من أين جاءتني عدوى كورونا…؟

حبيب محمود

أغلبُ الذين ركلهم فيروس كورونا في طريقه؛ لا يملكون يقيناً تامّاً عن مصدر العدوى. قصص نسمعها من مصابين ومتعافين تُشير إلى احتمالات مرجّحة. لكنّ حسم الأمر يكاد يكون غيبياً في حالات ليست قليلة.

بعض الذين لحقوا بالركب يصرّحون ـ جازمين ـ بأنهم التزموا احترازات، وتجنّبوا الزحام، وقاطعوا عاداتٍ، وملأوا منازلهم بالمطهرات والمعقمات، وأصغوا إلى النصائح. ومع ذلك؛ انضموا إلى قوائم وزارة الصحة.

بالمقابل؛ هنا أصحّاء عاشوا وسط مصابين، وخرجوا سالمين. هناك أسر نجا منها فرد أو اثنان، وأصيب سبعة أو تسعة منها. العكس حدث أيضاً. يبدو الأمر ـ ظاهرياً ـ وكأن الأخ الفيروس ينتقي ضحاياه انتقاءً، ويختارهم اختياراً، ويحدد جزءاً منهم، ثم يذهب إلى جزء آخر من مجموعة أخرى.

هكذا بنى فيروس كورونا لنفسه جُزراً بين مجموعات الناس، وتركّز في جزء من منطقة دون الأجزاء الأخرى، وتحاشى مناطق تماماً، في حين إن الظروف متشابهة.

بالتأكيد؛ ليس فيروس كورونا كائناً غيبياً، إنه كائنٌ له حيّزه من محيطنا إجمالاً. حيّزٌ ضئيل جداً، جداً جداً، إلى حدّ أن كثيراً منّا على قناعة زائفة ببُعده عنا. أو على الأقلّ يحملنا عجز حواسّنا الخمس عن إدراكه على محمل الركون إلى أن الحماية متحققة لنا، وضعيفة على غيرنا. وهكذا انتشر الفيروس، وتكاثر ضحاياه.

خلاصة ما علّمنا إياه الأطباء، خلال أشهر طويلة، هي أن العبرة ليست في قرب الفيروس منا فحسب، بل في قوة أجهزتنا المناعية من جهة. ومن جهة أخرى؛ إدراك أن هناك وهماً حقيقياً نعيشه في سلوكنا. كثيرٌ منّا يظنّ أنه محترزٌ بما يكفي، وحريص على النحو الذي يحميه. ولكنّ هذا الوهم يضلّلنا عن الانتباه إلى ثغرةٍ من ثغرات سلوكنا الوقائي..!

أيها المصاب، عافاك الله وشفاك، ولا تسأل: من أين جاءتني عدوى كوورنا..؟ بل راجع الثغرات جميعها. هذا الكائن الضئيل عرف كيف يصل إليك، وأنت سهّلتَ مهمته..!

‫2 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×