الشعب مسؤول عن نفسه
حبيب محمود
في تمام الساعة السادسة من صباح غدٍ الأحد؛ يخرج الشعب السعودي إلى قاعة امتحان تاريخية مساحتها من حافة الخليج العربي شرقاً إلى حافة البحر الأحمر غرباً، ومن أقصى شمال الجزيرة العربية إلى ما قبل حافة جنوبها.
أمضى الشعب والمقيمون مدة طويلة جداً في الدراسة والمذاكرة.. ليتحضّر لامتحان استخدام الحرية، الحرّية التي تأثرت كثيراً، ومسّت حتى خروج كل فرد إلى شارع منزله.
الدولة قدّمت كل شيء يمكن تقديمه لهذا الشعب ومن معه من المقيمين. تصدّت لجائحة عالمية بكلّ بذلها وسخائها وجهدها، من أجل الخروج من الأزمة بأقل الأضرار.
وضعت الإنسان أولاً، وثانياً، وثالثاً، و.. عاشراً. وتكبّدت أعباء اقتصادية هائلة، وتكفّلت حتى باحتواء تبعات ثقيلة على القطاع الخاص، فضلاً عن استمرار البرامج الاجتماعية، وتأمين الأمن الاجتماعي، وفتحت خزينتها بلا حساب.
بعد كلّ هذه الأشهر الطويلة، وبعد سلسلة برامج التوعية والشفافية والوضوح؛ انتقل معظم المسؤولية من الدولة إلى الشعب ومن معه من المقيمين. بالتأكيد؛ لم تتخلّ عن دورها، ولن تتخلّى عن مصاب، أو تتجاهل مريضاً، أو تتهاون في إجراءات الوقاية.. لكنّ كلّ فردٍ أصبح مسؤولاً عن نفسه في مرحلة عودة الحياة إلى ما قبل جائحة كورونا.
الفيروس ما زال حياً في جميع المناطق، وفي جميع دول العالم. والمستشفيات ما زالت تغصّ بالمصابين، وأسرة العناية المركزة مشغولة بضحايا الفيروس. وجنود الصحة صامدون في ثغور مرابطتهم.
قاعة الامتحان الواسعة باتساع الوطن؛ سوف تُفتح غداً للشعب، كل الشعب ومعهم المقيمون، وهو ليس امتحاناً سهلاً. كما أنه غير قابل لممارسة الحرية الفاشلة. امتحان حرّيتنا الذي يبدأ غداً الأحد؛ يجب أن نتجاوزه بنجاح. إنها حرّية، لكنها يُمكن أن تكون نوعاً من الانتحار عند من لا يقدّر معنى الحرية الامنة.