ليست حرية شخصية.. بل شروعاً في القتل

جمال عبد الكريم آل حمود*

الحرية حق لكل إنسان لا ينكرها عليه منصف أو يرفضها عادل. والأصل في هذه الحرية أن تكون في حدود ما يكون ما يعود منها من نتائج على المرء نفسه، ولا ينبغي أن تتعداه لتلامس نتائجها حياة الآخرين، وإلا فإنها حينها ام تعد حرية بل شابها شيء من التعدي.

والقول نفسه ينطبق على التصرفات الفردية للأشخاص في كل شؤونهم الحياتية، وحتى العبادية لطالما كانت نتائجها محصورة فيه دون سواه مع عدم التغافل أو إغفال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حين يكون في الممارسة فظاظة وجرأة وسوء سلوك وجرح كرامات.

جميعنا يعلم حجم الكارثة التي تسببت بها جائحة كورونا على الصعد كافة، إلى حد أن كل مناحي الحياة تعطلت، واستنزفت كل الطاقات والإمكانات على كافة المستويات ومختلف الجهات حكومية وغير حكومية، في محاولة لمواجهة هذه الجائحة والتخفيف من آثارها ومكافحتها والخروج منها بأقل الخسائر الممكنة، وفي محاولة للعودة بالحياة إلى ما يشبه الأوضاع الطبيعية.

هذه الجائحة أودت بحياة آلاف المواطنين وأصابت مئات الآلاف منهم واستهلكت كل طاقات وقدرات العنصر البشري في القطاع الصحي وغيره من القطاعات المعنية، مضافاً لهم الجهد التطوعي المجتمعي.

تعطلت المدارس ولا تزال، عطلت المساجد ولا تزال معطلة جزئياً، والأعمال والإدارات كلها أيضاً تم التوجيه بالعمل فيها بصورة جزئية وبتدرج برغم التكلفة الإقتصادية الباهظة. كل ذلك في سبيل القضاء على الجائحة وحماية المواطنين من خطر الإصابة بها.

فُرضت قيود وإجراءات إحترازية تساعد وتُسهم في تجاوز هذا الوباء القاتل الذي لا تزال دول عظمى وغير عظمى، دول كبرى ودول صغرى ترزح تحت أعباء ما رتبته هذه الجائحة عليها من استنزاف اقتصادي وخسائر بشرية، وتحول اجتماعي في العالم كله.

وفي الوقت الذي تبذل فيه الجهود الإعلامية وعلى مدار الساعة للحث على الالتزام بالتباعد الاجتماعي والتقيد بإجراءات الحماية الاحترازبة، ويُعلن عن قوانين عقابية للمخالفين، يفاجؤنا نفر من هنا ونفر من هناك بتجاوز كل ذلك وباستهتار وبالضرب بعرض الحائط بكل ذلك ويقدمون على ارتكاب ذنب وخطيئة الاختلاط الذي هو أكبر وأهم سبب تزايد حالات الإصابة بهذا الفيروس القاتل.

وهنا نقول لهؤلاء وأمثالهم وبصوت عالٍ قفوا هنا لم تعد لكم حرية ينبغي أن تحترم. بل ينبغي أن يقال لهم قفوا فأنتم مسؤولون ومجرمون وينبغي أن يساقوا إلى المحاكم لأن في الأمر جريمة وهي محاولة قتل.

إن ما جرى في أحد المقاهي بالقطيف لم ولن يكون حرية شخصية، ولم ولن يكون عملاً عفوياً يمكن التساهل به أو التسامح مع مرتكبيه، بل هو بحكم الشرع والقانون جريمة إلحاق الضرر بالآخرين وترقى في بعض جوانبها إلى قضية شروع في القتل.

لذا ومن هذا المنبر فإنني أناشد الجهات المعنية في الدولة بالضرب بيد من حديد على هؤلاء العابثين، وسوقهم إلى العدالة لينالوا ما يستحقون من الجزاء. ومعاقبة صاحب المقهى ليس فقط بإغلاق المقهى بل بمحاكمته كأحد أهم المتسببين في انتشار هذا الفيروس ومنعه من ممارسة أي نشاط آخر مستقبلاً لمدة طويلة كي يكون عبرة لمن يعتبر.

وإلا فإن الأمر قد يسير في اتجاه من أمن العقاب أساء الأدب. في حالة هذا المقهى لا يكفي أن تقوم البلدية بإغلاق المقهى وفرض غرامة وإن كان هذا ما يسمح لها به النظام، إلا أنه ينبغي أن يكون للنيابة العامة وللمحكمة الشرعية دور في معاقبة هؤلاء لأنهم خطر على الوطن والمواطن ووبال عليهما. وإنني لن أكتفي بكتابة هذه السطور بل أعتبرها بمثابة إبلاغ وإخبار للجهات المعنية سأقوم بمتابعته حتى ينال هؤلاء عقابهم الرادع لهم ولمن تسول له نفسه التسبب في فقداننا لأهلنا وأبنائنا ومعاناة حرماننا من العودة لحياتنا الطبيعية.

* وكيل شرعي وحقوقي.

‫6 تعليقات

  1. شيخنا الغالي أبا جعفر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . شكراً لكم وبارك الله فيكم وحفظكم ودمتم وأطال الله في عمركم ونفع الله بكم . شكراً لجميل الأثر الذي خلفتموه بمروركم الكريم وحضوركم العبق . تحياتي لكم .

  2. الأستاذ حسن بن علي شكراً لتعليقكم . لكن كيف تبين لك أنه لا مشكلة لدي في الإختلاط ، وإلا ما معنى عدم إغفال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ وما معنى الفضاضة ، والجرأة ، وسوء السلوك ؟ وجرح الكرامات ؟ ألم يكن في كل هذا دايل على رفض أمر الإختلاط ؟ ربما لم يخطر لكم أن هذه العبارات المقصود فيها هو الإختلاط فكتبتم ما كتبتم ، وأرجو أن يكون في التوضيح ما يزيل ما عرض لكم من لبس . شكراً لكم مجدداً . تحياتي

  3. الأخ محمد عبد الله شكراً لكك لما تفضلتم به . الأنر نفسه ينطبق على كل ما يمكن أن يكون سببا في تفشي الفايروس ونقل العدوى وإيذاء الآخرين . وأنا من أولئك الذين يدعون إلى الإلتزام بتوجيهات المرجعية بالتقيد بما يصدر من تعليمات بهذا الشأن . الشعائر رغم احترامنا لها وحثنا عليها لكنها لن تكون واجبة إن كان يترتب عليها ضرراً وهو المرجح أن يكون الضرر كبيراً في حال إحيائها دون التقيد بالإجراءات الإحترازية . أكرر شكري لمتابعتكم ولما تفضلتم به . تحياتي

  4. أتمنى أن يكون هذا الحماس في محاسبة المخالفين في المقهى والحفل الغنائي هو نفسه وعينه وذانه الحماس في متابعة المتوعدين لمخالفة الإجماع الطبي والعلمائي في عدم إقامة المجالس الحسينية حضوريا في عشرة محرم الحرام
    نرجو مراقبة الوصع والتبليغ عن كل مخالف للاحترازات ، فعلى ما يبدو أننا متحمسون وخائفون على مجتمعنا ممن يشرعون في القتل ويتسببون في أذى الغير ، أرجو ألا نكيل بمكيالين والله تعالى من وراء القصد.

  5. الكاتب يريد أن يقول ما فيه مشكلة على الاختلاط والغناء في المقاهي ، أهم شي التباعد ولبس الكمام.
    ذكرني ذلك بسائق دراجة نارية قبضت عليه الشرطة في إحدى الدول الأوروبية حيث كان يقود الدراجة وهو عار تمامًا ( كما خلقتني يا رب ) ، لماذا قبضوا عليه ؟ لأنه لم يكن ملتزمًا بقواعد السلامة حيث لم يكن يرتدي خوذة.

  6. سلام عليكم : نعم هو تساهل في حفظ النفوس المحترمة وحفظ حقوق الناس وغير ذالك فإنها مخالفة للعرف والدين، هناك تهاون بمشاعر الناس واحترامهم، أؤيد الكاتب في كل ما قال وأرجو أن يحاسب هؤلاء حسبا عسيرا لا هوادة فيه

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×