تاروت تعيش “فاجعة رباعية” تعيد ذكرى حادثة آل قيصوم وحافلة المعتمرين العليوات والراشد والمطر والمحسن رحلوا في يوم واحد
القطيف: ليلى العوامي
عاشت جزيرة تاروت اليوم (السبت) يوماً حزيناً، بفقدها أربعة من خيرة أبناءها ونساءها، لا تربط بينهم صلة قرابة، لكن جمعتهم مقبرة تاروت.
ربما لم تفجع تاروت بهذا العدد من الموتى في يوم واحد، في السنوات الأخيرة، سوى في الحادثة المرورية المفجعة التي ألمت بآل قيصوم قبل سنوات، حين وارت الزوج وزوجته وثلاثة من أولادهما في يوم واحد.
لكن ذاكرة أهالي تاروت والربيعية مثقلة بفجيعة أمض، تعود إلى أربعة عقود، حين تعرضت حافلة لحادثة، راح ضحيتها حوالى 15 شخصاً كانوا قادمين من العمرة.
اليوم، تداعى الأهالي لتشييع المتوفين الأربعة في مقبرة تاروت.. “صُبرة” تتقدم لذوي المتوفين بأحر التعازي وخالص المواساة، سائلة المولى عز وجل أن يتغمدهم بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جنته، ويلهم أهلهم وذويه الصبر والسلوان.
فاطمة العليوات: الطيبة الحنونة
الحاجة فاطمة جاسم حبيب العليوات «أم علي» رحلت صباح اليوم (السبت)، من سكان «حي الشمال»، لها خمسة أبناء وثلاث بنات، يقول عنها شقيقها جعفر العليوات (أبو سجاد) «دخلت اختي أم علي العناية المركزة في المستشفى قبل أسبوعين، وكنا ندعو الله أن يعيدها لنا سالمة معافاة، ولكن قدر الله وما شاء فعل، ولا نملك الا أن ندعو لها بالرحمة”.
يصف العليوات، الراحلة بـ”الحنونة” عليه وعلى أختيه زهور وسلوى، مشيراً إلى أن والدهم توفي وهم صغار في السن، ورغم صغر سنهم جميعاً إلا أنهم قدموا الاهتمام لأمهم، لم يجعلوها تحتاج لشيء أبداً.
ويضيف “أختي ربة منزل، تميزت بالحياء، وصوتها لا يسمعه أحد، ولم اسمعها يوماً تتحدث بصوت مرتفع، كما تميزت بالطيبة والإيمان، وكل من يعرفها يقول عنها: صاحبة القلب الطيب والحنون”.
إبراهيم الراشد: الاجتماعي البشوش
الحاج إبراهيم علي إبراهيم الراشد «أبو محمد»، الراحل صباح اليوم، من أهالي سنابس، أب لأربعة أبناء وابنتين، موظف متقاعد من شركة “أرامكو السعودية”، يقول عنه زوج ابنته سلمان علي الحبيب لـ”صبرة” “عمي تقاعد عام 2014، كان كثير السفر إلى مزارات أهل البيت مع عائلته، زوجّ ابنائه وبناته ما عدا الصغير حسين”.
وتناول الحبيب، صفات الراحل، مبيناً أنه “مداوم على صلة أرحامه، وله حضور دائم في المناسبات الاجتماعية من أفراح وأحزان، يبكي أهل البيت (عليهم السلام)، ويرتاد مجالسهم باستمرار، ومن القائمين على مأتم الزهراء (عليها السلام) في سنابس، إضافة إلى أنه اجتماعي، مرح، بشوش جداً وابتسامته تسبق كلامه، متواضع وفاعل للخير في منطقته، يقضي جل يومه في الزيارات المجتمعية والعائلية، منزله مكان اجتماع العائلة، ومتنفسها، مفتوح للجميع دائماً، حريص على مساعدة أهله واخواته كثيراً، كان صديق ومُحب للجميع، والجميع يحبه لتواضعه وابتسامته”.
وأشار إلى أنه عانى من أمراض عدة “ولكنه كان يكابر كثيراً، ويتألم ولا يبوح لأحد، حرصاً على راحة ابنائه وبناته واخوانه”.
زهير آل مطر: موسوعة الرياضيات
زهير عبدالله آل مطر، الراحل صباح اليوم، تخرج من كلية أبها، تخصص رياضيات، عمل معلماً في مدارس ثانوية عدة في محافظة القطيف، حتى حط رحاله في مجمع الخليل بن أحمد التعليمي (القسم الثانوي)، وما إن احتاج القسم المتوسط لمعلم؛ حتى لبى نداء الواجب، لينتقل للمتوسط.
يقول عنه صديقاه أنور الجنوبي، وحسين الجمعان لـ”صبرة” “اتصف رحمه الله بسرعة البديهة، واتساع الأفق، وغزارة المعلومات، حتى أنه كان ملجأ الكثيرين لما يمتلكه من معرفة وعلم حتى كنا نصفه بالموسوعة، استقى منه طلابه الرياضيات؛ فاحبوها، لقدرته على توصيل المعلومة بطريقة سلسة ومشوقة”.
يضيف الجنوبي والجمعان، عن صديقهما آل مطر، الذي رحل مخلفاً له ولدين وابنتين، “كانت محبته تسكن قلوب الجميع؛ زملاء وطلاب، لما يمتلكه من دماثة الخلق وحسن التعامل، فهو المعلم والزميل والأخ العزيز الذي فقدناه، لنا معه في كل مكان ذكريات لا تنسى، خطها الزمن. وما ان رحل عنا حتى احسسنا بالفراغ، فلقد أظلم مكانه حين تعجل الرحيل، واشتاق إلى لقاء ربه، ولبى دعوة الحق”.
عبدالله آل محسن: الخدوم العصامي
الحاج عبدالله أحمد حسين آل محسن «أبو شكري»، توفي ليلة البارحة (الجمعة)، تقول عنه إحدى قريباته “عرف بشخصيته الطيبة المحبة للناس، من أهالي تاروت، ويسكن حي تركيا، تقاعد من أرامكو السعودية منذ سنوات، بسبب ظروف صحية، ورغم تقاعده؛ إلا أنه استمر في العمل، ولم يجلس مكتوف اليدين، وكان جيرانه يسموه “الحركي”، فلم يكن يحب القعدة (رحمة الله عليه)”.
تضيف قريبته في وصفه “عصامي، خدوم، كريم، عُرَف بفزعته لكل من يأتي له طالباً المساعدة، لا يتأخر في تقديم العون حتى لو في آخر الليل، محبوب بين الجيران، والأطفال لا ينادونه إلا جدنا، حتى وإن كان قريباً لهم من بعيد، متدين وربى أبناءه على أن يكونوا عصاميين وأصحاب همة، وهذه الصفات ورثها الفقيد عن والده المعروف بأبي عبد”.
خلف الراحل آل محسن، ولدان وابنتان، دخل المستشفى بسبب إصابته بفيروس كورونا المُستجد، ورغم أنه تشافى منه؛ لكن ظل في العناية المشددة لمدة شهر، إلى أن اختاره الله اليوم.
الله يرحمهم بواسع رحمته ويحشرهم مع محمد وآل محمد وإنا لله وإنا إليه راجعون.
رحمهم الله بواسع رحمته وحشره مع محمد وآل محمد
انا لله وانا اليه راجعون
رحمهم الله بواسع رحمته وحشره مع محمد وآل محمد
انا لله وانا اليه راجعون