إلى المتصل.. إلى المتصل به

جاسم عساكر

 

عزيزي المتصل/ لا تضعني في امتحان الطائر أمام فوهة البندقية بأسئلتك: عرفتني؟ طيب من أنا؟ لو كنت من المهمين عندك لكان رقمي محفوظا عندك.

عزيزي، اسمك سقط سهوا، أو تم تغيير جهازي وتشردت الأرقام ومن ضمنها رقمك الموقر، أو عند نقله إلى جهازي في المرة الأولى وأنا أتلقاه من شفاهك النانسية في المناسبة التي صادفتك فيها وأخطأت في تسجيله، ابتكر لي أي عذر واغفر زللي يا أخي.

عزيزي، يا طالما استنزفت طاقتي وأنا أحفز ذاكرتي على تذكر صوتك المخملي في أذني حين أطلب منك أن تتحدث أكثر كي أتعرف عليك، يا طالما سلبت مني حماسي لإنجاز عملي وأنا أجاملك دون أن تتفهم (أيها الطبل) أقصد البطل، يا طالما أشغلتني عن تشييع أحد أقربائي لأنك هاتفتني وأنا على شفير قبر وباغتّني بأسئلتك تلك دون أن تلتفت لصوتي الحزين، ودون حتى أن تسأل عن سببه، يا طالما أهدرت علي الدقائق والثواني التي شئت أن أقضيها بصحبة العائلة، يا طالما ويا طالما، فتواضع قليلا وعرفني باسمك حال اتصالك إن لمست في حديثي أنني لم أعرفك رجااااااء.

عزيزي المتصل به/ لا تفاجئني بغتة باستفهامك مني عن سبب اتصالي وأنا لم أكمل جملة سلامي بعد، لا تقطع ترحيبي بك بعرض خدماتك بشكل مفاجئ (تفضل، آمر، وش أخدمك فيه ….)، لا تنطلق فجأة في ماراثون العتاب (يا القاطع، منين طالعه الشمس، لا لا أكيد غلطان في الاتصال….) أنا أدرك أنك تعبر عن سعادتك بكل ذلك لكن عبر عنها بطرق أخرى (يا مرحبا، نورت شاشة الجوال، أنا مبسوط بسماع صوتك….) .

عزيزي، أنا لستُ غريبا عنك أو دخيلا عليك، فربما حنت روحي إلى سماع صوتك المقرف، ربما تاقت أذني إلى لفظة نابية كنت أسمعها منك على مقعد الدرس، فلا تشعرني بالندم أنني بادرت وإن شئت فتستطيع قطع مكالمتي بلطف (لا بأس سأتواصل معك لاحقا)، وأستطيع تفهّم أوضاعك الحالية من خلال نبرة صوتك.

عزيزي لا تتشاغل أثناء حديثنا بالحديث المهم الوهم مع من حولك لتوحي لي بأنك أهم، فأنا لم أتصل بك إلا لأنني أحمل مشاعر إيجابية اتجاهك، وأنظر لك على أنك أحد مصادر الطاقة الإيجابية لروحي حين ابوح إليك.

عزيزي أنا مشتاق للحديث معك، وأعاتب نفسي بسبب تأخري عن الاطمئنان على صحتك منذ وقت طويل.

عزيزي أنت عزيزي وكفى.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×