من تجربة ناشر.. هكذا يسرق المؤلفون المزيفون
عباس الشبركة
وأنا في الصف الثاني المتوسط؛ استوقفني معلم مادة التعبير وهو يصحح الموضوع الذي كتبته وقال لي: لماذا لم تضع هذه الجملة بين قوسين…
فقلت له: لماذا يا أستاذ؟
فقال لي: لآنها ليست لك وليست من بنات أفكارك.
وكثيراً ما أتذكر هذا الموقف وأنا أرى الكم الهائل، ليس من الاقتباسات، بل من السرقات الادبية التي “اصطلى بنارها الأقدمون وأحرق جحيمها المحدثين.
إن الانسان ـ أي انسان ـ لا بد أن يستفيد من غيره، وان يتعلم من الآخرين ما ينمي تجاربه وخبراته. كم من كلمة قالها قائل قد يكون سمعها من غيره، وكم من عبارة قرأها في كتاب أو لفظ تفوه به قد استفاد به من غيره.
هل مثل هذا العمل يعتبر من السرقة في شيء…؟
في هذه المقالة أنا ممن استفاد من هذه الخاصية.
نعم هناك فرق، وقد يكون فرقاً شاسعاً بين التأثر والاقتباس وتوارد الافكار والسرقة . قد نتفق من مسألة الاستفادة من تجارب الآخرين وبعض أفكارهم. وهذا لا يعد من السرقة في شيء، اما الإغارة على جهودهم ونسبتها الى نفسك ودون الإشارة إليهم أو الإحالة عليهم؛ فهي سرقة أدبية واضحة مع سبق الإصرار والترصد.
توقفت كثيراً هذه الفترة وانا أطلع في مجال عملي ـ كقارئ أو كناشر ـ على ما نقرأه أو ما تقع عليه أيدينا من بعض الكتب والكتيبات أو المقالات التي كنا نقرأها في المنتديات، أو في بعض المواقع الصحفية.
هنا سأروي بعض مواقف واجهتني في فترة من الفترات، وبعضها بلسان أصحابها:
– أعطيتُ مسودة كتابي إلى أحد الأصدقاء لتجهيزها الى الطباعة، وبعد فترة من الزمن ادعى صديقي أنه فقدها، ولم تكن عندي نسخة ثانية لا ورقية ولا رقمية.. لذلك استسلمت للأمر، ثم جاءت المفاجأة بعد سنوات.. خرج كتابي للعيان باسم صديقي…!
– كتبتُ بحثاً مُطولاً حول إحدى الحقبات الزمنية التاريخية، ونشرته في احد المواقع الإخبارية المشهورة في المنطقة. ثم وجدت بحثي كاملاً في 17 صفحة في أحد الكتيبات.. المضحك أن بحثي نُشر بأخطائه الإملائية واللغوية أيضاً.. السارق هو صديقي ورفيق دربي في هذا المجال.
– أعطينا هذا الكتيب الى أحد المؤلفين، وقلنا له نريد دراسة مماثلة تختص بمنطقتنا، حيث إن هذا الكتيب يختص بمنطقة أخرى وفي دولة مجاورة. وبعد فترة من الزمن أعطانا العمل والمفترض أنه يختص بمنطقتنا. المضحك في الأمر هو الكتيب الذي أعطيناه للمؤلف عاد إلينا مع أبدال أسماء المناطق والأماكن من الدولة المجاورة، مع إبدال اسمه بدلاً عن اسم المؤلف الاصلي.
– أخذ فصلاً من داخل كتاب لمؤلف آخر ووضع له مقدمة واسمه على غلاف الكتيب.
– شعراء مغمورون وفي دول نائية ولدت دواوينهم او قصائدهم من جديد ولكن باسم شاعرنا الهمام.
– قال لي أحدهم: وأنا في أحد معارض الكتاب.. كتابك هذا الذي تبيعه هو دراسة أدبية لأحد المؤلفين القدامى وصاحبك فقط غيّر في العنوان وأضاف مقدمته فقط.
– اتصل بي وهو في قمة غضبه وهو يقول: كتابي الذي تعبت فيه لأكثر من 6 سنوات في الكتابة والبحث والتنقيب استلّه من لا ناقة له في هذا المجال ومن جهاز الكومبيوتر وطبعه باسمه. نفسه كان يقوم بنشر عدة مقالات ودراسات ليست له بها علاقة من قريب او بعيد في مجال تخصصه.
– بعض المقالات الصحفية أريد لها الظهور من جديد في أروقة مواقعنا الاخبارية وصحفنا الاليكترونية بأسماء صحافيينا الجدد.
كل هذا غيض من فيض.