القطيف: صُبرة
12 علامة استفهام وضعتها اختصاصية نساء وولادة في تقرير المريضة زينب عيسى آل اسعيد، منبّهةً من احتمال وجود “حمل خارج الرحم”، ومحذّرة من “إجهاض منذر”. الطبيبة تعمل في مجمع عيادات خاص، وطلبت من المريضة مراجعة “مستشفى كبير” لتدارك المشكلة.
وبالفعل؛ راجعت المريضة مستشفى كبيراً في محافظة القطيف، لكنّ الذين تعاملوا مع حالتها تجاهلوا التقرير الطبي السابق، وأجروا فحصهم الخاص، فكانت النتيجة ترك جنين خارج الرحم لقرابة أسبوعين…!
ليست القصة في خطأ أشعة الـ “سونار” وحدها، بل في تجاهل المستشفى التقرير الواضح كل الوضوح، وبناءً على الخطأ والتجاهل؛ تعرّضت حياة المواطنة وسلامتها إلى تهديد حقيقي؛ لولا لطف الله ثم انتباه اختصاصية نساء وولادة في مجمّع عيادات خاص آخر..!
القضية تسلّمتها المديرية العامة للشؤون الصحية في المنطقة الشرقية للتحقيق، بعد رفع المواطنة شكوى رسمية ضدّ المستشفى الخاص.
وأكد المتحدث الرسمي في الشؤون الصحية أسعد السعود لـ “صُبرة” تلقّي شكوى المواطنة، وإحالتها بتوجيه فوري من مدير عام صحة الشرقية الدكتور ابراهيم العريفي إلى ادارة الالتزام الإدارة المختصة بالمديرية، للتحقق من الشكوى ودراسة حيثياتها واتخاذ الإجراءات النظامية حيالها.
الدكتور إبراهيم العريفي، مدير عام الشؤون الصحية
القصة بلسان المريضة
“صُبرة” تسرد القصة بكل تفصيلاتها، حسبما روتها المواطنة نفسها.. تقول:
بعد 10 أيام من معرفتي بحدوث حمل شعرت بألم في أسفل بطني مصاحب لنزيف بسيط، ولكي أطمئن ذهبت إلى مجمع عيادات خاصة. وعند اختصاصية النساء والولادة أجريت فحصاً بجهاز الـ “سونار”. عندها سألتني سؤالا غريباً: “هل الحمل داخلي أم خارجي؟”
أجبتها: أنا في بداية الحمل ولم أخضع لأي فحص سابق، وهذا ما يجب أن تخبريني به أنت لا أنا.
فقالت: سأعطيك إبرة مسكن للألم، لكن عليك أن تذهبي إلى مستشفى كبير سريعاً. كنت وقتها تقريبا في الأسبوع الخامس، حسب كلام الطبيبة نفسها.
ومن مجمع العيادات حصلت على تقرير طبي، بتاريخ 29/9/2020 يؤكد وجود إجهاض منذر، وتساؤل كبير عن وجود حمل خارج الرحم، ووضعت الدكتورة أمام كلامها 12 علامة استفهام.
للأسف.. لم تخفت حدة الألم حتى بعد المسكنات التي وصفتها، فكان لابد أن أنفذ توصيتها، لذا ذهبت برفقة أمي إلى مستشفى كبير في محافظة القطيف، في اليوم نفسه.
وفي الفرز البصري سألوني الأسئلة المعتادة التي تخص كورونا، وبعد أن تأكدوا من درجة الحرارة حولوني إلى طبيبة النساء.
حرارة مرتفعة
دخلت على اختصاصية النساء والولادة، وأعطيتها التقرير الطبي الذي كتبته طبيبة مجمع العيادات. ثم تهيأت للفحص وقاست الممرضة حرارتي مرة أخرى، وقبل أن تفحصني الاختصاصية قالت إن حرارتي مرتفعة، ربما لأني كنت وقتها أتدثر ببطانية ثقيلة، لشدة ماكنت أرتجف من البرد الوهن، بالإضافة إلى كيس الماء الساخن الذي كان يلازمني، فطلبت منا أن نذهب للاستقبال (الطوارئ) مرة أخرى.
هناك أخذوني لغرفة العزل، وكأنهم قد شكوا أن في الأمر (كورونا).
في العزل كان ينتظرني طابور من الوقت وجب عليّ أن أراقبه وهو يزحف أمامي، تعبت من الوقت ومن الانتظار ومن الألم، شعرت بأن لا طاقة عندي تكفي لمزيد من الوقت، ساعتان قضيتها دون أن يمر بي أحد، والحال أني حالة طارئة، خاطبتهم أمي لكنهم قالوا لها.. المكان مزدحم بالحالات، مع أن الطوارئ وقتها كان شبه فارغ.
فحص 5 دقائق
أخيراً وبعد أخذ ورد واستدعاء لاختصاصي السونار من منزله؛ وصل وأدخلوني غرفة الفحص، لم يكد يبدأ الفحص حتى أنهاه، لدرجة أني استغربت من السرعة التي أجرى فيها الفحص. وقلت لأمي ذلك، وبررت ذلك أيضا بخوفهم من اشتباه إصابتي بـ “كورونا”. ثم ذكر الاختصاصي المعلومات التي حصل عليها في وقت قياسي: “كيس الحمل مفتوح، وبقايا جنين“.
أُدخلت لقسم التنويم، وأخبروني بأني سأخضع لعملية تنظيف للرحم فقط، وتم عمل اختبار لهرمون الحمل مرتين، وفي الاختبارين ظهرت النتيجة أنه مرتفع، في حين إن النزيف قد اشتد أكثر.
سألتهم عن موعد العملية، وكانت إجابتهم أنهم يريدون أن يتأكدوا من أن الجنين نزل فعلاً. حتى الطبيبة التي أجرت لي عملية التنظيف قالت لي قبل العملية: مع كل هذا النزيف ربما لايزال الطفل موجوداً في الرحم ولم ينزل، إذ إن هرمون الحمل مرتفع.
وفي الأخير تقرر إجراء عملية التنظيف. وبعد العملية أخذت العلاج ورجعت المنزل، بتاريخ 30/9/2020
الآلام عادت
ما زالت الآلام مستمرة، وعزوت ذلك لآلام ما بعد العملية، حاولت احتمالها؛ لكن الوضع ازداد سوءاً، أصبحت لا أقوى على الحركة، شعرتُ بوهن شديد، ودوخة لازمتني كلما وقفت بالإضافة إلى آلام البطن وأسفل الظهر، فقررت الذهاب إلى عيادة خاصة، وفيها شرحت للطبيبة الحالة وأني منذ أسبوع مضى خضعت لعملية تنظيف، فطلبت عمل تحاليل للدم، وبناء على النتيجة أخبرتني أن كريات الدم الحمراء منخفضة جداً، وأيضا طلبت مني الذهاب إلى مستشفى كبير لأني أحتاج نقل دم.
وفي تاريخ 12/10/2020 ذهبت إلى مستشفى خاص آخر في محافظة القطيف، وهناك طلب الطبيب عمل تحاليل جديدة للدم ولمخزون الحديد، وأخبروني بأن النتائج لن تظهر قبل 3 أيام.
عدت إلى المنزل، وفي اليومين التاليين اشتدت الآلام ولم أعد أحتملها، وفي الوقت نفسه ما عدت أعرف أين أذهب وإلى أي مستشفى. أتنقل بين المستشفيات ولا نتيجة غير أن الألم يزداد.
الألم لا يرحم
كانت رغبة الخلاص من الألم أكبر من حيرتي، وللمرة (اللا أدري) ذهبت لمجمع العيادات الخاصة الذي ذهبت إليه بتاريخ 29/9/2020، وعند الطبيب العام هذه المرة.. وأعدت حكاية الألم مرة أخرى من بدايتها، وبعد الفحص العادي، أخبرني بأن انتفاخ البطن غير طبيعي، وسألني إن كنت أجريت فحص سونار بعد العملية، وأجبته بالنفي، فطلب فحص السونار بشكل عاجل، وبعد السونار الخارجي قال: طبيعي أن تقل نسبة كريات الدم الحمراء وأن تشعري بالضعف والدوخة حيث إن السونار يُظهر أن عندك نزيفاً داخلياً في الرحم، وربما بقايا طفل، والرحم غير نظيف تماما، وطلب مني أن أرجع إلى المستشفى الذي أجريت فيه عملية التنظيف، كي يصححوا الخطأ الذي وقعوا فيه، وأخضع عملية تنظيف أخرى.
ورغم أن المحيطين بي نصحوني بأن لا أعود لنفس المستشفى، إلا أني كلمت قسم الشكاوى وأخبرتهم عما ما قاله الطبيب وحاجتي لإجراء عملية ثانية، وبعد ذكر كثير من التفاصيل أكدت لي محدثتي أنهم سيستقبلوني وأنه جاري تجهيز الملف، إلا أنه حين وصولي دخلت في دوامة التأمين وتكلفة العملية، دون الاهتمام بالحالة التي وصلت إليها.
قابلت المدير وأبدى أنه غير مطمئن لكلام طبيب مجمع العيادات الخاص وما قاله من أن عندي نزيفاً وأن بقايا الطفل مازالت موجودة في الرحم، وقال إنه لا بد من الفحص للتأكد، فربما كان ما وجده الطبيب شيئاً جديداً حدث بعد العملية.
فحص جديد
مرة أخرى خضعت لفحص السونار المهبلي، وكانت نتائجه صادمة ليست للمستشفى الذي حاول أن يقول إن كل شي على ما يرام، بل حتى لي، فقد قالت الأخصائية أن عندي طفلاً آخر على قناة فالوب، وكتلة دم كبيرة قياس 55×75ملم.
وبعد هذه الصدمة.. وضعني الطبيب أمام خيارين إما أن أخضع لعملية قيصرية وتكلفتها قرابة 7000 ريال أو عملية منظار وهي التكلفة الأعلى؛ حيث تصل إلى حوالي 12 ألف ريال، مع توصية منه بأن المنظار أفضل وأسهل، وهنا عدنا لدوامة التأمين وتكلفة العلاج من جديد، عندها أصررت على أخذ حقي وأني لن أدفع هللة واحدة، وأن على المستشفى تحمل نتائج خطأ موظفيه، وبعد نقاش طويل وافق المستشفى على أن يتحمل الجزء المطلوب مني بعد رفع أوراقي للتأمين، وتبعا لتوصية الطبيب فقد اخترت الخضوع لعملية المنظار.
عملية أخرى
حُدد وقت العملية ومدتها، وفي اليوم التالي دخلت غرفة العمليات في الـ 12 ظهراً، وكان مقرراً أن تستغرق العملية ساعة واحدة، وقبل انقضاء الساعة خرج الطبيب لأمي وطلب منها التوقيع على أوراق من أجل إجراء عملية قيصرية ضرورية؛ حيث إن عملية المنظار لم تنجح في إزالة الكتلة الدموية، إذ إنها كانت ملتصقة بقناة فالوب والأمعاء أيضاً، واحتمال الاضرار بالأمعاء كان وارداً جدا في حال استخدام المنظار. وافقت أمي على العملية، ولم أدر عما حدث إلا بعد إفاقتي.
اعتذار
جاءني الطبيب بعد ذلك واعتذر مني إذ لم يتمكنوا من إتمام عملية المنظار وشرح لي أسباب ذلك.
ثم جاءتني الطبيبة التي أجرت لي عملية التنظيف الأولى، ورفضت مقابلتها لظني أنها هي المسؤولة عن كل ما أنا فيه، إلا أنها وبعد مغادرتها غرفتي بعثت لي بطبيبة أخرى حاولت أن تفهمني أنها لم تعلم بوجود طفل آخر، وأنها أجرت لي عملية التنظيف كما هو مطلوب منها فقط.
أخيراً..
وبعد كل هذه التفاصيل التي عشتها لحظة بلحظة وألم يجر ألماً.
أتمنى أن يحاسب كل مقصر على تقصيره وتهاونه، وهنا أخص أخصائي السونار الذي أجرى لي الفحص الأول في المستشفى، الذي أنهى الفحص في أقل من 5 دقائق، وهو ما كلفني إجراء 3 عمليات بدل واحدة بالإضافة إلى الكثير من الألم والخوف والمعاناة.
ملخص القصة:
- 29/9/2020: مراجعة مجمع العيادات الخاصة.
- التقرير الطبي: إجهاض منذر
- حمل خارج الرحم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
- التوصية: مراجعة مستشفى كبير.
- 29/92020: مراجعة مستشفى خاص بالقطيف.
- التقرير الطبي: وجود بقايا كيس الحمل داخل الرحم.
- لا توجد كتل أو تكيسات في ملحقات الرحم أو خلفه.
- 30/9/2020: إجراء عملية التنظيف.
- 14/10/2020: مراجعة مجمع العيادات الخاصة.
- التقرير الطبي: وجود تجمع دموي متوسط في الحوض.
- التوصية: مراجعة المستشفى الذي أجرى العمليةللنظر في معطيات الحالة.
- 15/10/2020: العودة إلى المستشفى الخاص نفسه.
- التقرير الطبي: حمل خارج الرحم على قناة فالوب.
- كتلة دموية كبيرة قياس 55×75ملم.
- إجراء عملية منظار فاشلة،.
- إجراء عملية قيصرية ناجحة.