السيد حمزة الماجد مدير مدرسة ومحام “بلمسة أخلاقية” شاعر فتح بيته لتقوية طلاب التوبي ورحل قبل شهر مخلفاً إرثاً من "السيرة الحسنة"
القطيف: ليلى العوامي
أديب، شاعر، معلم، قائد تربوي، محامي، خمس مِهن أتقنها الحاج السيد حمزة السيد مجيد رضي الماجد، ذاب عشقاً في لغة الضاد حتى طوعها على هواه، ظل متمسكاً برسالة العلم التي آمن بها وجاهد ليوصلها لغيره؛ ليكون في نظر من حوله “مثالًا يُحتذى به؛ معلماً وأديباً”.
أمس (الأربعاء)، مر شهر على وفاة أبو السيد عدنان، عن عمر ناهز 77 عاماً.
كان كل شيء
رغم صعوبة العيش، وعدم توافر وسائل المواصلات؛ إلا أن الماجد أصر على الالتحاق في معهد إعداد المعلمين، ثم المركز التكميلي بالرياض، في نفس الوقت كان يذهب لمساعدة والده في الظهران، كرَّس جهده لتعلم اللغة العربية ذاتياً، حتى تمكن منها، فكتب قصائد مُقفاة في مدح ورثاء آل البيت عليهم السلام.
مع ابنه أحمد وآخرين خلال رحلة مدرسية.
يحفظ السيد أحمد ابن الراحل، تاريخ والده عن ظهر قلب، كأنه يستعيد كل اللحظات التي عاشها معه، ليروي قصته لـ”صُبرة”، قائلًا “ولد أبي عام 1943، في حي الدبابية، انتقل مع والده بعدها للعيش في منطقة البحر، حصل على دبلوم اللغة العربية من جامعة الملك سعود في الرياض، ثم اصطحب زوجته معه إلى العاصمة”.
يلفت أحمد إلى أن أباه جمع بين المحاماة والتدريس “كان يعمل محامياً إلى جانب مهنته الأساسية، مديراً للمدرسة، وقد انصب تركيزه بعد تقاعده على المحاماة وتطوير أوقاف العائلة”.
بينمّا يتذكر السيد مُوَّفق، أبيه في أيامه الأخيرة، قائلًا “عانى من شعور عميق بالحزن، إثر إصابته بالشلل النصفي، جراء نزف دماغي، منعه من التحدث بوضوح مع الآخرين”.
موفق الماجد
مدير يتجاوز التقليدية
كسر الماجد رتابة الإدارة ونموذج المدير التقليدي، فارتفعت رتبة معلمي مدرسة التوبي الابتدائية، من زملاء عمل إلى أخوة وأصدقاء، وطاولت هذه الروح الطلاب الذين عاملهم أبناء له، احتضنهم في بيته لتلقي دروس تقوية، بعد ساعات الدوام المدرسي، ومن دون مقابل.
عامل الطلاب أبناء والمعلمين أخوة وأصدقاء.
أكثر من 10 سنوات في مدرسة التوبي، كفيلة بأن تجعل السيد هاشم الخباز، يعرف الماجد عن قرب، “كان يطبق الأنظمة الإدارية بلمسة أخلاقية، ومن دون صراع داخلي”.
امتلك روحاً هادئة ومرنة في تنفيذ القوانين، هكذا وصفه الخباز، متذكراً “معلم وفد من مدينة الطائف، لم يكن يعرف طبيعة المنطقة المذهبية، استفزته عبارات سمعها من طلاب، أراد تطبيق عقوبة عليهم، ما استفز الأهالي، وكادت أن تحصل فتنة، لكن الماجد تدارك الموقف سريعاً، وعالج الأمور”، بحسب ما يروي الخباز.
بلسانٍ فصيح مُستند إلى قراءة أدبية مُعمقة؛ مفعمة بالنحو والبلاغة، كانت مسامع طلاب مدرسة التوبي الابتدائية، تتشنف شعر مديرهم، في المناسبات الدينية والاجتماعية، فضلًا عن المناظرات الفكرية التي كان يقيمها الماجد خلال فترة إدارته المدرسة.
أسس صندوقاً خيرياً لتأمين احتياجات الطلاب.
تأسيس صندوق خيري
أسس مدير مدرسة التوبي آنذاك، صندوقاً خيرياً للطلاب المحتاجين؛ لتأمين ملابسهم واحتياجاتهم الأخرى. استمر الصندوق لسنوات. ورغم توقفه اليوم؛ إلا أحداً منهم لا ينساه.
وفيمّا كان السيد إبراهيم المشقاب يتنقل من مدرسة لأخرى، صادف السيد حمزة، بعد حركة نقل مديري المدارس خلال عامي 1996 إلى 1997، يقول “نُقل السيد إلى مدرسة ابن بطوطة الابتدائية في أم الحمام، ونُقلت إلى مدرسة سهل بن حنيف الابتدائية في الخويلدية، أصبحنا نلتقي يومياً من دون انقطاع، وتوطدت علاقتي به ومن بعدها التقينا في المنزل، أو في مجالس المعارف والأصدقاء، وكذلك في رحلات داخلية، وأسفار خارج البلاد”.
سلوك الماجد لفت انتباه المشقاب؛ الذي يصفه بـ”المتسامح الطيب”، قائلاً “كان يحترم زملائه ويشاركهم الرأي والمشورة، يقبل الاقتراحات ووجهات النظر، ولا ينفر من المناقشة”.
بروح أبوية تعامل مع الطلاب.
لم يغب يوماً
شعور بالحسرة والانكسار لفقدان صديق وزميل تنقل معه، هكذا يعاني أحمد المرزوق من فقدان الماجد، 20 سنة جمعت بين الثنائي، مازال يتذكر صوته “16 سنة في مدرسة التوبي، و4 أخرى في مدرسة إبن بطوطة الابتدائية بأم الحمام”.
يضيف “جميع السنوات التي قضيتها معه لم يغب يوماً عن عمله؛ الذي كان يعتبره واجباً دينياً”.
يتذكر المرزوق سنوات عملهما في مبان مستأجرة، في وقتٍ لم يتوافر فيه مرشد طلابي، أو جهاز كمبيوتر، وبإمكانات قليلة؛ استطاع المدير ووكيله الماجد اجتياز تجربة مدرسة الأحنف بن قيس في التوبي، “من دون حدوث مشاكل”، على حد قوله.
مع وكيل المدرسة أحمد المرزوق.
“المتمرد” لاعب “الزنجفة”
حمزة المتمرد من وجهة نظر ابن عمه، حسين الماجد، “كان يساعد والده في دكانه بالظهران، ولكنه تمرد على وضعه حين شاهد الأولاد يذهبون إلى المدارس، سجل اسمه في المدرسة ونجح؛ فالتحق في معهد المعلمين ونجح فيه أيضاً، واصل نجاحه بالالتحاق في بعض الدورات، تدرج في مهنته من معلم إلى إداري، حتى أصبح مديراً لسنين طويلة، وامتلك مهارات في صياغة الخطابات الموجهة للجهات الرسمية، كما كانت له محاولات شعرية”.
السيد مؤيد الماجد.
جمعت “الزنجفة” بين السيدين مؤيد وحمزة الماجد، يستعيد الأول ذكريات مرحلة الشباب في نهاية حقبة الستينيات وبداية السبعينيات، قائلاً “كنا مجموعة من الأقارب والأصدقاء، نلتقي في العادة كل خميس أسبوعياً في سوق الخميس، ثم نذهب جميعاً إلى منزل حمزة في ديرتنا الدبابية، نلعب الزنجفة”.
من العاشرة صباحاً حتى أذان الظهر، حينها تنتهي المجموعة من اللعب، أضاف مؤيد، الذي يتذكر كل التفاصيل، رغم مرور السنوات “كانت هذه الجلسات قبل انتقال سكن المرحوم من مسقط رأسه الدبابية إلى الحالي في حي البحر بالقرب من حسينية السنان”. وضع مؤيد ثقته بقريبه الماجد، ليتولى الأخير إدارة أوقاف العائلة في العام 2010.
السيد محسن الماجد.
الأب الروحي لعائلته
“قلب حنون، عاطفة جياشة، عفيف النفس وكريم اليد”، هكذا وصف السيد محسن عمه، مؤكداً اهتمامه بصلة الرحم، رغم آلام جسده، يقول “ذات يوم زارني عمي قادماً من منزله مشياً، رغم تعبه آنذاك” هذا الموقف ليس الوحيد الذي يدل على اهتمام الماجد بعائلته، يروي محسن أيضاً “سمع ذات يوم بأقارب له من جهة والدته في العوامية، فذهب يسأل عنهم ويتعرف عليهم”.
ودَّع أصدقاء السيد حمزة، جثمانه الشهر الماضي، تاركاً لأقاربه وأصدقائه إرثاً لا يتكرر من حسن السيرة.
مع الشيخ عبدالحميد الخطي (يرحمهما الله)
الصور من أرشيف عائلة الراحل.
رحمك الله ابن عمي و ابن خالتي و استاذي رحمة الابرار و حشرك مع اجدادك محمد وآله الاطهار و اسكنك فسيح جناته.
تغمده الله بواسع رحمته واسكنه فسيح جنته وحشره محمد وآله
أنا من طلابي التوبي الإبتدائية فترة ادارته وكان يحرص على نصحنا إثناء دخوله لنا الفصل.
إلى روح وريحان وجنة نعيم مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً ????