3 مصابين في شهاداتهم: المخالطة ادخلتنا عالم “كورونا” وعرضتنا لآلام نهشت أجسادنا قدموا تجاربهم مع الفيروس مع هاني المعاتيق في "استضافات متعددة"
القطيف: فاطمة المحسن
رسمي المؤمن، محمود الفردان وعبدالحكيم درويش، ثلاثة أشخاص من بيئات مختلفة، يعملون في مهن عدة، ويملكون مستويات ثقافية متباينة، ربما لم يكونوا يعرفون بعضهم من قبل، لكن ثمة من جمعهم، أنه هاني المعاتيق، الذي استضاف الثلاثة مساء أمس (السبت)، في برنامجه “استضافات متعددة”، ليرووا لمتابعي حساب المعاتيق في “انستغرام” تجربتهم “المرة” مع فيروس كورونا المُستجد (كوفيد -19)، كيف أصيبوا به، وكيف شفوا منه.
جاءت شهادة الثلاثة في لحظة زمنية فارقة، وقبل 6 ساعات من رفع القيود المفروضة على المجتمع السعودي، إثر جائحة كورونا، ففي شهاداتهم قاسم مشترك، هو أنهم أصيبوا إثر مخالطة مصابين، وإن لم يجزموا في تحديد هوية الشخص الذي خالطوه ونقل لهم العدوى.
قصص متشابهة
بداية المصابين الثلاثة كانت متشابهة؛ اتبعوا الاحترازات الوقائية التي أقرّتها وزارة الصحة، من تباعد اجتماعي، ولبس الكمامة، والتعقيم وغسل اليدين باستمرار، ولكن ثمة “ثغرات بسيطة” لم يُحسبوا لها حسبان، فكان قضاء الله وقدره بأن يُصابوا، وفرصة لأن يبثوا قصصهم لتوعية المجتمع، ليتفادى ذلك بإذن الله.
متابعة بناء المنزل
لدى رسمي المؤمن، معلم التربية الفنية والمهتم في آثار المنطقة، تطبيق للاحترازات اتبعه منذ بداية ظهور جائحة كورونا، وعمل على بث فيديوهات توعية، مكتفياً بسلام النظر مع من حوله، بمن فيهم والده، وتعامل مع عائلته معاملة ما يُشبه الحجر المنزلي.
ولأن الحياة رجعت قبل حوالى شهر جزئياً؛ كان حريّاً به أن يتابع بناء منزله، من شراء المعدات اللازمة للتشييد، ورغم ارتداءه الكمامة، إلا أنه بعد رجوعه لمنزله بيومين من اليوم الذي تبضع مواد البناء، شعر بحرارة في جسمه، ودوران في الرأس، وغثيان وتقيوء، ووصل إلى أهم عارض؛ فقدان حاستي الشم والتذوق.
توجه المؤمن مع عائلته لمركز غرناطة، واتضح بعد يومين من أخذ المسحة منهم، إصابته وابنتيه وزوجته، وإحالتهم للحجر الصحي في أحد فنادق مدينة الدمام، وتعافوا بحمد الله. لكن المؤمن مازال في حجر صحي داخل منزله، تفادياً لنقل العدوى لشخص آخر، حتى تزول جميع الأعراض بعد إجراء مسحة أخرى.
واختتم حديثه بأن “الدولة أقرّت فتح كل القطاعات لتعود الحياة كما كانت، ولكنها لن تكون طبيعية، ولذلك لا بد من وعي الجميع بأهمية الاحترازات التي يُؤكدها الأطباء والممارسون الصحيون، وأن يكون التحرز كل التحرز مع كبار السن، المعرضين لخطر الإصابة، وهم في رقبة ذويهم”.
موعد مصادفة مع المسحة
بدأت أعراض “كورونا” على محمود الفردان، الموظف الحكومي، يوم الخميس قبل عيد الفطر بثلاثة أيام، وأرجع الأسباب إلى أحد الاحتمالين، فقد تكن زيارته لمدينة الدمام، ولقاءه أشخاص قد يكون أحدهم مصاباً، والاحتمال الثاني قد يكون حين عودته للمنزل مساء اليوم نفسه، وظهور الأعراض على زوجته، وتحديداً ارتفاع درجة الحرارة.
انتهز الفردان موعد فحص زوجته يوم السبت، بعد ظهور الأعراض بيومين، بأن أخذ هو الآخر مسحة للتأكد من اصابته بفيروس كورونا من عدمه، وخلال فترة ظهور النتيجة قام بحجر نفسه بعد ظهور إيجابية نتيجة زوجته، ولم تكن مفاجأة أن تكون نتيجته هو الآخر إيجابية، وهو ما تأكد منه يوم الثلاثاء من الأسبوع نفسه.
لم يكن ارتفاع درجة الحرارة هو العارض الوحيد الذي حاول معالجته عبر علاج عن طريق الوريد، لخفضها، بعد اعتذار المركز الصحي لعدم استطاعتهم تقديم أكثر من ذلك، حتى تظهر نتيجة المسحة.
فقد صاحبها ألماً في الحلق ازداد يوماً بعد آخر، بالإضافة لشعوره بضيق في التنفس، لازمه 8 أيام معزولاً في منزله قبل أن تسوء حاله، ويتم نقله بسيارة الإسعاف إلى أحد المستشفيات، ليلازمه جهاز التنفس الصناعي الذي لم يستطع تركه لصعوبة تنفسه، وما لم يكن في الحسبان هو زيادة انزيمات البنكرياس، مما أضطره للتوقف عن الأكل لمدة يوم كامل، والاستمرار بعدها بتناول الطعام اللين، والامتناع عن اللحوم الحمراء. وبعد خمسة أيام بدء الأطباء بتقليل نسبة الأكسجين، حتى انتهت الحاجة له بعد ذلك بيومين.
واختتم الفردان، سرد تجربته بأن “المجرب ليس كمن لم يجرب، ويكفينا الاتعاظ جميعنا، والحجر أنتهى وأوكلت المسؤولية لنا نحن الأفراد، لذا يجب علينا التفكير والتأمل بأن الفيروس لم ينته، والحياة لا بد أن تستمر، والشخص لا بد أن يحترس، فما قبل كورونا ليس كما بعده”.
أصيب بسرّية والإعلام أخبر أقاربه
لم يعلم أحد من أقارب عبدالحكيم درويش الموظف في وزارة الصحة، بإصابته بفيروس كورونا خلال فترة التنويم، وهو الآن يقضي فترة الحجر الصحي في فندق بمدينة الدمام.
وصف درويش نفسه بأنه إ”نسان متحرز”، في مكتبه لا ينسى المعقم، وفي تنقلاته لا ينزع الكمامة، ويحافظ كل المحافظة على التباعد بمسافة مترين عن من حوله. ولكن كل تلك الاحترازات لم تشفع له ألا يُصاب، وعزا ذلك إلى “قضاء الله وقدره”.
وقال درويش: “إن قصص المصابين في الحجر الصحي مختلفة، فهناك من يُعاني من أمراض مزمنة، وقد يكون أحدهم رياضياً ومحافظاً على صحته، ويصل في إصابته إلى العناية المركزة، وكلٌ لديه أعراض مختلفة”.
عانى درويش من الحرارة المرتفعة لمدة 13 يوماً، ووصف الألم الذي تعرض له بأن “ينهش في الجسم”، وهو ما أثقل كاهله طوال الفترة الماضية، ولكنه بحمد الله هو الآن أفضل حالاً من ذي قبل.
وأبدى استغرابه من فئة في المجتمع الذين “لم يأخذوا الأمر بجدية”، مبيناً أنه كان يرى زحام المحال واصطفاف الناس للدخول إليها، وعدم اكتراث أحدهم، والدخول عنوة حتى مع الزحام. وتمنى أن يشتري هؤلاء الناس صحتهم عبر الانتظار، الذي لن يكلف شيئاً أمام كلفة الإصابة بالمرض.
ووجه درويش رسالة مفادها “ضرورة الاحتراز، وأن أول المُداوين لهذا المرض هو المحترز، بابتعاده عن الزحام والانتظار، وهو أفضل حل لتجنب الإصابة”، منوهاً بأهمية تقدير جهود الممارسين الصحيين “الذين يعملون ليلاً ونهاراً لخدمة المجتمع من دون أن يكلوا أو يملوا، ونستطيع تقدير تعبهم عبر الوعي الكامل بضرورة الاحترازات واتباعها”.
الوباء موجود ولا للسوداوية
بدءاً من اليوم (الأحد)، سيرفع منع التجول بشكل كامل، وهذا لا يعني اختفاء الفيروس أو تقييده، كما يقول استشاري طب الأسرة نزيه الخاتم، ولكنها فترة نقل المسؤولية من عاتق الدولة، إلى عاتق المجتمع، بوعيه الكامل الذي استمده من رسائل وزارة الصحة اليومية لتوعية المجتمع، في كل تعاملاته.
وأفاد بأن “الفرد بكامل احترازاته قد يُصاب بالفيروس”، وأمل أن يكون احتكاكه “مقنناً في كل الأحوال، فلو افترضنا أن الاحتكاك كان فقط في عائلته الصُغرى (زوجته وابناءه)؛ فإن الفيروس سينحصر في دائرة ضيقة، وبالإمكان السيطرة عليه، بخلاف ما اذا كان في نطاق عائلته الكبيرة، الممثلة بوالديه وأخوانه وأقاربه، فإن ذلك سيؤدي لنقل العدوى على نطاق أكبر، ويصعب السيطرة عليه في ذلك المحيط”.
وقال الخاتم: “إن اتباع الاحترازات الوقائية لا بد منه، وخلق ذلك بعض الوسواس لدى الناس منذ بداية جائحة كورونا”، ناصحاً من يلتزم الاحترازات ويرى الآخرين لا يلتزمون، بضرورة “تغيير هذه البيئة والتبليغ عنهم”.
وأفاد بأن هناك “لغطاً” حول إصابة الشخص المصاب وتعافيه، فليس هناك أي توثيق حول ذلك علمياً، فالعلم ما زال يسعى لفهم مستجدات هذا المرض”، مبيناً أن الفترة المقبلة “ليست سوداوية مع وجود هذا الوباء، فالدراسات تتواصل لإيجاد لقاح آمن له، وهناك شركتا أدوية وصلتا لمراحل متقدمة في تحديد العلاج الآمن، ولكنها مازالت تحتاج وقتاً أطول من التجربة والدراسة، قبل طرحه في المستشفيات ومراكز العلاج”.