قرار يحرم القطيفيين من “كنعد البرنجوش” و”تحت القدر” لمدة 60 يوماً حظر صيد الكنعد اعتباراً من اليوم ولمدة شهرين.. لمنحه فرصة التكاثر

نقص الكميات رفع أسعار 100% وجعله الأغلى بين أنواع اللحوم محلياً

القطيف: ليلى العوامي

اعتباراً من اليوم (السبت)، لن تدخل أسماك الكنعد إلى بيوت القطيفيين، وبقية السعوديين، وحتى الخليجيين، إلا إذا كانت مجمدة، وهو ما لا يحبذه عشاق هذا النوع من السمك، الذين لا يستهلكونه إلا طازجاً، لأن المثلج “يفتقد الطعم”.

كثير من عشاق الأسماك يعتبرون الكنعد “ملك السفرة”، ويتفننون في طرق طبخه، فمن المقلي مع الأرز الأبيض، إلى الصالونة، برياني مقلوبة و”البرنجوش”، حتى البرغر يصنعونه من الكنعد، فهو لا قليل الزفر، وأيضاً قليل الأشواك، فضلاً عن لذة طعمه.

هذه الميزات أدت إلى ارتفاع سعر الكنعد بشكل كبير، حتى أنه تغلب على الهامور. ويراوح سعر كيلو الكنعد بين 40 و45 ريالاً للمستورد، أما البلدي فبين 70 إلى 95 ريالاً، وهو ما يجعله أغلى أنواع اللحوم على الاطلاق، بما فيها لحوم الخراف البلدية، مثل النجدي والنعيمي.

حظر الصيد

أدى هذا الإقبال على استهلاك الكنعد، إلى تناقص كمياته في مياه الخليج العربي بشكل كبير، وهو ما دفع البرنامج الوطني لتطوير قطاع الثروة السمكية (أحد برامج وزارة البيئة والمياه والزراعة) إلى حظر صيد سمك الكنعد اعتباراً من 15 اغسطس الجاري حتى 15 أكتوبر المقبل.

وقال البرنامج في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، إن هذا الحظر يهدف إلى “منح الفرصة لتكاثر أسماك الكنعد، والمحافظة على مخزونه الاستراتيجي”. وعد الصيد في موسم الحظر “مخالفة تستوجب العقوبة والغرامة المالية حسب اللائحة التنفيذية لنظام الصيد”.

ولا يقتصر هذا الحظر على المياه الإقليمية السعودية في الخليج العربي والبحر الأحمر، بل يشمل كل دول الخليج الأخرى، إذ استند البرنامج في قراره إلى “قرار الهيئة الإقليمية لمصائد الأسماك”.

تحت القدر

رغم اقتناع وجيهة آل ادخيل، بصوابية قرار الحظر، لكنها تجد صعوبة في غياب الكنعد عن مائدتها لمدة شهرين. تقول “الكنعد قليل الشوك، فضلاً عن سهولة تقطيعه”.

تضيف وجيهة، التي تفضل وأسرتها تناول الكنعد مقلياً، أو تحت القدر مع حشوة البصل والليمون الأسود، “يصعب علينا فراقه هذه المدة؛ لأننا نفضله طازجاً، ولا نأكله مثلجاً أبداً”.

ولا تختلف علاقة شيخة علي وأسرتها مع الكنعد، عن سابقتها، وهم يفضلونه “طرياً” لطبخه “مقلياً، أو مقلوبة، وحتى المقلي بالزيت خفيف على المعدة”، تقول “لا تخلو مائدتنا منه، ويصعب علينا أن نفتقده، ولكن إذا كان الحظر للمصلحة العامة؛ فسنتحمل”.

برنجوش الكنعد

تستعيد ذاكرة بشرى القطري أيام الكنعد في بيت والدها (رحمه الله)، تقول “يفضلونه كثيراً مع البرنجوش (أرز يُطهى بالدبس بدل الماء)، أمّا أنا؛ فأفضله مع الأرز الأبيض”، مبينة أنها – كما هو حال غالبية أهل القطيف، كونها منطقة ساحلية -، “لا نستهلكه مثلجاً لأيام طويلة، وإنما طازجاً، فطعمه ولونه يتغيران مع طول التخزين في الفريزر”.

أما ابتسام المصطفى، فترفض أن يبقى الكنعد يوماً واحداً في الفريزر، تقول “نفضله طرياً وبلحه أبيض وسميك، ويجب أن يُقلى في نفس اليوم، وإذا مضى عليه يوم أو يومين؛ فسيتغير طعمه، ونحن نفضله مقلياً في جميع الطبخات، حتى البرنجوش، ولكن نادر جداً أن نطبخه مطبق تحت الأرز”.

مع الحظر رغم ألم الفراق

في منزل زهير علي حسن القديحي (وكيل مدرسة)، يدخل الكنعد في كثير من الطبخات، منها مطبق السمك، الكبسة، المحموص، المقلي، وكذلك المشوي على الفحم، أو تحت القدر.

يشير القديحي، إلى أن سعر سمك الكنعد يفوق في بعض الأوقات سعر الذبيحة، مؤكداً أنه “النوع الذهبي لكل بيت، رغم فوارق الحال الاقتصادية، لذلك لا يمكن الاستغناء عنه، وربما هذا هو أحد أسباب ارتفاع أسعاره”.

ورغم إحساسه بـ”آلم الفراق”، إلا أنه يضيف “لا بد من تحمل ذلك، للمحافظة على هذا النوع من الانقراض. وأنا من مؤيدي الحظر بشدة، ففراق شهرين ثم عودة الكنعد إلى السوق بكميات وأحجام أكبر أفضل من الفراق الدائم”.

العرض والطلب

حسين الدبيسي، بائع أسماك، يرفض بيع المستوردة منها، يعزو غلاء الكنعد وغيره من الأصناف إلى “العرض والطلب”، يقول “قلة العرض ترفع الأسعار، فسعره اليوم وصل إلى 80 ريالاً في الحراج، وحين أبيعه فسأضع هامش ربح معقول، مثلاً 85 ريالاً، فيعتقد بعض المشترين أننا نحن الباعة من نرفع الأسعار، بينما في الواقع هو أن مبدأ العرض والطلب من يتحكم في الأسعار”

يضيف الدبيسي، الذي تحدث إلى “صبرة” أمس (الجمعة)، “نزل الكنعد إلى الحراج اليوم، مرتفعاً، بسبب قرار الحظر الذي سيدخل حيز التطبيق غداً (السبت)، مما دفع شركات كبيرة ومطاعم إلى شراء كميات كبيرة منه”، لافتاً إلى أن الحراج لا يعتمد على استهلاك أهالي القطيف فقط.

ويلفت إلى أن أسعار الكنعد في ذروة جائحة كورونا، كانت “زهيدة جداً”، وكان الكيلو يراوح بين 50 و60 ريالاً، لكن الأسعار ارتفعت لاحقاً، لأسباب متعددة، منها ارتفاع نسبة الضريبة.

العمال والضريبة والمستورد

محمود فاضل العرادي، بائع أسماك في جزيرة تاروت، ورث “النوخدة” أباً عن جد، يقول عن تناقص الكنعد في السوق، “حقيقة هو لم يتناقص، وإن كان هناك نقص فسيكون بسبب عدم وجود عمال، وكذلك القوارب المتوقفة، بالإضافة إلى تجاه الصيادين لصيد الربيان خلال الأسبوعين الماضيين، فضلاً عن صعوبة اصطياد سمكة الكنعد، فهي تبقى في المنطقة شهراً واحداً فقط، ثم ترحل لمناطق أخرى، فهذا قد يكون سبباً لنقصها أيضاً”.

وعن ارتفاع سعره، يضيف “ارتفع بشكل خيالي، فلم يتصور أحد أن يصل إلى بين 90 و95 ريالاً، فمنذ سنوات طويلة كان سعره ثابتاً بين 35 إلى 45 ريالاً، وكلما كبرت السمكة قل سعرها”.

ويشير العرادي إلى سبب آخر أدى إلى ارتفاع الأسعار، وهو عمال في السوق، ودورهم في المزايدة، فضلاً عن ضريبة القيمة المضافة، ووجود أسماك مستوردة رخيصة تُباع على أنها محلية، كل هذه الأمور لها دور في ارتفاع أسعار الكنعد.

أسباب أخرى للنقص

يقر ميثم مهدي المحروس (دلال في سوق الأسماك)، بتناقص الكنعد في مياه الخليج، يقول “نعم هناك تناقص، وبدرجة كبيرة، ولكن لا بد أن نضع نصب أعيننا بعض الأسباب التي أدت لذلك، ومن أهمها منع الصيد في مواقع كانت سابقاً المقصد الأول للصيادين، فضلاً عن تقليل مدة التصريح خلال فترة الصيد الواحدة”.

يضيف المحروس “إذا ما قارنا بين السنوات الماضية والفترة الحالية؛ فستعتبر نسبة النقص كبيرة جداً، ربما تصل إلى 70%. وهذه النسبة تشكل فارقاً شاسعاً ومؤثراً على هذا النوع من الأسماك، بسبب زيادة الطلب الكبير عليه، ففي بعض الأحيان يكون السعر مشكلة للبائع قبل المستهلك، فهو يريد أن يصرف بضاعته، ولا يرغب في الاحتفاظ فيها، وفي الوقت نفسه لا يريد بيعها بسعر أقل مما اشتراه به”.

ويقارن الأسعار خلال السنوات العشر الماضية، لافتاً إلى أن الأسعار غير ثابتة، ولا توجد قاعدة معينة لتحديد هذا الارتفاع، لكن بالإمكان أن نحدد هذا الارتفاع بين 50 حتى 100%.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×