3 أشقاء صُم يمنحون رحمة شهادة مُعتمدة في لغة الإشارة "آخر العنقود" أصبحت لسان أخوتها ووسيلتهم للتواصل مع والديهم والمجتمع
القطيف: ليلى العوامي
رغم أن رحمة مكي آل ربيع، تحمل صفة “آخر العنقود” بعد أربعة أخوة، إلا أنها لم تنعم بمزايا هذه الصفة من الدلال والدلع، ليس لسبب سوى أنها ولدت سليمة وطبيعية لأخوة مصابين بأمراض تتنوع بين “الصم والبكم ومتلازمة داون”.
رحمة، ومنذ وقت مبكر، استشعرت المسؤولية المُلقاة على عاتقها تجاه اخوانها، فقررت أن تقوم بدور “وسيلة الاتصال” بينهم من جانب، والمجتمع من جانب آخر. أوصلها هذا الدور لتصبح متمرسة في لغة الإشارة، ثم مُدربة مُعتمدة من الاتحاد العربي للصم، وهو ما عزز نشاطها في العمل التطوعي في مجتمعها؛ القطيف.
سؤال يتكرر
تقول رحمة “منذ أن وعيت على هذه الدنيا، وأنا أعيش مع أخوة من الصم، علموني خطوة خطوة كيف أتعامل وأتفاهم معهم، وكيف أكون لسانهم الذي يتحدث، حتى تعلمت كل شيء يخص هذه الفئة”.
أنهت رحمة دراستها الثانوية، والتحقت في معهد التنمية العربي في الدمام، وحصلت على دبلوم تمريض وتوظفت في مستشفى الولادة والاطفال بالدمام. لكن مشاعر الأخت الصغرى أصبحت أكثر قوةً من أي وقت مضى تجاه أشقائها الأربعة، فهي مُحبة لهم، تستشعر المسؤولية الكبرى نحوهم.
تقول “كبرت ودخلت المدرسة، كان الناس يتفاجأون حينما يعرفون بأن لدي أشقاء من فئة الصم والبكم، ثم يتبعون استغرابهم بسؤال يتكرر كثيراً: كيف أخوانك هكذا، بينما أنت تسمعين وتكلمين؟”.
تتحدث رحمة عن أخواتها الأربعة “أخي محسن درس في معهد الأمل في القطيف وعمره الآن 33 عاماً، وهو متزوج من امرأة وديعة من فئة الصم أيضاً، ولديه ريم، وهي سليمة والحمد الله، وهو يعمل في مستودع تابع لأحد مراكز التسوق المشهورة، ويحب كرة القدم، ويلعبها”.
عاطف في العقد الرابع، درس في معهد الأمل في الأحساء، لم يتزوج بعد، إذ أن لديه ظروفاً خاصة. وأختها زهراء أربعينية، درست في معهد الأمل في الأحساء، متزوجة من فئة الصم، ولديها من الأبناء: سارة وريان، وهما معافان، مضيفة “كانت زهراء تسمع وتتكلم وهي طفلة، ولكن بسبب عملية جراحية تخللها خطأ طبي، فقدت حاسة السمع، وحالياً تستخدم سماعة، وفي السابق كانت تعمل في أحد مصانع الدمام، لكنها تركت العمل لتصبح ربة بيت ماهرة، تعشق الطبخ، وأختي الأخيرة نادرة من فئة متلازمة داون”.
عن يوميات أخوتها، تقول رحمة “عاشوا شبه منغلقين على أنفسهم، من المدرسة أو الدوام، للبيت والعكس، واذا أرادوا الخروج من المنزل؛ فبرفقة أشخاص من الفئة نفسها، لأنهم يفضلون أشخاصاً يشبهونهم صحيا، حتى يستطيعوا التواصل معهم”.
تتطرق إلى دور الوالدين في حياة الأبناء “كان لهما الفضل بعد الله في تعليمهم، إذا ألحقوهم في مدارس خاصة بفئة الصم في الأحساء والدمام”. تكمل “رغم السنوات الطويلة، لم يتعلم الوالدان لغة الإشارة، فأمي ستينية، وهي ربة منزل، وأبي سبعيني متقاعد، وكنت أقوم بدور الوسيط بين والديّ وأخوتي عند التخاطب”.
المسؤولية الكبرى
تكشف رحمة عن ملامح المسؤولية اتجاه أشقائها “لأن أخواني من فئة الصم، وأنا سليمة، لهذا استشعر المسؤولية، فأنا أقوم بالترجمة لهم مع المجتمع، حتى يستطيعوا التواصل مع الآخرين، ومن أجل ذلك؛ التحقت في دورات لغة الإشارة، وكان غالبيتها غير معتمدة، إلى أن التحقت في دبلوم لغة الإشارة، وحصلت عليه”.
تملك الآن خبرة كافية، تمتد 30 عاماً في التعامل بلغة الإشارة، تعزوها إلى “ارتباطي المستمر بأخوتي، فلا أفارقهم على مدار اليوم، وأبذل جهدي لمساعدتهم. وهذا كان كفيلاً بأن أكون قادرة على دراسة الدبلوم والحصول على اعتماد رسمي”.
تكشف رحمة أيضاً عن قصة الاعتماد الذي حصلت عليه من الاتحاد العربي للصم “شاء الله أن التقي فريق همة، الذي حقق حلمي، وهو فريقي التطوعي حالياً، والتقيت أحد مسؤوليه؛ سجاد الحلال، ونصحني بأن أتقدم إلى الاتحاد، والحمد الله استعنت بخبرتي مع أخوتي، في الاختبار الذي حدده لي الاتحاد عبر تقنية الفيديو، وبعدها منحني الاعتماد الرسمي، وأصبحت معه مترجمة معتمدة”.
اقرأ أيضاً: