الشاعر علي مكي الشيخ وتأثيث بواعث القصيد
محمد آل عمير
تنعكس اللحظة لإيضاح فكرة، عندها يبتكر الصمت أدواته للظهور:
أمشي إليك وأسرق الوقتا
بعض الكلام يرتب الصمتا
وحدي أتيتك كي أجمّعني
أنا مفرد لكنني.. شتى
من ديوان كرز
يتناغم مساره مع تضاريس الوقت في دهاليز الحضور والغياب.. يقول في رثاء جده الحاج علي يرحمه الله:
أترحلُ كيف تتركنا، وتيه الدرب يحضننا؟
أترحلُ عن يتامى العمرِ والأحزان تسكننا
أبي.. يا موطن الذكرى.. أضعنا بعدك الوطنا
أبي هذي جراحُ الروح ضاقتْ بين أضلعنا
أترحل والرحيل فمٌ .. يرتلُ ذكره محنا
بكتك دموعنا الخرسا وصلت في محاجرنا
أيا تسبيحة الأنفاس كنت لعاشقيك منى
من ديوان مملكة التسبيح
تأتي اللحظة لتعثر على فكرتها، كي تخلد ذكراها، ويأتي الصمت برفقة الصدى، المنبثق من أعماق النقوش في شرايين الذاكرة، يتحول الصدى إلى إيقاع قصيد
يقول الشاعر الشيخ في “تآكل الماء” بمضامين الطف:
قد حاول الماء
أن لا يرتدي عطشك
فمد نحوك.. ظل الوهم وافترشك
تآكل الماء..
مذ لاحت له شفة..
كلونها
أنت أهديك الظما غبشك
يشكو لك الموت
جرحا في مهابته
“فكان “عقدا
على “جيد” المدى نقشك
لا شيء.. في الطف..
إلا أنه.. عدم
ملء الفراغ..
وصوت كالصدى انتعشك
ضمن ثقافات.. “شعر” / صُبرة 28-9-2020
يتحول القصيد إلى لغة فنان، يحيك تطريز كلماته باستلهام عميق الإدراك تتجلى فيه المخيلة بآفاق واقعية وصور ذات زوايا مدهشة، هذا ما يكتبه كأنموذج الشاعر علي مكي الشيخ… ينهض بالصمت إلى اختزالٍ مطرز بالبوح، يجعل من الصمت كينونة لغوية، لها مساحات من التأمل، يعيد ترجمة الشعر كأقصوصة باهرة، مع كلمات تتألق بها المعاجم والقواميس، يعيش مع الأساليب التقنية في اللغة كترتيلة شغف نحو احترام مفاهيم الأبجدية وتأويلاتها.