تعقيب على تعقيب العزيز نصر الله
عدنان السيد محمد العوامي
عزيزي أبا فراس
تعقيبك الثاني على أحداث سنة 1348هـ (سنة الجهاد)، إضافة، أخرى وإظهارٌ ليسير مما لديك من مخزون وثائقي مهم سوف يسهم – دون أدنى ريب في نبش ما انطمر من تاريخ وطننا العزيز علينا جميعًا، وما ذكرته عن مقام جدك عبد الله بن نصر الله غير مستغرب ولا مستنكر، فقد تبوأ (رحمه الله) منصب عمدة القلعة، ومؤتمن الدولة على بيت المال في القطيف، وأكثر من هذا أن المخصص لجلالة الملك (رحمه الله) كان يؤدى من مكتبه البسيط في دائرة أملاك الدولة، في القطيف تبين ذلك بجلاء مذكرة حسن أفندي مدير المالية بالدمام، وقد أثبتها السيد علي العوامي في ترجمته في الحلقة السادسة من سلسلة مقالاته (رجال عاصرتهم)، بمجلة الواحة، ثم طبعت في كتاب (رجال عاصرتهم).
نص المذكرة:
(جناب الأخ المكرم عبد الله بن نصر الله المحترم سلمه الله.
بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تشرَّفنا بكتابكم، وبما عرَّفتم صار معلوم. منطرف (كذا) معاش الإمام الذي سلمتموه في حادي من هذا الشهر هو معاش جمادى الأول، وظني الأمير يطلب منكم معاش جمادى الآخر مقدم. فإذا كان كذلك اصبر إلى أن أصل طرفكم، ويصير خير، لا تغلط، في الأصل معاش الإمام يسلم له في أول الشهر. مثلا: معاش جمادى الأول يسلم في أول جمادى الأول. ما يسلم في آخره. راجع الدفاتر تجد كلامي صحيح، وإن كان بخلافه فأنت ساهي وغلطان. اجتهد في بيع التمر حتى الوصول لكم أجد عندكم مبلغ جسيم من الدراهم. هذا ما لزم، ودمتم محروسين. في 7 ج 1 / 345 – حسن عبد الله أفندي).
هذه المذكرة واحدة من جملة أوراق يقول السيد أنه حصله من والدكم (رحمه الله)، ورأيه أن الموصوف في المذكرة بالإمام هو والد جلالة الملك، وهو اشتباه، فالإمام عبد الرحمن (رحمه الله) توفي سنة 1309هـ([1]). والغريب أنه ترجم للحاج صالح المسلم، في السلسلة ذاتها بعنوان (خياط الملك عبد العزيز)، فقد كان الملك (رحمه الله) يولي اهتمامًا مميزًا للقطيف ورجالاتها فكان يؤثرها حتى في خياطة ملابسه وملابس أنجاله.
هناك العديد من الوثائق والمراسلات المثبِتة للعلاقة بين القطيف ورجالات الدولة، وعلى رأسهم جلالة الملك، نحتاج إلى نشرها. وشخصيًّا حظيت بشرف إصدار عدد من كتب التراث، ومنها تراث الزعيم الوطني علي بن حسن أبي السعود، وأبو فراس فرع من هذه الدوحة، أولها (زعيم في ذاكرة الوطن)، وهي ذكرى وفاته، ورواية (شيخة)، وهي أول آثاره الأدبية، ثم (من أعمال أبي السعود الأدبية)، وبقي كتابان أنجزتهما وهما جاهزان للطباعة، هما: (أوراق من ذاكرة النسيان)، يضم آثاره الأدبية من شعر ونثر، وحكم وطرائف، وقصص، ونوادر، و(علي بن حسن أبو السعود – مراسلاته وثائقه)، ولم يبق إلا أن يعينني أبو فراس في حث أبناء عمه وحفزهم على إتمام نشرهما. وله الشكر مني والأجر والمثوبة من الله جل وعلا.
————-
([1])الأطلس التاريخي للمملكة العربية السعودية، إعداد وتنفيذ دارة الملك عبد العزيز، مركز نظم المعلومات الجغرافية، الرياض، الطبعة الثانية، 1421هـ 2000م، ص: 148هـ.