سعيد الحكيم الذي ملأ البحر رئتيه طوال 40 عاماً.. غادر الدنيا من البحر شقيقه محمد: صاحب القارب الآخر في الحادثة بمثابة آخ لنا
"صُبرة" تجمع شهادات صيادين ودلالين عرفوا الفقيد طوال 4 عقود
سيهات: شذى المرزوق
فيما تتواصل التحقيقات حول الحادثة البحرية التي وقعت مساء أمس (الخميس) بمحاذاة رأس تنورة، وأودت بحياة الصياد سعيد الحكيم، تأرجح تسليم جثمانه إلى ذويه لحين استكمال التحقيقات، أو تسليمها واستكماله فيما بعد.
هذا ما قاله شقيقه، محمد الحكيم لـ”صبرة”، وأضاف “أن مجرى التحقيق الذي استمر طوال اليوم، ومازال حتى هذه اللحظة، قد تسبب في تأخير استلام جثة الراحل، وإكمال مراسم الجنازة”.
وأضاف الحكيم “الاصطدام الحاصل قضاء وقدر، وهذا ما كتبه الله لأخي الذي اعتمد على مهنة الصيد مصدر رزق وحيد لعائلته، أما عن مالك القارب الآخر (صالح المشامع)؛ فهو بمثابة الأخ لنا، ولا نستطيع إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون، صبراً على قضاء الله وقدره”.
35 عاماً مع البحر
شهادات عدة جمعتها “صبرة” من صيادين ومتنزهين ودلالين عملوا مع الراحل، أجمعوا فيها على “طيب خلق” الصياد الذي توفاه الله عمر 55 عاماً، بعد أكثر من 40 عاماً عمل خلالها في هذا المجال، ففي البحر ومنه عاش، وفي البحر قضى نحبه مودعاً ابنته الوحيدة: سمر، وابنيه حسن وحسين، تاركاً إرثاً كبيراً من طيب الأثر وحسن الخلق يشهد به كل من عرفه.
جاد.. لكنه مرح
قال عنه عامر فريش (مالك قارب نزهة) في سيهات “عرفته رجلاً محترماً خلوقاً، من البحارين القدامى، عصامي اجتهد في عمله، اشتغل صياداً ومالكاً لقوارب، ودلالاً أيضاً، له هيبته واحترامه في سوق السمك، وعند جماعة الصيادين في المحافظة”.
من الصيد إلى الدلالة
في حين قال عنه حسين آل طالب (بو أحمد)، أحد كبار نواخذة سيهات “الحكيم من العوائل السيهاتية، المعروفة التي عاشت واعتاشت من البحر، وقد عمل سعيد في البحر منذ بداية الثمانينات مصاحباً لأخيه علي، في زمن لم يكن فيه عمال أجانب يدخلون البحر”.
استدرك آل طالب بالقول “لكن المرحوم سعيد ما لبث أن استقل بعمل خاص به في نهاية الثمانينات، بعدما سمح للمقيمين بالعمل في هذا المجال، فطور من نفسه ومن عمله، وبجده واجتهاده أصبح مالك قوارب صيد، وتحت إشرافه عدد من العمال، ومع ذلك أضاف لعمله في الصيد مهنة الدلالة في السوق، فعمل دلالاً في سوق القطيف المركزي، وعاد منذ فترة بسيطة للبحر، ملازماً لعماله في رحلات الصيد التي كان آخرها البارحة، حيث قضى مفارقاً الدنيا”.
أضاف “لم أعرف عنه إلا طيب الخلق وجدية العمل، لم يكن مجاملاً في المزاد، ولا مهادناً، استطاع أن يفرض احترامه وهيبته في السوق، ومع هذا جمع المرح في أسلوبه وشخصيته، ما أكسبه محبة الناس”.
رياضي بأخلاق راقية
حسين البقال، صياد ومالك قوارب في سيهات، قال عن الراحل “الحكيم ذو بنية قوية، رياضي اعتاد ممارسة المشي، وعُرف عنه قوته وهمته العالية، وعصاميته في العمل، ومع ذلك هو يملك قلباً طيباً مرحاً ومحبوباً ومسالم جداً. عمل في الصيد إضافة إلى عمله دلالاً في مؤسسة حسن كفير في سوق القطيف، عرفناه بالمعاملة الطيبة ورقي الخلق”.
لم يؤذ أحداً
أما سعيد محمد كفير، الذي عمل لديه المرحوم الحكيم منذ حوالى 6 سنوات، قال “لم نر منه إلا كل خير، رجل في حاله بكل معنى الكلمة، يؤدي عمله بإتقان، ويمضي في حال سبيله من دون أي مشاحنات مع أحد، بل كان مسالماً ودوداً طيب المعشر”.
عيسى سعيد دلال زامل الحكيم، وقال عنه “كنا نقضي قرابة الساعتين قبل صلاة فجر كل يوم من شهر رمضان الماضي، هذا عدا لقاءاتنا فجراً في المزاد في الأيام العادية قبل أن ينقطع في الآونة الأخيرة. وكان آخر عهدي به قبل حوالى 3 أسابيع. لم يكن بالرجل الذي يعادي أحداً، بل كان على نيته، صاحب قلب طيب هادئ، لين المعاملة، مجتهد في عمله رحمه الله”.
تفان واحترام
لم يكن ميثم المحروس الدلال في سوق القطيف، قريباً من الراحل إلى حد كبير، لكنه كان دائماً حاضراً في فجريات المزاد، قال “كنت اتابع نشاطه وعمله المتفاني، لم يكن إلا رجل خير، طيباً محترماً”.
تأثر بوفاته أحد صيادي مدينة الدمام بدر الحول (بو نايف)، الذي عرف سعيد الحكيم منذ 30 عاماً، وأرسل معزياً “مجموعة نواخذة الخليج”، التي تجمع صيادي المنطقة، كتب الحول “سعيد وهو أسعد الناس في حياته لنفسه ولمن حوله”، مستشهداً بمواقفه الطيبة معهم في معاملاته بسوق السمك، منذ ما يقارب 30 سنة، حيث كان يعمل في سوق سمك سيهات ثم القطيف.
بين أحضان البحر
في حين رفع منصور آل مدن (بونادر)، أحد مشرفي ومؤسسي “مجموعة نواخذة الخليج” تعزيته في المرحوم، قائلاً “بقلوب مطمئنة ومؤمنة بقضاء الله وقدره؛ تعزي مجموعة نواخذة الخليج أسرة المغفور له الحاج سعيد حسن علي الحكيم، من أهالي مدينة سيهات، الذي ملأ البحر قلبه، فامتهن حرفة الصيد منذ عقود مع أخيه علي، وكان له نصيباً في مهنة الدلالة في سوق سيهات للأسماك وتطور بانتقاله محترفاً للدلالة إلى أكبر سوق في المنطقة، وهو سوق القطيف، إضافة إلى مهنة الصيد، أي الابحار والإشراف على قارب الصيد، واليوم ودع محبيه بين أحضان البحر الذي ملأ قلبه، وكان مصدر رزقه. نسأل المولى القدير أن يغفر له ويتغمده بواسع جنته”.
وفي السياق ذاته؛ قالت “مجموعة الملتقى البحري للصيادين والنزاهين في القطيف”، ممثلة في المشرف عليها تيسير المطرود، “رجل عاش في البحر، وإلى البحر، ومن البحر، طوال 40 عاماً، قضى في البحر (رحمة الله عليه) لا صنعة له سواه، وما خرج من الدنيا الا والجميع يُثني عليه، وله من الذكر الجميل الكثير، رحمه الله وتغمده بواسع برحمته وأسكنه فسيح جنته”.
اقرأ أيضاً: