عرفانية الناي والمسرى
فريد النمر
للذي فارقنا ممسكا بنايه الحسيني حدّ الصبابة والألم للفنان الرادود الحاج عمار آل قريش
قبلَ القصيدةِ واشتجار هيامي
جاورتَ ليلي فانتشت أعوامي
كان النشيد يظلني بجناحه
زغبا ضئيلا شاردا بكلام
فنمتْ بأسئلتي نوارس غنوة
رفلت أناقة روحها بغرامي
وتشكلت نغماتها وحيا على
صوت المحبة في رفيف خزامي
وصداك مئذنة النشيد تحوطني
نغما ترمم داخلي أنغامي
ودخلت من باب البيان نشيدة
أمشاجها من لحنك النّهام
يا دافئ الصوت المغني خوفنا
وحكاية النفس الجريح الدامي
كانت لياليك الموالية الصدى
فرحا تمسّ بجمرها المتنامي
فإذا ابتدأت يطير سرب مودة
في هيئة النسمات طير حمام
وإذا تغنّيت الجراح محوتها
عزفا كأنك صائد الآلام
يا للهوى المنحوت فيك بحلمه
طفل بقارعة من الأعوام
مازال يوسفك المهدهد يجتلي
صوت السماء بشهوة الإلهام
نذرتك قافية السلام ولم تكن
فيها سوى لحن المدى في اللام
ولأن قلبك من طباع شهامة
خلدت بصوتك للشهيد الظامي
صاهرت نغمتك الحزينة جرحها
الأصفى من التاريخ ذات ذمام
ورفعت مجمرة القصيد جوانحا
في رسمها أيقونة الأفهام
يا طبعك المهدي في أدواحه
حين اكتملت بمهجة الرسام
كانت لأوتار الحياة رشاقة
الحقل المقلم سطوة الأوهام
في الأرض تختصر المحبة حيثما
وطن من الحب الجميل يحامي
فإذا صدحت فلا سوى لمحمد
ولفاطم هذا النشيد السامي
والكون يسمو حين تندب يا علي
والريح مزمار على الأجرام
يا ليلة النصف وجنح فراشة
يعلو غناك على انكشاف ظلام
ها أنت تعبر من أذانك كلما
تصحو كفجر رائع الأنسام
ولأنك المعنى الذي شف السنا
الدافي بصوت رسالة وسلام
ما راعنا إلا عبورك هادئا
تكسو به أنشودة الأيام
وحملت روحك من فداء أبيض
نحو الصلاة بجوهر الإقدام
حيث المحرم جاء من جهة الصدى
عاشوره في ضجة ومقام
ودّعت كونا أنت من أسراره
النقشت فواصلها على الأحلام
وكأنما لك والحسين خلاصة
أخرى تترجم قلبك الإسلامي
أودعت روحك في الطفوف مناحة
تمتد خلف تعفر الأجسام
وهممت تنأى في لياليه التي
خلفتها بمشاعر الأيتام
وعرجت يا “عمار” حيث سراجك
الأبويّ لم يقنعك دون مقام
فكتبت عمرك في مسيل مدامع
أبدية من سيرة الأقلام
متوحداً في ضلعه كقصيدة
مطعونة بتوحد الآلام
يا شهقة الحزن الغيورةِ هاهنا
اشتبكت عليك مراسم الإحرام
هذا نشيدك رهن طعم مذاقه
يمتدّ إلف نشيجك المتسامي
لم ينكسرْ لكنْ تضوّع مسكه
في ظلّ مقصدك الجليل النامي
وذا سلامي حيث كل قصيدة
من قلب برّ صادقٍ “عوّامي”
جاءتك تقرؤك السلام صبابة
تحدوك إثر مشاعر لوئام
فلتقبلي “صفوى العزيزة” همستي
لك في الأخوة جولة الأفهام
ولعل حرف كان من أطيابكِ
النزلت سلاما ذات جود كرام
ولك السلام صبابة مجروحة
تحتلنا مكسورة الأحلام