خسر أشعاره في حريق قبل سنوات.. الملا حسن شهاب على السرير الأبيض منذ 12 يوماً خطيب كافح الملاريا وعلم في الكتّاب وأشرف على الروضة وأرشد الحجيج

القطيف: شذى المرزوق

منذ 12 يوماً، يرقد الملا حسن علي مدن آل شهاب على السرير الأبيض في مستشفى القطيف المركزي. مرض هذا الملا، الذي أمضى أكثر من نصف قرن على المنابر الحسينية، دفع محبيه إلى التضرع إلى المولى عز وجل أن يمنّ عليه بالشفاء العاجل.

آل شهاب ليس خطيباً فقط، هو شاعر أيضاً، وإن توقف عن التأليف إثر اشتعال النيران في بلدته الجارودية قبل 56 عاماً، وكذلك مرشداً في حملات الحج، وموظفاً في مكافحة الملاريا التي انتشرت في المنطقة قبل عقود، فضلاً عن دوره التربوي، سواءً في كتّابه، أو في روضة أم الحمام، وكذلك جمعية أم الحمام، ولاحقاً جمعية الجارودية الخيرية.

النيران أحرقت كتبه

آل شهاب، خطيب كتب الشعر منذ أكثر من 60 عاماً، ففي بداية حياته نظم الفصيح والشعبي، حسب ما كتب المؤرخ لؤي سنبل في كتابه عن خطباء القطيف. ولكن شعره ضاع منه، حين شب حريق في بلدته الجارودية، في العام 1385هـ، وأحرق عدداً من البيوتات القديمة (الصنادق)، وأتت النار على كل ما في البيت من ملابس وأثاث وكتب.

يذكر الملا حسن من جملة الكتب المخطوطة التي التهمتها النار؛ كتاب “تفسير الصافي”، وكتب وفيات بخط كل من: الحاج جواد المعلم، الملا سليمان المدن، الملا حميد المدن، الملا علي الرمضان، وابن حيان رحمهم الله جميعاً..

ويبدي آل شهاب، أسفه، لضياع قصائد غير مدونة في الكتب، وما استفاده من مخالطة هؤلاء الخطباء. يقول الملا حسن “اسعفني الملا راضي المرهون ببعض الكتب، لاستفيد منها في خطبي وقراءتي في المجالس، بعد أن وصله خبر تلف الكتب وضياعها”.

ولا زالت آثار التحسر لفقد مخطوطات ومجاميع مدونة من الشعر كتبها وجمعها آل شهاب، تؤثر في نفسه، ويتذكره بشجن الحريق.

ولعل هذا أحد أبرز أسباب توقفه عن كتابة الشعر، بعد ان التهمت النار كتبه ومجاميعه، والتهمت شعره أيضاً، فلم يُعاود الكتابة بعدها.

خطيب تابع ثم مُستقل

بدأ الملا حسن آل شهاب الخطابة حين كان في حدود العاشرة، مع الملا مهدي بن حبيل، واستمر حتى اليوم، ومر في عدد من المراحل والتغيرات، وحتى الانقطاع.

يذكر الملا حسن فيما ينقله عنه آل سنبل، أنه التحق بالسيد علوي آل طويلب، بعد الملا مهدي حبيل، كما قرأ مع الملا جواد المعراج لفترة، وفي فترة أخرى قرأ مع الملا مكي المدن، وتأثر به كثيراً، وكان يساعده في قراءة الكتب له، لأن المدن كان مكفوفاً.

استمر في التقديم 10 سنوات تقريباً، تخللتها قراءة في عدد محدود من المجالس المُستقلة. وكان أول مجلس مُستقل له في محرم سنة 1390هـ، بعد انقطاع فترة بسبب التحاقه في الوظيفة النظامية، فقد عمل في الظهران، ثم مراقباً للملاريا، وبقي موظفاً حتى 1390هـ.

تشجيع الوالد

يُشير آل سنبل، إلى تشجيع الحاج علي مدن آل شهاب، والد الملا حسن، لابنه للسير في طريق الخطابة الحسينية، إذ كان يأخذه معه منذ صغره إلى فواتح ومجالس العزاء في القطيف، ويطلب من القارئ أن يتيح المجال لابنه حسن أن يقرأ، ليتعود على ذلك، حتى نمت في داخله هذه العادة، وأصبح شغوفاً بها، ودفعته للتعلم والتدرب والتتلمذ على يد عدد من الخطباء والكتاتيب والمعلمين.

في كتاب الملا حبيل

كانت بداياته تعلم القرآن الكريم في كتاب الملا مهدي حبيل، ثم تعلم الخط والكتابة عند السيد عدنان الطويلب، وبعدها التحق في كتاب الملا بدر العيد، ليكمل عنده تعلم الكتابة والقراءة. كما درس “الأجرومية” عند فضيلة الشيخ ميرزا حسين البريكي، وأعاد دراستها عند فضيلة الشيخ محسن المعلم (حفظه الله)، ودرس عنده أيضاً “قطر الندى وبل الصدى”، بينما درس الرسالة العملية عند الشيخ علي المعلم.

ولم يكتف بذلك، إذ التحق بركب الدراسة النظامية ليلاً، وحصل على الشهادة الابتدائية.

كتّاب خاص به

الملا المولود عام 1360هـ، لم يقبل أن تكون حياته على رتم معين، لذلك حاول جاهداً أن يقدم عدد من المبادرات والمشاركات التي أضافت لسيرته الكثير من مشاعر الاحترام والإجلال ممن عرفه وعاشره.

فبعد سنوات من التعلم في كتاتيب الجارودية، والتتلمذ على يد خطبائها، قرر الملا حسن أن يفتح له “كتـّاباً” لتعليم القرآن الكريم، واستمر فيه من ثلاث إلى أربع سنوات تقريباً، فتعلم عنده جمع من أبناء الجارودية، وكان يجتمع لديه حوالى 30 طالباً.

من أم الحمام للجارودية

مرت عليه سنوات انشغل خلالها في وظيفته، منقطعاً عن الخطابة، ثم عاد ليكمل المسير. ولكنه أضاف في جدول مهامه ومبادراته الاجتماعية؛ المشاركة في جمعية أم الحمام الخيرية، حيث كان عضواً إدارياً بها لمدة ثلاث سنوات.

وأصبح آل شهاب مسؤولاً عن روضة أم الحمام، ثم بعد أن فتحت فرعها في الجارودية؛ صار هو رئيس الفرع، إلى أن استقلت جمعية الجارودية سنة 1402هـ، فاختير رئيساً لها، وظل في رئاستها حوالى 20 عاماً، إلى أن طلب الإعفاء، وقوبل طلبه بالرفض، وكرر الطلب حتى وافقوا عليه.

ويُضاف إلى ذلك خدمات الملا حسن آل شهاب، الارشادية للحجيج، حيث ذهب مرشداً بين 12 إلى 13 عاماً.

من أشعاره المحفوظة لديه حتى الآن:

سادتي ابن شهاب يرجوكم ذخر

بالحياة أو تحضروا له بالقبر

والشفاعة يرتجيها منكم ابيوم الحشر

له تضمنوها يا بني عدنانها

سادتي قنكم ويرجوكم ثبات

بالصراط أو ترحموه وقت الممات

أو باليسر مدُّوه في طول الحياة

ابجاه أمكم الزهرا اوعالي شانها

               

‫4 تعليقات

  1. الله يشفيه ويعافيه ويقوم بالسلامة بحق محمد وآل محمد

    وشكرا لصحيفة صبرة
    وشكرا للصحافيه المجتهدة شذى المرزوق

  2. شكرا صبرة وأنتم تكونون واجهة إعلامية راقية ومشرقة ومشرفة لأنكم تسلطون الضوء على مثل هؤلاء الأفذاذ وعلى تاريخ حافل بالمثابرة والتضحية والكد والجهد لرجالات القطيف الذين في قصصهم عبرة ودافع لهذا الجيل و للأجيال القادمة في إكمال هذا المشوار والحفاظ على هوية قطيفنا وإرثها.

    ملا حسن آل شهاب من الأسماء الضخمة التي تزاحم الذاكرة
    لغته على المنبر لغة فصيحة جدا جدا
    و خطابه خطاب رفيع ومثقف في إطار المنبر الكلاسيكي الذي يهدف بشكل رئيس إلى بث معارف وعلوم أهل البيت ويؤكد على الجوانب التربوية والاجتماعية
    لدرجة أنه يعد الخطيب رقم ١ في بلدته الجارودية
    ومن الخطباء المرموقين والذين يشار إليهم بالبنان على مستوى القطيف بأكملها
    ويجد الاحترام والتقدير من جميع أطياف المنطقة

    نسأل الله أن يتفضل عليه بالصحة والعافية بحق محمد وآل محمد الذين دأب في خدمتهم

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×