معركة القناعات
جواد المعراج
قال الله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.
إن التعاليم الإسلامية الواردة في النصوص القرآنية وروايات أهل البيت (عليهم السلام) تأمرنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمن الشروط الواردة في كتب الفقهاء الأعلام والمراجع الكرام ويكفي هذه الآية القرآنية للدلالة على ذلك {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، ولكن في نفس الوقت تلك التعاليم والنصوص لا تأمرنا بأن نقوم بتلك الأوامر من خلال الاعتداء على الآخرين المختلفين معنا دينا أو مذهبا من خلال القناعات الموجودة عندهم حتى وإن كانوا لا دينيين (ملحدين بشتى أصنافهم وقناعاتهم) فإن لهم حقوقهم وشعائرهم الخاصة التي يمارسونها، وفي النهاية سيتم معاقبتهم ومحاسبتهم من قبل رب العالمين، ولكن المهم محاورتهم وتوجيههم بالحسنى لهدايتهم ولتحصين المجتمع المسلم من أفكارهم التي تضر أبناء المجتمع وتبعدهم عن العقيدة الصحيحة التي نراها ونتيقن بها ففي هذا الوقت بالذات لا تستطيع أية قوة مهما بلغت أن تمنع أحدا من إيصال فكرته ونشر قناعاته مع وجود هذا الكم الهائل من أدوات التواصل الاجتماعي.
وكما ذُكر في سيرة الإمام علي (عليه السلام) أن حتى أعدائه أعطاهم كافة حقوقهم ولم يعتدي عليهم، ولم يتبع المنكر ويجبرهم على التمسك بقناعاته ورؤاه والتي هي الحق، وكما قال النبي صلى الله عليه وآله “علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار”.
وللتوضيح نأتي بمثال المسيحيين أو اليهود أو الملحدين ارتضوا بأن ليس هناك وجود لله الواحد الأحد أو الدين الإسلامي، فهذا القرار الشخصي يكون لهم.
أما أن يقوموا باتهام أهل الفكر الإسلامي والإيمان بالخرافة والخزعبلات والفساد والجهل فإن هذا الأمر ليس من حقهم وقناعاتهم سوف تكون مردودة على عاتقهم.
ختاما، نحن المسلمين أيضا لا يحق لنا أن نعتدي على المختلفين معنا من ناحية الدين والمذهب والفكر والقناعات، وعلينا تحصين أنفسنا وأجيالنا من خطورة الأفكار المائلة عن الحق وتبيان مخاطرها وضررها والهداية بيد الله وحده وهو الهادي إلى سواء السبيل.