل 100 ألف نسمة، ويمثل ذلك أقل رقم على مستوى مناطق المملكة.
الصحة العالمية
في الوقت نفسه، اعتبرت منظمة الصحة العالمية الإصابات الناجمة عن حوادث الطرق “أشد ما يفتك بالأطفال والشباب البالغين”، الذين تراوح أعمارهم بين 5 و29 سنة في شتى أنحاء العالم.
ونشرت المنظمة بيانات تفيد بأن الحوادث المرورية على الطرق تحصد أرواح ما يقرب من 1.35 مليون شخص فى شتى أرجاء العالم سنويًا، وتخلف من 20 إلى 50 مليون شخص مصاب، الكثير منهم بإعاقات دائمة.
رحم الله فارس آل حمزة، وكل من فارق الحياة في حادث مروري، متضرعين إلى المولى عز وجل أن يتغمدهم بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جنته، ويلهم أهليهم وذوريهم الصبر والسلوان.
الشاب فارس الحمزة يلفظ أنفاسه في حادث تصادم أدى لاشتعال النيران