علي شبيب يُسعف المرضى صباحاً.. ويغني في أعراس النساء مساءً عرفه الناس في "عروس القطيف".. ويغني من غرف مغلقة لإرضاء كبيرات السن

القطيف: نداء آل سعيد

قد يجده البعض يعيش بين شخصيتين “متنافرتين”، يرتدي علي شبيب علي صباحاً زيه الطبي أثناء عمله أخصائي طوارئ في قسمي العناية المركزة والعناية القلبية، في المساء يقود فرقة موسيقية، ليغني في الأعراس والحفلات، يتراقص البعض على إيقاعاته.

علي (25 عاماً)، الذي أحب “الفن” منذ الصغر، يؤكد أنه يحب وظيفته في “الطوارئ”، ولن يتخلى عنها، أو عن فنه.  

قصته مع الفن مليئة بالمواقف والتجارب التي تجعل منه “شخصاً غير عادي” على حد وصفه، فهو أعلن عن نفسه بدايةً في منتدى “عروس القطيف”. وعندما بات معروفاً، اصطدم بمشكلة إقناع المجتمع من حوله بإحياء أعراس النساء، ما دفعه إلى اللجوء بوضع الجميع أمام الأمر الواقع في يوم العرس، والغناء من غرف مُغلقة، متخلياً عن الظهور الإعلامي، الذي يتمناه كل فنان.

 

عن البدايات

يسترجع شبيب شريط الذكريات، وحب الغناء في سن مبكرة بالقول لـ”صُبرة” “قبل أن أتعلم القراءة والكتابة؛ كنت أغني مع ابن الجيران حسن الفضل، أطبل بغرشة الماي، وفي الصف الرابع الابتدائي، حصلت على ميكروفون مكافأة ليّ على المذاكرة الجيدة، استعداداً للاختبارات. اتصلت بصديقي أحمد الفضل شقيق حسن، الذي يصغرني بـ5 سنوات، وطلبت منه المجيء لنغني سوياً في الميكروفون الجديد، عندها أدركت أنني أهوى الغناء”.

عشق الفتى هذا المجال “إلى أبعد الحدود”، لكن صديقه حسن توقف عن الغناء، فيما استمر صديقه أحمد الفضل معه، يقول شبيب “هو يرافقني اليوم في جميع الزواجات النسائية والرجالية التي أحييها”.

يتابع “بداية الانتشار وإثبات الذات كانت صعبة، حيث سجلت صوتي مع إيقاع حصلت عليه من شبكة الإنترنت، رفعته على منتدى “عروس القطيف”، وبعدها أصبحت معروفاً، تلقيت حجوزات من بعض الأسر التي طلبتني لإحياء أعراسهم. في البداية كانوا يعتقدونني فتاة، بحكم صوتي الناعم، وعندما يعرفون أنني شاب؛ كانوا يرفضون التعاقد معي”.

كثيراً ما اقترح شبيب على من يتصل به أن يغني في مكان منعزل عن النساء، لكنهم كانوا يرفضون أيضاً، يقول “وصلت إلى قناعة بأن أفضل خيار هو ألا أخبر أحداً بأنني رجل، حتى يكتشفوا ذلك بأنفسهم يوم العرس، فلا يكون أمامهم سوى تقبل الأمر، وأغني وأنا على ثقة بأنهم لن يندموا على ذلك، وستزول عنهم الصدمة”.

يضيف “خوف أمي علي، دفعها لمرافقتي في أول عرس أحييته، وكان في الأحساء”.

يفضل شبيب عدم الظهور أمام جمهور العرس النسائي في شاشة العرض (البروجكتر)، يقول “لا أفضل ذلك، لإرضاء النساء، خاصة الكبيرات في السن، لأن الغالبية العظمى منهن يفضلن ذلك، وأنا حريص على تعزيز فرحتهن بتلبية رغباتهن”.

أول عرس

العرس الأول الذي أحياه شبيب كان في الأحساء، يقول “أحييته منفرداً، كان عمري 17 عاماً، علما بأنني كنت أعمل مع فرق أخرى منذ كنت في الـ15. في هذا العرس لم أشأ أن أصدم أصحابه، وأضعهم أمام الأمر الواقع كوني رجلاً؛ فأخبرتهم بذلك قبل العرس بأسبوعين، ووجدت تفاعلاً وترحيباً كبيرين منهم، والكل كان يرقص مبتهجاً على أنغام  الأغنيات الشعبية، إلا أن أمي لم تكن سعيدة بهذا العرس، وأتذكر أنها عبرت عن انزعاجها واستياءها لي من هذا العرس تحديداً، وما شهده من رقص وجو صاخب، ولكن مع مرور الوقت رأيت أنها بدأت تتقبل مهنتي مغن في أعراس النساء”.

الفرقة الموسيقية

يعرّف شبيب بأفراد فرقته الموسيقية “أحمد وهو جاري، يرافقني في مسيرتي الفنية، ونغني سوياً منذ الصغر، ومحاسن أحمد، وهي مختصة بالتعامل مع الجانب النسائي، وتعرفت إليها من خلال الشغل. ومهندس الصوت عادل الدوسري (أبو بدر)، والعازف سلطان من الأحساء، أما الإيقاعات؛ فأنا أشتريها وأعمل على تشغلها بنفسي في الحفلات”.

الأغاني الشعبية

يفضل شبيب الأغاني الشعبية ومواليد أهل البيت، وهو ما يميزه عن غيره من الفنانين الآخرين في القطيف خاصة، والمنطقة الشرقية عموماً. يقول “أتقنت هذا اللون من الغناء، وهو اللون الذي تفضله الفتيات في أعراسهن”.

يضيف “أكثر الأغاني طلباً مني مواليد أهل البيت، والأغاني الشعبية، مثل: ياعين موليه، وبين العصر والمغرب، فالمعازيم يحبون هذا اللون جداً، ويتفاعلون معه، كباراً وصغاراً، في حين أجد أن الأغاني الجديدة، وإن كانت راقصة، إلا أنها دون طعم”.

العصبية المفرطة

يرى شبيب أنه أصبح أكثر هدوءاً من ذي قبل في تعامله مع أصحاب الحفلات “أصبحت أقدر ظروف أهل العرس، وأتحلى بالصبر أمام طلباتهم ورغباتهم، بعكس بداياتي، حيث كنت أتصف بالعصبية المفرطة، وأنفعل مع أهل العرس، إلى أن أصبح عندي عدة زواجات في أسرتي؛ وأحسست بحجم العصبية والقلق الذي عليه أهل العرس في  مثل هذا اليوم، عندها قررت أن  أتعامل مع أصحاب الزواج كأنهم أهلي، وأتعاون معهم كثيراً وأقدر ظروفهم”.

 

الإنفاق العال

يؤكد شبيب أن مهنته؛ مطرب أعراس، تتطلب منه الإنفاق ببذخ، وعدم البخل على متطلبات المهنة “ما أجمعه من أموال، وهي ليست قليلة، أنفقها على الشغل وتجهيزاته، فأتعامل مع أفضل مهندس صوت، الذي يحصل على نسبة كبيرة من العائد المادي، ليس هذا فحسب؛ وإنما أحرص على شراء أفضل وأحدث أنواع الإيقاعات، سواء من الرياض أو البحرين، لرغبتي الجادة في إسعاد أهل العرس وضيوفهم بكل ما هو جديد”.

العمل والفن

يرتب شبيب جدول عمله؛ أخصائي طوارئ بشكل معين، حتى لا يكون هناك تضارب مع جدول الحفلات والأعراس التي يحييها، يقول “أرتب جدولي من بداية الشهر مع المشرفين في وظيفتي، وأطلب أيام إجازة معينة؛ حتى أتمكن من ممارسة عملي الآخر في الغناء، وإذا لم أستطع؛ أطلب أن يكون دوامي في الصباح، حتى أتمكن من الاستعداد للحفلات مساءً”.

لكنه يقر “في البداية؛ كنت أجد صعوبة في التوفيق بين كوني أخصائي طوارئ وطالب، وبين كوني مغنياً، ولكن مع مرور الوقت، استطعت أن أكيف نفسي مع هذا الوضع”.

 

حب الغناء

يؤكد علي حبه للفن “ما يدفعني للغناء هو حب الفن، كما أحب عملي أيضاً؛ أخصائي طوارئ”، مضيفاً “أحب أيضاً أن أعيش مع الناس وأتأقلم مع ظروفهم، فعندما أرى أحداً غير سعيد، أشاركه لحظاته، ومن يفرح؛ أفرح معه، هذا ما تعودت عليه عبر السنين، وكان الغناء لي مرافقاً”.

 

الغرور والتعالي

ينفي شبيب عن نفسه تهمة الغرور والتعالي “سمعت البعض يصفونني بأنني مغرور، وهذا اتهام باطل، فجميع من يعرفني أو يقابلني ولو دقائق معدودة؛ يعرف أنني عكس ذلك تماماً”.

ويتابع “أهلي من جميع الفئات العمرية، يتقبلون كوني مغنياً، ويشجعونني على ذلك، وأجد سعادة غامرة عندما أسمع أن هناك من يتعمد الحضور في الأعراس لسماع صوتي، أو عندما أرى أن جميع المقاعد في عرس ما قد امتلأت على بكرة أبيها بالحضور، والبعض يقف على قدميه، حرصاً منهم على سماعي”.

10 زوجات

لكنه لا يوافق على إحياء عرس، إلا بعد أن يتعرف على أسماء العوائل في هذا العرس، ويتأكد من صدقهم في الوفاء بتعهداتهم معه، يقول “في الإجازة بين الفصلين الدراسيين؛ يكون الجدول ممتلئاً، أما في الأيام العادية؛ فأحيي ما بين 3 إلى 5 زواجات في أيام الإجازات الصغيرة، يرتفع العدد في الكبيرة ليراوح بين 5 إلى 10 زوجات يومياً”.

الأرزاق بيد الله

رغم التنافس المعروف بين مطربي الأعراس، إلا أن شبيب يؤكد أنه لا يجد أي تنافس، من ناحيته على الأقل، يقول “أنا أحب أن أساعد الجميع، وأعلّم من يحتاج، ولا أبخل بالنصيحة أو المعلومة على أحد أبداً، ليس لسبب سوى أنني وواثق بأن الله يوزع الأرزاق كيفما يشاء، ولا أحد يمكنه الحصول على رزق آخر”.

حرص شبيب على أن يكون متميزاً في عمله، يدفعه إلى الاهتمام به إلى أقصى مدى “منذ أن بدأت عملي مغنياً في الأعراس، وأنا أفضل أن أشتري الايقاعات الجديدة من الرياض أو البحرين، لأن ما يُباع في المنطقة الشرقية مستهلك وقديم، ولا أبخل على أي مغن زميل في المهنة، بأي إيقاع يطلبه مني”.

مواجهة الجمهور

عن تجربته الأخيرة في حفل افتتاح قاعات شهاب بحلتها الجديدة؛ يقول “كانت تجربة جديدة، وحقيقة خفت ألا يأتي الناس إليها، وبعد ذلك أصبحت خائفاً أن يأتي الكثير من الناس؛ فلا أعرف الغناء أمام العدد الكبير المتوقع. والحمد لله كان الحضور جيداً بعدد من النساء والرجال، في مكانين منفصلين، وصل إلى 300، وفي أول 45 دقيقة؛ كنت متوتراً، بعدها تشجعت مع تفاعل الناس معي، وأعترف أنني لم أكن مرتاحاً، لأنني لم أعطِ أفضل ما عندي”.

يضيف “خلال شهري محرم وصفر، أغادر هذه الأجواء نهائياً”. وعن أيام الحظر الكلي، يذكر “أذعت حفلاً مباشراً على تطبيق انستغرام، وشاهد البث حوالى 56 ألف شخص، وأصبحت “ترند” رقم 6 على مستوى المملكة، والكل كان سعيداً، واخترت أغان شعبية تناسب الجميع، منها مدح لأهل القطيف، لاقى أصداء رائعة جداً”.

يصف شبيب نفسه اليوم بأنه “شخصية حساسة جداً، جريئة، واثقة”، يقول “أقر بأنني شخصية اندفاعية في كل شيء، خاصة في حبي للناس”، مضيفاً “أحب التحديات وأتعامل على أنني إنسان غير عادي، فأنا غير متزوج”.

‫4 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×