حدود الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
محمد حسن آل هودي
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم – بسم الله الرحمن الرحيم – … «103» وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «104» … – صدق الله العظيم – آل عمران.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر نسبي. ما يكون لك معروفاً قد يكون لغيرك منكراً. والعكس أيضا صحيح. هناك جماعة إسلامية ترى البنيان على القبور وزيارتها حراماً. وهناك جماعة أخرى يرون العكس تماماً.
الفريق الأول قد يهدم الأضرحة ويمنع الزيارة من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والفريق الآخر يتذمر ويشمئز ويشتكي تدخل الأول في خصوصياته.
حدود الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير معروفة وضبابية. وأحسن من فهم الأمر والنهي قال: “كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم”. هذه رسالة أن اللسان قد لا يكون أفضل وسيلة للأمر والنهي. بل يكون منفرا في كثير من الأحيان ويعتبره البعض تدخلا سافرا في خصوصياتهم.
يُحكى أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) سمع أحد الصحابة النافذين يتكلم بأنه رأى شخصا يزني في الليل ويريد أن يقيم عليه الحد. فدنا منه علي (ع) وقال: “قبل أن تذكر اسمه. هل معك ثلاثة شهود عدول؟” قال الصحابي: “كلا”. فقال علي (ع): “لو ذكرت اسمه لأقمنا عليك الحد”. هنا يأتي تزاحم؛ الستر أو الأمر والنهي. حاشا أن يكون أمير المؤمنين (ع) داعيا للزنى. ولكن نحن نعلم جليا أنه يدعو للستر أكثر. والدعوة للستر من أكثر أمور المعروف. عندما تأمر بمعروف، لا تهتك ستر الآخرين. في ذلك، يقول أيضا أبو عبد الله الحسين (ع): “الموت أولى من ركوب العار”. عند الأحرار، الموت أهون من هتك الستر؛ فتدبر رعاك الله. نشر غسيل الناس ليس أمرا بمعروف، ولكن فضح لهم. لا يمكن للأمر والنهي أن يكون على حساب الستر أو أكل لحوم الناس. تريد أن تأمر بمعروف، ابدأ بنفسك وكن انعكاسا صادقا للخصال الطيبة بأفعالك، لا بأقوالك وتدخّلك في خصوصيات الآخرين. أنت لستَ حكما عليهم. والله لم يوكل هذه المهمة لغيره، بما فيهم رسول الله (ص): (وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَٰكِنْ ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ – 69 – الأنعام).
لا بأس أن نذكر بعض القصص لتأثير التصرفات على الآخرين. في عام 1995م كنتُ في هيوستن في الولايات المتحدة الأمريكية مع أسرتي نتبضع من أحد المتاجر الكبيرة. عندما سلمتُ النقود للمحاسب الصغير، أخطأ ورد عليّ أكثر مما أستحق. فأخذت أفاوضه بأنه أخطأ. ولكنه أصّر أنه على صواب. من خلال الكاميرا، رأى مسؤولو المتجر بأن هناك ملاحاة بيني وبين المحاسب. أتى مدير المتجر ومساعدته وعرفني على نفسه. وسأل: “ما القضية”. فشرحت له. نحى الفتى الصغير جانبا، وحسبها بنفسه فوجد أن الفتى قد أخطأ في الحساب. شكرني على تصرفي وقال “هنا الناس يتحينون مثل هذه الفرص. وأتت لك على طبق من ذهب ورفضتها. أنا لا أعرف دينك ولكنني أشهد أنه على صراط مستقيم”. ربما عرف ديني من طريق اللباس والحجاب، ولكنه لم يرد أن يتسرع في الحكم. يا ترى، ما القصة التي سيذكرها لأسرته وأصحابه والمقربين منه؟
عندما اضطرتنا الظروف للذهاب إلى كندا، رشحت المدرسة المتوسطة ابني الصغير مجتبى لمسار دبلوماسي خاص. قالوا: “نحن نرقب حركاته فنراه محسنا ومدافعا عن الضعفاء. وهكذا نريد سياسيينا ودبلوماسيينا أن يكونوا. نحن لا نعدك بشيء، ولكن هذا المسار قد ينتهي إلى رئيس وزراء كندا. نحن نريد لسياسيينا أن يكونوا أخيارا. وهذا عرض لا نقدمه للجميع. فقط لخلاصة الطلاب”. رفضت العرض بكل أدب. فلا أنا أريد لابني أن يعيش في كندا بقية حياته ولا أريد له أن ينخرط في مسار دبلوماسي أو سياسي. حاولوا إقناعي، ولكني أحجمت. عند خروجي، قالوا: “سنترك المجال مفتوحا له في أي وقت يشاء. عندما يكبر، أنت لا تستطيع أن تقرر عنه. هذا قراره هو وليس قرارك”. شكرتهم، وأخذت ابني وخرجت من كندا.
الآن، وأنا في بيتي، أساعد زوجي في مسك الأحفاد الذين يراقبون تصرفاتنا. الأحفاد يروننا نقرأ ونصلي. أنا مسهب في القراءة. حفيدي، حسن مجتبى، يحاول أن يقلدني ويأخذ كتبه ودفاتره ليخربش فيها. لدرجة أنني اشتريت له نظارات (غير طبية) ليلبسها لأنه بدأ يلبس نظاراتي للقراءة. وحسن نفسه يلبس إحرام جدته ليشرع في الصلاة. حفيدتي، ريم، تأخذ تربي وتضعها على كرسي الصلاة وتقول إنها تريد أن تصلي. نحن لم نأمرهما بالصلاة، بعد. هو 4.5 وهي 2.5. ولكن مع الاستمرارية معنا ومن خلال الفعل والمراقبة سيجدان أن الصلاة فعل يومي وفي مواعيد محددة وأن القراءة أمر ضروري جدا. لا أظن بأننا سنعاني كثيرا في إقناعهما على الصلاة عندما يصلا سن التكليف أو القراءة عندما يذهبان للمدرسة.
علينا جميعا أن نبدأ بأنفسنا ونكون للجميع دعاة للمعروف ونهاة عن المنكر بغير ألستنا؛ بتصرفاتنا. كذلك، علينا أن ننصح الناس بالحسنى دون التشهير بأحد. لا أحد يرضى بالتشهير. وستكون هناك ردود فعل عكسية على الجميع. والمشكلة لن تحل. ولكن ستتفاقم.
هدانا الله وإياكم إلى صراطه المستقيم وجعلنا وإياكم من التابعين لأحسن القول.
الإثنين، 14 سبتمبر، 2020
مقال مضحك مبكي ..
مضحك لأنه متناقض في نفسه حيث أن الكاتب يفتتح المقال بآية قرآنية تتكلم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن في مثل هذا العمل فيه الفلاح ، والفلاح هنا لم تحدده الآية القرآنية الكريمة بزمان أو مكان محددين ..
إذا هو الفلاح في الدارين ، دنيا وآخرة ..
والكاتب الكبير الهويدي يقول أن في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تضارب واختلاف وضبابية !!!
السؤال من جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة وهو الله سبحانه وتعالى لم يستطع أن لا يجعله ضبابيا او متضاربا او ما شابه ذلك كما يفهم من منطوق ما كتبه الكاتب الموقر ؟؟؟!!!
مبكي , لأنه يتكلم عن ضبابية الأمر بالمعروف والتضارب فيه وكأنه احاط بهذه الفريضة بما لم يحط بها أحد غيره من العالمين ، في الوقت الذي لا يفقه فيه أن من لوازم تثبيت جريمة الزنا والعياذ بالله 4 شهود وليس ثلاثة !!!
حكم من أحكام الذي من أجل تثبيته وتوضيحه نزلت فيه عشرات الآيات المحكمات ومئات إذا لم يكن ألوف من الروايات القطعية الصدور وفوق ذلك بما لا يقل عن 1000 عام والفقهاء الأجلاء قضوا ويقضون أعمارهم الشريفة في مباحثة هذا الحكم الشرعي المهم ويكتبون فيه مئات الآلاف من الصحف ويأتي لنا الكاتب الكبير الهويدي ليقول الأمر بالمعروف والنهم المنكر حكم ضبابي ؟؟؟!!!