صديقة ومريم حائكتا ملابس.. بفضل جائحة كورونا الأولى صممت "كمامات".. والثانية ابتكرت "دُمى"
القطيف: ليلى العوامي
ما بين الحاجة، والاستثمار الأمثل للظروف الرهنة، تعاملت صديقة البراهيم ومريم حسن آل تحيفة مع جائحة كورونا بشكل إيجابي، استثمرتا تداعيات الأزمة بذكاء حاد وطريقة عملية، ونفضتا الغبار عن مهنة الخياطة التي تعلمتاها في وقت سابق، وقامتا بحياكة الملابس لأفراد أسرتيهما بتصاميم مبتكرة عصرية، ولمسات إبداعية.
فبينما استعانت صديقة بخبرات اكتسبتها من إيرلندا واسكتلندا قبل ربع قرن، قررت مريم أن تطلق العنان لخيالها، وتبتكر تصاميم ملابس، مُزينة بالدمى.
ورغم التعليم منذ الصغر، إلا أن السيدتين تتفقان على أن خبرتهما الفعلية والإنتاجية في حياكة الملابس، لا تتجاوز الأشهر الستة الماضية، وهي نفسها فترة ظهور الوباء في المملكة. وتبقى لكل منهما قصص جميلة، تبين بداياتهما في هذا المجال.
المراحل الأربعة
البداية كانت مع صديقة البراهيم، التي أتقنت فن حياكة الملابس، تقول “في زمن كورونا عُدت للخياطة، اشتريت ماكينة جديدة ومعها مستلزماتي من الأسر المنتجة في المنطقة، وبادرت بخياطة ملابس لبناتي، ووالدتي وحفيدتي، ولم يقتصر الأمر على الملابس، وإنما استثمرت الجائحة وصنعت الكمامات القماشية أيضاً”.
وتصف صديقة أو أم فاطمة، كما تُحب أن يناديها الناس، بدايتها بقولها “كانت البداية على 4 مراحل متباعدة، الأولى اكتشفت فيها موهبتي في الخياطة، وتوجهت إلى دبلن في أيرلندا بعد حصولي على بكالوريوس التمريض من جامعة الملك سعود، لبدء مرحلة الامتياز، وذلك بعد زواجي من الدكتور عبدالواحد المشيخص الذي كان يدرس الطب في الكلية الملكية للجراحين في البلد ذاته، وهناك تعرفت إلى سيدة عراقية، أخذتني لأكون مترجمة لها في دورة تدريبية للخياطة، ووجودي معها جعلني اكتشف موهبتي، وإظهار قدرتي على الخياطة، فعززت هذه الهواية، وقمت بخياطة أول ثوب حمل لي، وظللت ألبسه حتى أنجبت ابنتي الرابعة”.
دورات متعددة
المحطة الثانية لأم فاطمة كانت في اسكتلندا، وفيها بدأت تطبق ما تعلمته، تقول “كنت أجلس وقتاً طويلاً بمفردي، بسبب إنشغال زوجي في الدراسة، واقتنت ماكينة خياطة، وصنعت ملابس لي، ولمولودتي وحصلت على دورات تدريبية متخصصة في عمل الستائر والوسادات وخلافه”.
بدأت أم فاطمة المحطة الثالثة بعودتها إلى المملكة عام 1992. “بسب المشاغل الاجتماعية المتعددة، والعمل، ركنت ماكينة الخياطة 25 سنة، وبعد كل هذه السنوات، عدتُ للخياطة، عندما حملت ابنتي في توأم، وبسبب فرحتي لأنني سأصبح جدة، قررت أن أصنع ملابس التوأم بنفسي، فنفضت الغبار عن الماكينة، وبدأت أخيط ملابس لابنتي الحامل، ومولوديها”، مضيفة “قمت بخياطة بطانيات للتوأم”.
تقول أم فاطمة “في عيد الفطر الماضي، ألبست بناتي ملابس العيد من صنعي، وتصميمي، لكنهن في عيد الأضحى الحالي، لم يطلبن مني أن أخيط الملابس، وفضلن ارتداء ملابس العيد الماضي، لأنها تعجبهن كثيراً”.
صناعة الكمامات
تضيف أم فاطمة “كل قطعة أخيطها تأخد مني اسبوعاً لإنجازها، وقمت بعمل كمامات للوالد والوالدة وبناتي الطبيبات وزميلاتهن وزوجي وكثير من أفراد العائلة عندما كانت هناك أزمة في الكمامات، حيث أخترت نموذجاً معتمداً من جهة صحية أميركية، يراعي مواصفات منظمة الصحة العالمية، ولكنني بعد فترة توقفت عن صناعة الكمامات، عندما توفرت الأنواع ذات الاستخدام الواحد في الأسواق، ولكن اخواتي ما زلن يستخدمن كماماتي، حيث أنهن استعضن بها عن النقاب”.
مريم آل تحيفة
لم يختلف المشهد بالنسبة إلى مريم آل تحيفة، التي أجادت حياكة الملابس وصناعة الدمى عليها قبل ظهور الجائحة، ولكنها في زمن كورونا، أبدعت في هذه الصناعة أكثر من ذي قبل.
تقول “لكل موهبة طريقها في الإبداع، الجائحة جعلتني أصنع الملابس ومعها الدمى لبناتي وحفيداتي، حتى لا يشعرن بالملل”. وتتابع “حولت الجائحة إلى فرصة لتعليم بناتي مهنة الخياطة، فكنت أظن أن المهنة ستندثر وستضيع مني، لكن الجائحة جعلتني أنقل أسرار المهنة إليهن”.
وعن بداياتها في تعلم الخياطة تقول “منذ أن كان عمري 6 سنوات، كنت أجلس بجانب والدتي (يرحمها الله)، وأنظر لها كيف تدخل الخيط في إبرة الماكينة، وكيف تتعامل معها، وأصبحت أقلدها، وأحياناً أصمم من تفكيري وخيالي ملابس على غير الواقع، حتى أتقنت الخياطة، وأحببتها وأصبحت هوايتي المفضلة”.
وتتابع مريم تحيفة “أجمل ما خاطته ماكينتي ملابس زواجي، وجميعها من تصميم خيالي، وعندما أنجبت بناتي أصبحت بين فترة، وأخرى أصنع لهن الملابس، ويعجبهن تصميمي كثيراً، لكن هذا لا يعني أنني أرفض شراء الملابس الجاهزة من المحال”.
وتضيف “استثمرت الجلوس في المنزل وقت الجائحة، وصنعت الملابس والألعاب من الدمى، كي تتسلى بناتي، وحتى لا يشعرن بالملل”.
وتضيف “أيقنت أن صناعة الملابس أمر ممتع للغاية، خاصة إذا رأيت ما أصنعه على بناتي بألوان زاهية، يشاركن في اختيارها، وموديلات ساهمن معي في تصميمها”.
وعن اختيار الأقمشة تذكر “أختار أقمشتي بعناية، وقد ألجأ لتدوير الملابس القديمة، لأصنع من البنطلون تنورة، أو حقيبة، وأحياناَ ثوباً مناسباً لطفلة صغيرة من أحفادي، بالإضافة إلى الأقمشة التي أقتنيها”.
وتتابع “صنعت لبناتي ملابس القريقعان، وملابس عيد الفطر المبارك، وها أنا أكمل ما بدأته، وأصنع ملابس عيد الأضحى المبارك الحالي، وتجرأت وقمت بخياطة ملابس المدرسة لبناتي، فالخياطة تجربة جميلة، وأقر بأن الجائحة ساعدتني على ذلك”.