أمل في مدينة القطيف الجديدة

حسن حسين العوامي

يوماً بعد يوم وأحياناً بصورة اسبوعية او فصلية؛ أقرأ في الصحف المحلية والجرائد الإلكترونية ومدونات فضاء الشبكة العنكبوتية، اجترار ماض قد لا يعود واندفاعاً عاطفياً في عرض وجهات نظر شخصية في الشأن العام، دون معرفة جوانبه الظاهرة منها والمخفية.

ومما يثير العجب استعراض العضلات الفكرية والفنية والإدارية والعلمية الشخصية للمدون، وسرد مغامراته وقدراته في الأسفار والمؤتمرات والمهرجانات..إلخ.

وهؤلاء النبلاء الذين لا أشك في صدقهم وحسن نواياهم، لا يتطرقون بحماس لأخطاء التنمية ومصائب الفساد والأنانية والجهل والارتجال التي كانت السبب الأول للتلوث الخطير والتهديد المباشر للغطاء الأخضر، وغض النظر عن المخلفات الآسنة، حول ما تبقى من الواحة الزراعية التاريخية، والمحيطة بالمناطق الزراعية الحديثة.

في غربيي ابو معن وجنوبها، ومنطقة طفيح الجميلة أمست مستنقعات الصرف الزراعي العشوائية، مصانع غريبة في تفريخ الحشرات بأنواعها المختلفة تجوب أرجاءها بحرية مطلقة في الصيف القائظ والشتاء البارد..!

وماذا أرى أيضاً!؟

طاقات شابة واهتمام شيبة في التنظير الفكري والديني والفني،  وشكاوى متلاحقة حول الاختناق المروري وارتفاع أسعار الأراضي.. وأن الديرة ضاقت بأهلها.

ولم أعثر ـ نعم لم أعثر ـ على سطور تطالب بإنشاء مدينة جديدة للقطيف، في فضاء جغرافيتها الواسعة، مدينة لأهاليها حاضرة وبادية شيعة وسنة، لأبنائنا الشباب وبناتنا الفتيات للعيش الوطني الإنساني المشترك، فتطلعات الجيل الجديد للمستقبل، تختلف تماماً عما نعيشه اليوم من اجترار تجارب الماضي بحلوه ومره.

والساحل الشرقي “انترست” صحاراه وجاداته بنفايات التلوث، وسواحله تستغيث من علب البلاستيك المرمية من المواطن التي جرفتها أمواج الخليج العربي، ولم أرَ تعاوناً أهلياً واسعاً في تنظيم حملات شبابية مؤثرة لتنظيف السواحل والبراري من الملوثات الصناعية، حيث ان “كفرات” السيارات قد رسمت خرائط قبيحة في رمال الأرض وصخورها.

بلا شك ان اختناق المدن الجديدة والمناطق التاريخية القديمة عمرانياً سببه التخطيط العشوائي منذ تأسيس المدن العصرية بعد الحرب العالمية الثانية، وتسارعت مع الطفرة المالية في منتصف السبعينات، ولم يُنظر الى ضرورة تأسيس مدن واحياء واسعة لا تقصم ظهر المواطن في الحصول على منزل صغير مناسب بخطة اسكان استراتيجية، تتلاءم مع متطلبات المستقبل بيئياً واقتصادياً، حتى لا نخلف وراءنا غابات من الإسمنت المسلح ووسائل نقل لا تتفق مع النظم الحديثة، وارث من تراكم التلوث بأنواعه لا تتواءم مع المستجدات الاقتصادية والثقافية للمستقبل غير البعيد.

والأمل عظيم في الرؤية الحضارية التي وضع اسسها امل الشباب والجيل الجديد سمو ولي العهد – حفظه الله – التي تضمن بلا شك نقلة عصرية غير مسبوقة، تراعي المستقبل بمنظور العلم والمعرفة والمصلحة العليا لبلادنا الغالية.

تعليق واحد

  1. ابو متعب ، اتعبتنا وحيرتنا … وانا احد محبيك في سن ابنك … نتابع مقالاتك منذ احداث العوامية والتي كنت تشرق فيها وتغرب لتجعلنا نبذل الجهد لتنقيحها ونستبعد الجمل الزائدة حتى نفهم الرسالة والفكر منها.

    هذه الفكر اتعبنا وحيرنا مثل الزئبق المتلون، ولكن – اي هذا الفكر – يستحق الدراسة والتمعن في كيفية تمرير الرسائل الخفية والمعبرة عن افكار ووجدان البعض من محبينك وسط تشريق وتغريب داخل مقالاتك ، الا ان الرسالة تصل وبوضوح ومحير … لدرجة رغم انك حذفت بعض مقالاتك وتبرئك من بعضها الأخر كونها ربما كانت مستعجلة ولم تدقق جيدا الا ان المحبين لكم نشروها على عجالة هداهم الله وتبقى لذكرى كماضي ولكن لماذا لا ترغب ان يتطرق الاخرين للماضي ، لماذا؟

    هل ممكن ان تبني مستقبل دون تنظيف عقول الحاضر من ادبيات الماضي؟ الفكر لا يمكن تغييره الا بفكر فهذه نظرية سايكلوجية الجماهير تتطرق الى ان لتغيير سلوك الجمهور لابد لان تستحضر الماضي لتناقشه وتعرضه على الجمهور الذي كان يتبنيه وتشكل في عقله الباطن وتستخلص منه النتائج وتعرضها على الجمهور ليحكم عليها اما ان يرسخ مبانيه في عقله الباطن او تتهدم وعندها حتى تغير الحاضر تبدأ – طالما في القلم نفس – بمقالات مبسطة صادقة وصريحة ومكثفة واعلام مستمر حتى يتغير العقل الباطن للجمهور الذي صنع بالماضي ومن ثم سلوكه وتنتقل للمستقبل …

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×