جميل الجشي.. عبر الدهناء بثلاث حقائب.. الإدارة.. والشورى.. والدبلوماسية بدأ من أرامكو.. وأسهم في بناء الهيئة الملكية وأخلص لوطنه في الداخل والخارج
عدنان السيد محمد العوامي
عابر الدهناء
الدكتور جميل عبد الله الجشي
تعلَّمت الصمت من الثرثار، والتساهل من المتعصب، واللطف من الغليظ.
جبران خليل جبران
ملأى السنابل تنحني بتواضعٍ
والفارغات رؤوسهن شوامخ
عبد الله جرجس القبطي
ما إن ضمَّني إليه مجلسٌ أو نديٌّ إلا وعنَّت لي هذه الأقوال، ومعها قول العباس بن مرداس:
ترى الرجلَ النحيف فتزدريه
وفي أثوابه أسدٌ هصور
ويعجبك الطرير فتبتليه
فيخلف ظنَّك الرجلُ الطرير
فَما عِظَمُ الرِجالِ لَهُم بِفَخرٍ
وَلَكِن فَخرُهُم كَرَمٌ وَخِيرُ
أذكر هذه الأبيات لتوهُّم قائلها في جملة من معانيها، أولها (يخلف ظنك الرجل الطرير)، فجميل لا يخلف ظنَّك، وهو طريرٌ، بهيٌّ الطلعة، ونحيف، لكنَّه ليس هصورًا، بل سمحًا دمثًا، نحافته رشاقة محببة، والناس لا تزدريه، بل تجلُّه أيما إجلال، وبالجملة هو اسمٌ على مسمَّى.
بمعية وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله، في زيارته لإيران
ليس بشاعر، ولكنَّ له ذائقة تزري بجلة متذوِّقي الشعر والأدب. تصفح كتابه (بين الشوطين)، تجده قد تخيَّر لك خِيرة الحِكَم التي اقتفاها مسلكًا، فأحسن الاقتفاء. في حياته العملية اتَّخذ من الماء قدوة، فهو يأسن بالتوقف ويكدُر، وبالجريان يصفو ويعذب. لكن العجب تمثُّله بقول جورج جرداق: (والعصافير تهجر الأوكارا)، وهو أبعد منه بعد الثريَّا من الثرى، فالقصيدة راشحة بالتشاؤم، في كل فواصلها، فالشطر الآنف يتبعه:
وديارٌ كانت قديمًا ديارا
سترانا، كما نراها، قِفارا
إلى آخر القصيدة، فهل يراها كذلك؟ كلاَّ. عرفته متفائلاً، جَلْدًا، لا تهزه العواصف، لكنه أراد من هجرة العصفور عشَّه، لطلب العيش له ولفراخه، لا هجرة قطيعة وفراق، وشبيه بهذا (ومررت بالدهناء) عنوان مقالة اتخذ منها عنوانًا لكتاب عن سيرته الحافلة بالعرق اللذيذ، ذي العطاء الجزل الوفير. هذا أيضًا تخير من أول البيتين:
يمرون بالدهنا خفافًا عيابهم
ويرجعن من دارين بجر الحقائب
فسلك الدهناء حيث الوعورة والوحشة سبيلا لوفرة العطاء والنماء، وترك دارين المسك، واللؤلؤ، وتاروت التمر والسلوق، مولِّيًا وجهه شطر الصعاب يتقحّمُها، والمشاقِّ يتجشَّمُها، يستمرئ مرارة الغربة، وجشوبة عيشها، لينشغل بتشييد الشواهق الخالدة في الجبيل وأخواتها، وفي الصحة وبناتها، والدبلوماسية، وقريناتها، خدمة لوطنٍ (تعشقه حتى اكتوى وتعذبا) ولسان حاله يردد قول جمل السلمية:
أَلَم تَعلمي يا دارُ ملحأَ إنّه
إِذا أَجدبَت أَو كانَ خصبًا جنابُها.
أَحبّ بلادِ اللَّه ما بين منعجٍ
إِليّ وَسلمى أَن يَصوب سحابُها
بِلادٌ بها نيطت عليَّ تَمائمي
وَأوّل أرضٍ مسَّ جِسمي تُرابها
لدى تسليم أوراق اعتماده سفيراً في طهران للرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي
أسرته
ليس الهدفُ من هذه الفقرة التأريخَ لأسرة الجشي النبيلة، فهذا يستلزم تتبُّعَ جذورها وفروعها ومواضع استيطانها، استقرارًا وهجرات، إلى غير ذلك من مستلزمات التأريخ، وهذا ليس مكانه، ولاسيما أنه تكفَّل به في ما كتب، وخصوصًا (كتابه تراث الأجداد)([1])؛ بيد أني لحظت عليها سماتٍ ترك ميسمُها آثارًا مشرقة في حياته؛ فكرًا ومسلكًا، وعلمًا، فأسرته فروعها منتشرة على طول الساحل الغربي للخليج من الكويت إلى عُمان، فالعراق والشام حتى أقاصي فلسطين، وأثر سمة الانتشار هذه نلحظه في تعشقه التنقل متمثلاً جدَّه ابن المقرب، المولود بالأحساء، والمتوَفَّى بعمان:
أُمَيمُ لا تُنكِري حِلّي وَمُرتَحَلي
إِنَّ الفَتىٰ لَم يَزَل كَلّاً عَلى الإِبِلِ
وَسائِلي وارِدَ الرُكْبانِ عَن خَبَري
يُنبيكِ أَنّيَ عَينُ الماجِدِ البَطَلِ
لا أَشرَبُ الماءَ ما لَم يَصفُ مَورِدُهُ
وَلا أَقولُ لِمُعوَجِّ الوِصالِ صِلِ
تُكَلِّفِيني مُقاماً بَينَ أَظهُرِكُم
وَلَيسَ يَبدُو فِرِندُ السَيفِ في الخِلَلِ
وَفي التَنَقُّلِ عِزٌّ لِلفَتى وَعُلاً
لَم يَكمُلِ البَدرُ لَولا كَثرَةُ النَقلِ
وَالمَندَلُ الرَطبُ في أَوطانِهِ حَطَبٌ
وَقَد يُقوَّمُ في الأَسفارِ بِالجُملِ([2])
وأما السمات العلمية، فمنها تخرج علماء أفذاذ منهم الشيخ عبد العزيز بن مهدي الجشي، والشيخ محمد علي بن مسعود بن سليمان الجشي، والشيخ علي بن حسن الجشي، والشيخ باقر بن منصور الجشي، والشيخ منصور بن سلمان الجشي، والشيخ محمد علي بن أحمد الجشي، ومن الشعراء الحاج منصور بن محمد علي الجشي، وعبد الله الشيخ علي الجشي، أبو قطيف، ومحمد سعيد بن أحمد الجشي، وغني عن البيان أن العلماء المذكورين آنفًا هم شعراءُ أيضًا، كذلك أنجبت رجالا وازنين في الوجاهة والثروة والعقار والتجارة وبالذات تجارة اللؤلؤ (الطواشة). وفي الإدارة كالأستاذ حسن بن صالح الجشي، وفي البحرين أنجبت الأديب الأستاذ حسن جواد الجشي، وابنته عواطف وأخوه الدكتور جميل جواد، وأخته بهية جواد، وهؤلاء جميعًا مع ما هم عليه من ثروة وجاه تجمعهم سمة التواضع التي افتتحت بها هذه المقالة، وهي أبرز صفات أبي سمير.
مع وزير التجارة السعودي ونظيره الإيراني
شيء من سيرته
الاسم: جميل بن عبد الله بن منصور بن محمد علي الجشي، ولد بجزيرة تاروت يوم الجمعة 20 رجب 1359هـ، وفيها تعلم القرآن الكريم ومبادئ الكتابة والقراءة على المعلم صالح الصفار، ثم التحق بمدرسة القطيف الابتدائية عند افتتاحها عام 1369هـ([3])،
وحين تأسست مدرسة في تاروت سنة 1373هـ انتقل إليها، واصل دراسته فيها متنقلاً بينها وبين مدرسة القطيف حتى أتم الابتدائية، وفي مدرسة القطيف المتوسطة نال شهادتها المتوسطة، أما الجامعية فمن ليهاي بنسلفانيا بكالوريوس الهندسة الصناعية، ومن بتسبرج ماجستير الهندسة الصناعية، أيضًا، ومن ستانفرد دكتوراه في الهندسة الصناعية كذلك، ومن بتسبرج التخصص الرئيسي: هندسة نظم الإدارة، وبحوث العمليات، وتخصص ثانوي: تنمية اقتصادية، وموضوع الرسالة (اختيار المشروعات الصناعية).
تلك كانت نبذة موجزة من سيرة حافلة لا تسعها هذه المقالة، فيها الخبرة العملية من إدارية مباشرة كتوليه منصب سفير المملكة في طهران، ووكيل وزارة بوزارة الصحة، ونائب محافظ المؤسسة العامة للكهرباء، ومدير عام مشروع الجبيل في الهيئة الملكية للجبيل وينبع، ومدير عام إدارة التقويم والمتابعة في الصندوق السعودي للتنمية، عدة مناصب في مركز الأبحاث والتنمية الصناعية، ناهيك عن العضوية في مجالس إدارات لثلاث عشرة مؤسسة وشركة كبيرة.
مع المحلق العسكري السعودي في طهران
جوائز حظِيَتْ به
جائزة الخريجين المتميزين، جامعة بتسبرج، 1980م.
مؤلفاته:
- دليل الإجراءات، 1983م.
- التقنية الإدارية ومشاريع التنمية. 1983م.
- بين الشوطين. 1995م.
- ومررت بالدهناء. 1998م.
- معًا في خدمة الوطن، 2004م.
- المشروع الصناعي، 2004م.
- زرعوا فحصدنا. 2005م.
- في التنمية والإدارة، 2005م.
- زرع الطموح، 2005م.
- Management & Development, 2004([4]).
- تراث الأجداد 2007.
شهادات
يجد المنتجِعُ كثيرًا من الشهادات عن سيرته وجهوده لا يتسع المجال لعرضها، فأكتفي منها بما يتسع المقام له:
شهادة الأستاذ عبد أحمد الشباط([6])
في عام 1420هـ تفضل الدكتور جميل عبدالله الجشي بإهدائي نسخة من كتابه الموسوم بـ(ومررت بالدهناء) ولكثرة ما يتراكم من الكتب والمطبوعات الدورية والشهرية وضعت الكتاب حتى أجد الفرصة المناسبة لمطالعته، والاستفادة مما فيه، لغة أو علما، أو أسلوبا، ثم تقادم العهد بالكتاب دون أن تتاح لي فرصة قراءته، وكاد أن يطويَه النسيان من ذاكرتي لولا أن الدكتور جزاه الله خيرًا ، في هذا العام 1427هـ تفضل بزيارتي في مكتبي وأهداني مجموعة من مؤلفاته تدور مواضيعها حول الإدارة ما عدا كتاب واحد لفت نظري عنوانه هو (زرعوا فحصدنا)، فقررت الوقوف على بعض ما فيه، إلا أنني فضلت البدء بمطالعة الكتاب الأول (ومررت بالدهناء)، وهو يتناول بعض جوانب السيرة الذاتية للدكتور الجشي، حيث أشار في المقدمة إلى موضوع الكتاب بقوله: (لا يمكن اعتباره مذكرات وإن كان لا يخلو من بعضها، وليس دروسًا موجهة لأحد، وإن كانت الحكمة ضالة المؤمن، وليس كتابًا تاريخيًّا وإن كان لا يخلو من بعض الإشارات التاريخية، ولكن الكتاب في النهاية حديث من القلب.). هكذا أشار المؤلف إلى أنه قد أودع في صفحات ذلك الكتاب بعض نبضات قلبه التي تدق عند المرور بكل حدث مفرح أو محزن يتعرض له الكاتب، فهو ينقل بعض المشاعر الإنسانية، ويترجمها، ثم يبرزها صورا يتملى القارئ جوانبها الرقيقة الناعمة حينًا، والقاسية في بعض الأحيان، فإن هذه الذكريات التي بدأت مع الدكتور من ساعة ميلاده بجزيرة تاروت يوم الجمعة 20 رجب عام 1359هـ ثم يأخذك الى مطالعة شيء من تاريخ جزيرة تاروت وموقعها وطبيعتها، وحياة سكانها، ثم يعقب ذلك بشيء من أدوار طفولته ودراسته في (الكتاب) فلما تم افتتاح المدرسة الأميرية بالقطيف عام 1369هـ (مع انه كان المفروض فتحها عام 1357هـ)([7]) التحق بها حيث يجد مأوى في بيت عمته المقيمة بالقطيف، لكنه لم ترق له الدراسة في تلك المدرسة التي تقيد حركاته، فترك المدرسة واتجه الى عمه الذي يعمل في شركة أرامكو بالظهران، وهو الذي سعى لالتحاقه بالمدرسة التي أسستها أرامكو لأبناء موظفيها، حيث قضى وقتا يتعلم بتلك المدرسة، ويساعد عمه في تجارة الملابس والعطور إلى أن فتحت المدرسة الابتدائية في تاروت عام 1373هـ، فعاد إلى تاروت لمواصلة الدراسة بها إلا أنه ما أن أنهى الصف الرابع حتى رحل إلى القطيف والتحق بمدرستها عام 1375هـ بعد أن انتقل والده إلى القطيف، ثم يقدم صورا مختصرة عن القطيف وحياة السكان، وفي هذه المدرسة عرف الصحافة المدرسية، والمسابقات الأدبية والرحلات إلى المدارس الأخرى في الدمام والجبيل وغيرها، وما أن حصل على الشهادة الابتدائية حتى جد جده لاجتياز المرحلة المتوسطة حيث نجح هو وبعض زملائه من هذه المرحلة عام 1378هـ، والتحق بالعمل لدى شركة ارامكو مما أتاح له فرصة الدراسة لمدة ست ساعات من العمل، وبعد نجاحه ابتعث إلى لبنان، ومنها الى بتسبرج بالولايات المتحدة للحصول على البكالوريوس للمرة الأولى عام 1382هـ ومنها إلى جامعة ليهاي في بيت لحم بولاية بنسلفانيا لدراسة (الهندسة الصناعية)، ففوجئ في السنة الثانية بتكريس الدروس في موضوع (الهندسة الكيميائية)، وهو ما يخالف ميوله والهدف الذي ابتعث من أجله، فكتب إلى جامعة بتسبرج برغبته في العودة إليها لدراسة الهندسة الصناعية، فلم يطل به الانتظار حتى انتقل إلى تلك الجامعة لاستكمال مشروع البكالوريوس عام 1386هـ، وبعد عودته الى الظهران سلمته الشركة برنامجا يختص ببعض الدراسات الخاصة بمكامن الزيت، وهو برنامج يعتمد على معادلات رياضية وقوانين خاصة ليست له أية معرفة بها بينما كان الأمل أن تواصل الشركة ابتعاثه لمواصلة مشواره العلمي إلا أنه لم يحصل على مراده، فاستقال من الشركة، وتقدم لوزارة المعارف طالبا الابتعاث، فابتعث الى جامعة ستافورد في ولاية كاليفورنيا لدراسة الماجستير 1386هـ ومن ثم عاد إلى المملكة حيث عين على وظيفة اخصائي شؤون المناطق الصناعية بمركز الأبحاث والتنمية الصناعية بالرياض حتى عام 1390هـ غير أن هذه الوظيفة لم ترض طموحه فتقدم لإدارة البعثات بوزارة المعارف للحصول على بعثة لنيل شهادة الدكتوراه، فابتعث الى جامعة بتسبرج في عام 1390هـ لمدة أربع سنوات حيث كان برنامج الدراسات العليا في قسم الهندسة الصناعية (هندسة إدارة النظم في الدول النامية) وبعد استكمال البرامج قدم رسالة للدكتوراه تحت عنوان (كيفية اختبار المشاريع الصناعية في الدول النامية) فعاد الى المملكة فأسندت اليه إدارة الأبحاث الصناعية في الصندوق السعودي للتنمية 94 – 1396هـ، ومنذ عام 1396هـ الى عام 1401هـ أصبح مديرًا عامًّا لمشروع الجبيل التابع للهيئة الملكية للجبيل وينبع، وبعد تأسيس المؤسسة العامة للكهرباء رشح نائبا لمحافظ المؤسسة حتى عام 1403هـ، وبعد أن أسندت وزارة الصحة للدكتور غازي القصيبي في 30/12/1402هـ اختير الدكتور الجشي وكيلاً للوزارة للتخطيط والتطوير في 1/7/1403هـ واستمر حتى تاريخ 10/10/1406هـ حيث تمت إعارته إلى الشركة العربية للاستثمار حتى عام 1410هـ، وبعد انتهاء إعارته قرر ترك العمل الوظيفي وممارسة العمل الحر، فافتتح مكتبًا للاستشارات بالخبر، وفي الدورة الأولى لتشكيل مجلس الشورى 2/3/1414هـ رشح عضوا بمجلس الشورى وجددت عضويته في الدورة الثانية التي بدأت في 3/3/1418هـ. هذه لمحات عابرة من ذلك الكتاب الذي يعتبر سيرة ذاتية وافية شاملة كل التفاصيل الدقيقة لسيرة المؤلف منذ ولد بتاروت حتى عاد الى الخبر مرورا بالظهران ولبنان والقاهرة و الولايات المتحدة والرياض والجبيل، أما عن عنوان كتابه (ومررت بالدهناء) فيقول: (العنوان) مأخوذ من البيت المشهور:
يمرون بالدهنا خفافا عيابهم
ويخرجن من دارين بجر الحقائب
أما علاقة هذا فهي أنني من مواليد تاروت التي يوجد بها ميناء دارين الشهير الذي أشار إليه الشاعر وقد مررت بالدهناء عدة مرات.. فانطبق علي هذا البيت وان كانت العياب ليست خفافا، ولا الحقائب بجر.
شهادة صحيفة صُبْرة الإلكترونية([8])
في مثل هذا الشهر، وتحديداً في 2 أبريل سنة1964 ؛ غادر موظفٌ من القطيف مطار الظهران إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مبتعَثاً من شركة أرامكو، ليدرس الهندسة الصناعية. آانت رحلة الابتعاث ثالث محطة دراسية له، بعد حصوله على الكفاءة المتوسطة من القطيف ودراسته عامين في الكلية الوطنية بلبنان.إنه الدكتور جميل الجشي، عضو مجلس الشورى السابق، سفير المملكة في إيران سابقاً، نائب مدير عام مشروع مدينة الجبيل الصناعية عند تأسيسها. الرجل الذي احتشدت في سيرته مواقع حيوية في كثيرٍ من مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، وترك بصماتٍ كثيرة في المواقع التي شغلها طيلة حياته المهنية.
خبر عودته من الابتعاث في الصحيفة نفسها
من تاروت
تقول سيرته الذاتية؛ إنه وُلد في جزيرة تاروت، حيث يقطن والده الذي كان عمدة تاروت، وتعلم- أولاً- في “المعلّم”، لكنه التحق بأول مدرسة ابتدائية تأسست في القطيف سنة1367 هـ، ثم درس المتوسطة وتخرج سنة 1378هـ، وأثناء ذلك انتقل إلى “القلعة” حيث تتركز أسرة “الجشي” المعروفة، وقد أعانه وضعه الاجتماعي الميسور على الدراسة في لبنان، ثم التحق بشركة أرامكو، ليعمل في مختبر أعمال الزيت. وفي مثل هذا الشهر قبل 55 سنة؛ ابتعثته الشركة إلى جامعة ليهاي بولاية بنلسفانيا ليدرس الهندسة الكيميائية، لكنها غيّر تخصصه، لاحقاً، إلى الهندسة الصناعية في جامعة بتسبرج. وبعد تخرجه أكمل دراساته العليا.
ويمكن القول إن سيرته العملية تتلخص في التالي:
- 1387 – 1395هـ مهندس بمركز الأبحاث والتنمية الصناعة، وتقلب في عدة مناصب فيه آخرها مدير إدارة الأبحاث الصناعية.
- شوال 1395 – صفر 1396هـ المدير العام لإدارة التقويم والمتابعة في الصندوق السعودي للتنمية.
- من 1/3/ 1396 – 7/10/1401هـ المدير العامًّ لمشروع مدينة الجبيل في الهيئة الملكية للجبيل وينبع.
- 8/10/ 1401 – 1403هـ نائب محافظ المؤسسة العامة للكهرباء.
- من 1/7/ 1403 – 1406هـ وكيل وزارة الصحة للتخطيط والتطوير.
- في 10/10/1406هـ – 16/3/ 1410هـ أعير من وزارة الصحة للعمل مديرًا عامًا للشركة العربية للاستثمار.
- من 28/1410هـ – 1414هـ مكتب الجشي للاستشارات بالخبر.
- من 3/3/ 1414 – 15/6/ 1420هـ عضو مجلس الشورى.
- من 1/2/ 1420هـ – 15/6/ 1423هـ سفير المملكة العربية السعودية في إيران.([1])
مناصب
في 21/9/ 1975 صدر المرسوم الملكي بتأسيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وفي 10/2/ 1396هـ 10/2/ 1976م، صدر قرار نائب رئيس الهيئة الملكية بتعيينه نائباً لمدير عام مشروع مدينة الجبيل الصناعية، وفي 10/10/1406هـ بدأ عمله معارا من وزارة الصحة في الشرآة العربية للاستثمار، وفي الدورة الأولى لمجلس الشورى السعودي عُين عضواً فيه، واستمرّ في الدورة الثانية. وفي بداية الدورة الثالثة؛ تعيينه سفيراً للملكة العربية السعودية في إيران. وبقي في منصبه بين 15/8/1999م، و وبداية شهر أغسطس 2002. كما شغل الدكتور جميل الجشي عدداً من المناصب المهمة، بينها: مدير عام الشرآة العربية للاستثمار، وآيل وزارة الصحة للتخطيط والتطوير، نائب المحافظ العامة للكهرباء، مدير عام مشروع الجبيل في الهيئة الملكية للجبيل وينبع،
- مدير عام إدارة التقويم والمتابعة في الصندوق السعودي للتنمية، مدير عام مركز الأبحاث والتنمية الصناعية.
- رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب للشركة السعودية الموحدة للكهرباء في المنطقة الوسطى.
حين كان عضواً في مجلس إدارة غرفة الشرقية
عضويات
كما شغل عضوية الكثير من مجالس إدارات الشركات والمؤسسات، بينها:
- عضو مجلس إدارة شركة الغاز والتصنيع الأهلية.
- عضو مجلس إدارة الدار السعودية للخدمات الاستشارية.
- عضو مجلس إدارة الجمعية الخيرية الإسلامية.
- عضو مجلس إدارة السعودية الموحدة للكهرباء في المنطقة الشرقية.
- عضو مجلس إدارة السعودية الموحدة للكهرباء.
- عضو مجلس إدارة البحوث، بكلية الهندسية، جامعة الملك سعود.
- عضو مجلس إدارة جمعية الهلال الأحمر السعودي.
- عضو مجلس إدارة مؤسسة دار اليوم.
- عضو مجلس إدارة الشرآة السعودية للصناعات المتطورة.
- عضو مجلس شركة السلام لصيانة الطائرات.
- عضو مجلس إدارة غرفة الشرقية.
- عضو مجلس إدارة سامبا المالية.
———-
من كتاباته.. بخط يده
دار المجَمِّر؛ حقبة غابت عن مترجمي الجشي
في مسيرة حياتي شيء من حياته، نشأ في قرية ريفية، ونشأت في مثلها، وتنقلت مثله بينها وبين المدينة، وفي المدينة تعرفت إلى ثلة خيرة من الشباب المثقف اتخذت من بيت الشاعر عبد الوهاب حسن المهدي (المجمر) منتدى لها، ذلك البيت وصفه أحدهم بقوله: (كنَّا – نحن أصدقاءَ الشاعر – نعتدُّه منتدىً أدبيًّا يشبه الصالونات الأدبية المعروفة في القاهرة، مثلاً، أو بيروت، يلتقي فيه هؤلاء، وكلُّهم – آنذاك -أصحابُ مواهبَ شابَّة، فمنهم من يهذي بالشعر، ومنهم من يعالج النثر، ومنهم من يحاول فيهما معًا، ومنهم من يُعنى بالقراءة والثقافة العامة) ([5]).. كان بعضها وهو بعدُ في المرحلة الابتدائية قد عرفته الصحف آنذاك، إن في الشعر أو النثر، لم يسعدني الحظ بلقائه آن التحاقي بالبيت المنتدى، فقد هجره عاكفًا على التحصيل، وتمضي السنون، وتشاء الإرادة أن يختتم المنتدى بفاجعة حريق شب في المنزل منتصف ليل الثلاثاء 7 صفر 1407هـ، فأتى على البيت ومن فيه؛ الشاعر وزجه وذريته (تغمدهم الله جميعًا بواسع رحمته)، ووفاء للشاعر وأسى عليه أقام أصدقاؤه ومحبوه حفل تأبين شارك فيه الدكتور بكلمة من فئة خير الكلام ما قل ودل، أستميح سعادته العذر بأن تنشر الآن بعد خمسة وثلاثين عامًا من الطي. فإلى الكلمة:
(رحمك الله يا أبا محمد
وهكذا، فجأةً، تذهب عنَّا؟
دون مقدِّمات؟
أهو عقاب لنا؛ لأننا قصَّرنا في حقِّك؟
أم هو مجرَّدُ عتاب؟
تركناك تعيش، كما شئت، بعيدًا عن الأضواء، وفجأةً تختفي وحولك كلُّ الأضواء؟
أبا محمد
هل تذكرُ تلك الأيام الحلوة التي كنت تستضيفنا فيها في ذلك البيت الصغير؟
لا، بل لقد كان بيتك أجمل البيوت، وأهلك خير الأهل. لقد فتحت ذراعيك وقلبك لكل أصدقائك، وكنت خير الصديق، ونعم الصديق، وتشاء الأقدار ونبتعد في طلب الرزق، ولا تزال في النفس رغبة اللقاء، وفي القلب محبَّةٌ وصفاء.
نعم. لقد عشت في القلوب طويلاً، وكان أحرى بنا أن لا نكتفيَ بذلك.
وفجأة تختفي، مع أولادك وزوجِك.
وفي نفس البيت الذي طالما استقبلتنا فيه، وقد أزمعت – أخيرًا – أن تتركه.
نعم، لقد تركته، ولكن إلى دار البقاء.
والآن، ماذا ينفع البكاء؟ وكيف نردُّ بعض إليك؟
أعلم أنك تكتب الشعر، فهل تسمح لنا أن نعيش مع شعرك بعد وفاتك؟
لقد تجنَّبت نشر إنتاجك وهو غزير، فهل تسمح له بأن يرى النور، إذا كان قد بقيَ على قيد الحياة، ولم تأكُله النار التي التهمت البيت الصغير؟ الذي لنا أكبر وأحسن ما في الحي.
نداءٌ – كلُّ ما أملكه – أن نبحث بين الأنقاض لعلنا نعثر على بعض ما كتبت؛ لننقله من الظلمات إلى النور.
حقُّك علينا كبير، وقدرتنا على الوفاء محدود. فعذرًا أيها الصديق الوفي.
إنَّ الخطبٍ جَلَل، والفاجعة كبيرة، وإذا كان من المعتاد أن يبدأ الحزن كبيرًا ثم يصغر؛ فإن حزننا يزداد مع الزمن.
فنحن لا نجد أحدًا من أبنائك لنعزِّيَه، في حين أننا نحتاج لمن يعزِّينا، لا يُطلبَ من تقديم العزاء. رحمك الله، يا أبا محمد، ورحم الله زوجك وولدك، وإنا لله وإنا إليه راجعون).
———
([1])دراسة في وثائق عائلة الجشي في القطيف والبحرين، (1200 – 1250)الدار السعودية للنشر والتوزيع، الدمام، الطبعة الأولى، 1428هـ 2007م.
([2])ديوان علي بن المقرب العيوني، تحقيق تحقيق وشرح عبد الفتاح محمد الحلو، مكتبة التعاون الثقافي لصاحبها عبد الله عبد الرحمن الملا، الأحساء، الطبعة الثانية، 1408هـ 1988م، ص: 378 – 379.
([3]) افتتحت أوَّل مدرسة للبنين بالقطيف عام 1367هـ، وكان مقرُّها في (عمارة النهَّاش) في سوق الجبلة قبل أن يشاد لها مبنى على شاطئ البحر، ملاصق لحائط سور القلعة الشرقي، سميت مدرسة البحر، وحين سميت المدارس سميت مدرسة الحسين بن علي. انظر: (جهاد قلم في الصحافة والسيَر والأدب، السيد علي ابن السيد باقر العوامي، جمعه وحرره ونضده ووضع إضافاته وعلق عليه عدنان السيد محمد العوامي، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، ودار أطياف، القطيف الطبعة الأولى، 1441هـ 2019، ص: 470.
([4])تراث الأجداد، جميل عبد الله الجشي، الدار السعودية للنشر والتوزيع، الدمام، الطبعة الأولى، 1428هـ، 2007م، ص: 545 – 546.
([5])محمد رضي الشماسي، مقدمة ديوان بقايا الرماد للشاعر عبد الوهاب حسن المهدي، مطابع الرضا، الدمام الطبعة الأولى، 1414هـ.
([6]) جريدة اليوم: الاثنين، 14/8/2006م، الرابط: https://chl.li/8GOLr
([8]) صحيفة صبرة الإلكترونية، الرابط: https://chl.li/EMDwD
صور
صور