خاطرة لأم أحمد.. زكية عبدالله الشخص.. في يوم أربعينها

إنها والله أزمة القلم.
فقد يحتار الإنسان كيف يفرغ كل ما عنده من شجون وألم.
وكيف نصور لك يا أم أحمد موجة الحزن والأسى
التي فاضت بها العواطف
فرحمة الله عليك يا أم أحمد ورضوانه
وجعل روحك مع أرواح محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله)

هكذا عرجتْ روحك إلى الرفيق الأعلى بعد رحلة طويلة مع المرض والمعاناة والتي لم يكن أحد يستطيع تحملها مهما كان عنده من قوة وجلد. لكنك كنت مؤمنة صابرة تعيشين مع إيمانك الذي تجذر في نفسك منذ الصغر. فأنت ربيبة البيت الذي ألبسك ثوب العفة والعفاف والتقوى وعلمك الصبر على الشدائد والمحن.

نعم رحلت يا أم أحمد ..
فقد والله كان لرحيلك ألما موجعا في نفوسنا. وحزنا عميقا امتلأت به مشاعرنا. ولم يكن أي منا يراوده غيابك في مثل هذه العجالة التي انتهيت إليها في شهر الرحمة، شهر رمضان المبارك.

نعم رحلت يا أم أحمد ..
تاركة لنا سيلا من الإنجازات الرائعة، يفتخر بها كل أبناؤك وكل أفراد أسرتك كبيرهم وصغيرهم. وما تأسيس دُور الرعاية والعناية لذوي الاحتياجات الخاصة والتي شملت محافظة القطيف ومحافظة الدمام إلا شاهدا على ذلك. فالفضل وكل الفضل يعود للجهود المضنية وما بذلتيه من تضحيات لإقامة تلك الدُور. فهي اليوم تلعب دَورا هاما في أوساط المجتمع، وتقدم أفضل الخدمات وأرقاها لذوي الاحتياجات الخاصة.

وأما المواقف النبيلة لكل من احتاج إلى مساعدة مهما كان حجمها فقد والله كنت أهلا لها. فالذين قدمت لهم مساعدة في التوظيف أو تسجيل أبنائهم في دُور الرعاية فهم كثر. وأما الذين كنت لهم واسطة خير وعطاء عند هذا وذاك فهم كثر أيضا.

نعم رحلت يا أم أحمد ..
آخذة معك كما هائلا من الأعمال الخيرة والمواقف النبيلة تريدين بها وجه الله والتي يتمناها كل من تعرّف على شخصيتك السمحة وأخلاقك الفاضلة الدمثة. فالبذل والعطاء والمشاركات الإنسانية والتبرع السخي للفقراء والمحتاجين كان هو الذي يميز تصرفاتك وسلوكك ومواقفك.

حبيبتي الغالية أم أحمد ..
هذه دنيانا نعيشها بكل هذه الأواصر العائلية والاجتماعية. فإذا ما فاجأنا القدر وسلب منا أحبتنا بعد هذا العمر الطويل فإننا لا نملك ما يعيدها. وإنما هي نهاية كل فرد منا. ومهما طال به الزمن فإن له يوما موعودا لا بد له أن يترجل فيه عن جواده.

ترحّل أحبابي فما الدُور بعدهم

وإن شمخ البنيان إلا مقابر

سدى كل ما في الأرض إلا أحبة

تفيئ لهم إن أرمضتك الهواجر

فإن رحل الأحباب عنك وأبعدوا

فأنت غريب ما لديه أواصر

وفقت سراة الناس كارثة الدنى

فماذا السما لولا النجوم الزواهر

زحام حشود الناس دون أحبة

ولا زاد فيهم يبتغيه المسافر

وقد أخذت مني القبور أحبتي

وأفردني من كنت فيهم أفاخر

وبطن الثرى مأوى الكنوز ومهدها

فإن غيب الترب الكنوز فعاذروا

وللقبر بالجسم الكريم تفاخر

كما للسرايا بالفتوح تفاخر

 

عزيزتي الغالية أم أحمد ..
هذه الكلمات وهذه الأبيات ما هي إلا جزء يسير عما يختلج في النفس من آهات وألم. فقد كان لرحيلك صدى يقصر عنه البيان، ويتعثر عنده القلم. فقد والله أمطرتِ دموعنا وملأت أيامنا حزنا وأسى. ونحن لك مدينون بالوفاء. فذكرياتنا معك يا أم أحمد كثيرة وكثيرة جدا. ومنذ أن كنت تتخطين مراحل دراستك سواء في مراحلها الأولى أو المتقدمة. وسوف تبقى كل تلك الذكريات حلما يعيش في نفوسنا، يذكرنا بك.

فإنا لله ..
وإنا إليه راجعون.

جواد باقر الشخص (خال المرحومة)

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×