الطريق إلى الحسين بعدد أنفاس المحبين

حسن آل حمادة

 
قامة بحجم ومكانة الإمام الحسين عليه السلام لا يمكن تأطيرها في إطار محدد أو وضعها في قالب ثابت لا تحيد عنه! لأنه ـ ولعظم حضوره في ذاكرة الإنسانية ـ يتمدد في الزمان والمكان بألف صورة وصورة، لذا لا يصحُّ أن نؤمن بطريقة ما تستهوينا ونقاتل من أجل فرضها على الآخرين ومن ثم نقول لهم: هذه الطريقة الأنفع والأجدى للإحياء ولا يحق لكم إحياء المناسبة بأسلوبكم القديم!
فالأسلوب الذي يتناسب مع إحياء الشعائر الحسينية في بلد ما قد لا يتناسب مع بلد آخر، فكما أن للمكان دوره، فللزمان حكمه أيضًا، ولأن قناعاتنا ورؤيتنا للأمور مختلفة، فمن الجميل أن تتعدد الورود الحسينية في أشكالها وألوانها والناس بطبيعتها ستنجذب لما يتناغم مع أذهانها وثقافتها وتصوراتها ولن يجدي أن تقمعهم أو تمنعهم أو تسخر منهم!
فكل كلمة تقال سيتبعها ردًا بحجمها أو أعلى منها، خاصة إذا تلقفتها الجموع وكلنا نعلم أن سيكولوجية الجماهير تديرها العاطفة أكثر من العقل، لذا ينبغي أن نستفيد من عِبر التاريخ ونزن كلماتنا حين نصعد أعواد المنابر أو نمسك بأقلامنا لندبّج المقالات.
أنت لا تتقبل أن أعيب أسلوبك أو أستنقص من منهجك، فلماذا لا تكن قدوة لي في هذا الطريق؟
أنت ترى أن الإحياء الأهم ينبغي أن يكون من خلال المنبر الحسيني، وتريده منبرًا لبث الفكر الذي يعالج قضايا الواقع! جميل، سأقف إلى جانبك.
أنت ترى أن المنبر ينبغي أن يروي قصة المأساة بأسلوب يتخلله الوعظ، حسنًا سأكون معك.
أنت تريد من الخطيب أن يكتفي بكونه ناعيًا للحسين عليه السلام، لا بأس سأشد على يديك.
أنت تريد أن تفتح مضيفًا لتوزيع الطعام/البركة باسم الحسين عليه السلام، سأشاركك في المضيف.
أنت تريد أن تسّخر التكنولوجيا الحديثة لبث القصائد الحسينية والإنشاد الحسيني، لن أتردد في الأخذ بيدك.
أنت تريد أن تقيم مجلسًا خاصًا بالبراعم والناشئة، فهم بحاجة لمن يهتم بقضاياهم وبتقديم الإمام الحسين عليه السلام لهم بطريقة تستهويهم، ما أجملها من دعوة، نحن معك في هذا التوجه.
أنت تريد أن تثري ثقافة المجتمع بتوزيع الزاد الحسيني بشكل كتب ونشرات ترقى بالعقول، لله درّك سر ونحن معك.
أنت تريد أن تقيم مجلسًا للطم والعزاء و…إلخ. بوركت ووفقت.
أنت تريد أن تأتي بفكرة جديدة لم يسبقك بها أحد من الحسينيين، جميل، جميل، بادر. ولكن، عليك أن تبدأ مشروعك وتجتهد في تقديمه مع إبراز جمالياته من غير أن تحارب الآخرين في مشاريعهم، فالحسين عليه السلام لا يريد منا أن نتقاتل باسمه، ولِتعلم أن المجتمع من حولك، إن أبصر الجَمال في مبادرتك سيهرول نحوك وأنت حسيني المبدأ والخيار، لأنك تقتدي بالإمام الحسين عليه السلام الذي لم يفرض نفسه على الناس بالقوة وإنما استجاب لهم لأنهم آمنوا بأن فيه خلاصهم وإن انقلبوا عليه في آخر المطاف، فخسروا الدنيا والآخرة {ألا ذلك هو الخسران المبين}[الزمر: 15].
ختامًا، لا أريد أن يخلص القارئ إلى نتيجة تفيده أنني ضد ممارسة النقد. فأنا مع النقد بكل صوره وأشكاله. لكن، للزمكان دورهما وللأسلوب دوره، وإن كنت أرى أن تقديم البديل خير من الصراخ بالذات فيما يرتبط بموضوع الشعائر الحسينية لأنني مؤمن بأن الطريق إلى الحسين بعدد أنفاس المحبين.

‫2 تعليقات

  1. شكراً لفكرك النير أستاذ حسن ( الحسين يجمع الجميع )على أختلاف أساليبهم قل كلٌ يعمل على شاكلته ..

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×