الفقاعة الاجتماعية الآمنة
أحمد الهاشم*
مع حلول عيد الأضحى المبارك، وبالتزامن مع العودة لمناشط الحياة الاجتماعية، ما زالت دعوات السلطات الصحية في المملكة والعالم بضرورة استمرار الإجراءات الاحترازية ومن أهمها التباعد الاجتماعي والذي ما زال يمثل واحدًا من أهم الاستراتيجيات الوقائية لخفض الإصابات بمرض كوفيد-19 في ظل غياب اللقاح.
يعبّر مفهوم الفقاعة الاجتماعية (Social Bubble) عن المحيط الاجتماعي الآمن الذي يحتوي على مجموعة من المخالطين المعتادين كأفراد الأسرة الصغيرة وزملاء العمل، والذي يمثل التواصل المتكرر معهم ضرورة من ضروريات الحياة، شريطة أن يلتزم كل فرد منهم بالإجراءات الإحترازية عند التعامل مع أشخاص آخرين من خارج الفقاعة.
ويعتبر هذا المفهوم أحد النماذج الوقائية المطروحة في دراسات الصحة العامة والتوصيات الصحية لضمان استمرار التواصل الاجتماعي الآمن بما يحقق مبدأ التباعد الاجتماعي.
في دراسة نشرتها مجلة Nature إحدى أعرق المجلات العلمية، قام الباحثون بتقييم 3 نماذج لاستراتيجيات تحقق من خلالها مبدأ التباعد الاجتماعي كان أحدها بناء الفقاعة الاجتماعية الخاصة بالأفراد بغرض التكيف الآمن لاستمرار العلاقات الشخصية بالإضافة لتأثير هذه الإستراتيجيات على تسطيح المنحنى الوبائي للمرض وبالتالي تقليل عدد الإصابات وحماية الأفراد من العدوى جراء التواصل العشوائي في فترة ما بعد الإغلاق (كتجمعات العيد مثلًا).
لا يهدف بناء الفقاعة الاجتماعية لتقليل عدد الأشخاص المتواصلين أو عدد مرات تواصلهم، وإنما للحد من التواصل مع المعارف خارج إطار هذه الفقاعة (التواصل العشوائي). وذلك عبر اختيار شركاء التواصل (كأفراد الأسرة وزملاء المكتب) أو عائلتين صغيرتين بحيث يكون التواصل محدود ضمن هذه الدائرة، على أن يقوم جميع أفراد هاتين الأسرتين (أعضاء الفقاعة) بعدم الاختلاط مع أشخاص من خارج الفقاعة أو الالتزام بالإجراءات الإحترازية عند التعامل مع أشخاص من خارج الفقاعة (أثناء التسوق، الذهاب للمسجد وغيرها من المناشط الاجتماعية)
إحياء فعاليات العيد يجب أن لا يتجاوز هذه الفقاعة كالاختلاط العشوائي مع عائلة الجد الكبيرة والتي تتكون من عوائل صغيرة حيث يمثل هذا التجمع (أو غيره من التجمعات العشوائية) حاضنة سهلة للإصابة بالعدوى وذلك لتواصل بعض الشركاء مع أشخاص من خارج العائلة مما يحقق طريقًا سهلًا لانتقال الفيروس من خارج العائلة لداخلها، بل يجب أن يبقى داخل إطار الأسرة الصغيرة (المخالطين المعتادين) أو عبر تكوين الفقاعة الاجتماعية الخاصة بالعائلة والتي تضمن عدم الاختلاط المباشر مع الآخرين دون أخذ الاحتياطات الوقائية.
_________
*أخصائي الصحة العامة