منصور آل سيف.. الشيخ الأديب يقطع نصف مسافة الانتصار على “كورونا” إمام مسجد الرفعة الذي تشارك مع نجيبة السيد في إنتاج أعمال روائية
القطيف: ليلى العوامي
لم يقتصر إرث الشيخ منصور بن الحاج جعفر آل سيف، من جده الشيخ منصور، على الاسم، ولا حتى إمامة المصلين في مسجد الرفعة في مسقط رأسيهما تاروت، فهو – كما هو حال غالبية أفراد هذه العائلة – ورث عنه العلم المقرون بالتواضع، وقلباً يتسع للجميع، وأريحية في التعامل مع من يلتقي، اختلفت معه أم اتفق، وعلاقة وثيقة باللغة العربية.
هذه ليست شهادة “صبرة” في الشيخ منصور آل سيف، الذي غادر أمس (الخميس) العناية المركزة في مستشفى القطيف المركزي، بعد أن ألمت به ظروف صحية قاهرة، كان هو محتاطاً لها منذ زهاء أربعة أشهر كما قال في رسالة صوتية أرسلها لمحبيه، لكنها شهادة مجايليه، وأفراد من أسرته، ومصلين يأتمون به أو درسوا على يديه، وخصوا “صبرة” بشهاداتهم في الشيخ الذي قال إنه قطع نصف الطريق في معركته مع فيروس كورونا، الذي دهمه.
شراكة مع نجيبة السيد
الشيخ الذي عشق العربية لغة وأدباً، أسس برنامج العودة للفصحى الذي يُدرس في رياض الأطفال، وكتب القصة القصيرة والرواية، ولعله أول معمم في محافظة القطيف يكتب رواية مشتركة مع سيدة (نجيبة السيد علي)، هي “دموع مسلحة”، رواية تدور أحداثها في مدرسة ثانوية بمدينة القطيف، وتتناول مشاكل البنات، دواخلهن الكثيرة، قلوبهن المفعمة بآمال وهموم.
شراكة الشيخ منصور والسيدة نجيبة أثمرت أعمالاً أخرى، هي: تحت الجذوع (1430هـ، 2009م)، و عندما يحلم الراعي (1415هـ، 1995م)، التي أعيدت طباعتها للمرة الثالثة، و عاشق في مكة (الطبعة الأولى 1428هـ، 2007م، والثانية 1431هـ، 2010م)، بالإضافة إلى مجموعة قصصية بعنوان “لقاء مع الماضي” (1417هـ، 1996م)، وأخرى بعنوان “عابرة سبيل”.
ولم تقتصر شراكته على ما انتج مع السيدة نجيبة، فكان منتجه “اقرأ ولون قصة هدية العيد“، مع مريم حسن المكحل (1425هـ، 2004م).
أدب غير وعظي
ورغم كونه معمماً، درس ودّرس العلوم الدينية الحوزية، داخل المملكة وخارجها، فإنه يرى أن أعماله الأدبية “ليست وعظية مباشرة، كون هذا لا يمنع إن كان لدينا رسالة مهمة نريد إيصالها للمتلقي بصورة غير مباشرة، وهذه الرسالة لها الأولوية، فللفن أهميته وللرسالة أهميتها، وكلاهما نأخذها في الحسبان، لكن الرسالة خالدة خلود الحياة، أما الفن فإنه نسبي ودائم التغير” كما قال للزميلة عالية فريد في حوار أجرته معه لصالح صحيفة “الوطن” السعودية عام 2001.
الشيخ منصور آل سيف من مواليد 1374هـ، في جزيرة تاروت، حصل على بكالوريوس إدارة أعمال من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وكان يحضر لماجستير الدراسات الإسلامية.
مؤسس العودة للفصحى
الملا شفيق آل سيف: “فعلاً؛ هذا اليوم قرت أعين العائلة بشكل خاص، ومن عرفه بشكل عام، والحمد لله على سلامة شيخنا الفاضل الشيخ منصور آل سيف، وكله يعود لفضل الله أولاً، ثم الكوادر الطبية المشرفين عليه ودعاء المؤمنين الذين كانوا يدعون الله ولم ينسوه للحظة واحدة بالدعاء والسؤال طوال الأيام العشرة في المستشفى”، مضيفاً أن “الشيخ الفاضل له بصمة لا تنسى في عالم الأدب، فهو روائي، وله العديد من المؤلفات من الرويات المطبوعة، وهو أول من أسس برنامج العودة للفصحى، الذي يدرس في رياض الأطفال.. ألف الحمد لله على سلامته، وآخر السوء إن شاء الله”.
الأديب عبدالعلي آل سيف: “اليوم بشرني مُبشر بسلامته وتجاوزه ضرورة العناية الفائقة، فحمدت ربي لذلك”، مضيفاً: “أنني احبه واحترمه، لما علمته منه من ورع وحسن التزام في شيء خبرته فيه، فوجدته أميناً على أمانته، مخلصاً في أداء واجبه، أسأل الله العلي القدير أن يحفظه ويطيل عمره، ويدفع عنه كل شر وبلاء”.
حريص على الوحدة
فاروق حماد: “يتميز الشيخ بالحذر الشديد، مع أن طبعه اجتماعي، فتجده في كل المحافل الاجتماعية، سواءً أفراح أو أحزان، اما في هذه الفترة فقد لاحظنا عليه ذلك من بداية الجائحة، فكان قبل منع الصلوات في المساجد مثلاً؛ حريص على اتباع الوسائل الاحترازية في المسجد، من توفير أدوات التعقيم، وعدم المصافحة، ويكتفي فقط بالصلاة والخروج مباشرة من المسجد، أما بعد السماح بعودة الصلوات؛ فلم يؤيد عودة صلاة الجماعة، مع محاولاتنا معه بالعودة، إلا أنه كان حريصاً على التباعد الاجتماعي”.
وأشار إلى ما يميز الشيخ منصور أيضاً أنه “عندما تتم مناقشة بعض المواضيع، سواء ما يخص هذا الوباء أو غيره من الأمور؛ فلا يفرض رأيه، بل يكون مع الجماعة، حتى وإن لم يقتنع، إضافة إلى تواضعه وسمو أخلاقه مع الجميع، ومع خبر خروجه من العناية المركزة في هذا اليوم، استبشرنا كما الجميع بهذا الخبر المفرح، ونسأل الله له السلامة وموفور الصحة والعافية”.
محمد أبو سرير: “الحمد لله على سلامة شيخنا الفاضل أبو حسام، الشيخ منصور بن الحاج جعفر آل سيف، عرفته كاتباً وروائياً، ومتخرجاً من مدارسها، الشيخ منصور التحق بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وحصل على البكالريوس إداراة أعمال، وبعدها هاجر إلى طلب العلم، واستقر به المطاف في حوزة السيدة زينب بسوريا، وحضرالمقدمات والسطوح، ومن اساتذته العلامة السيد احمد الواحدي، و العلامة الشيخ فوزي آل سيف، ورجع إلى البلد بعد أكثر من عشرين سنة، قضاها في المهجر لطلب العلم”.
ولفت إلى الشيخ اشتهر بتدريس اللغة العربية، فحضر دروسه الكثير من طلبة العلم، وأعطى دورات في كيفية التحاور في اللغة العربية، واستفاد منه كثير من الكتاب والإعلاميين، وزاول الإرشاد الديني في الحج مع بعض الحملات، وهو إمام جماعة في مسجد الرفعة بتاروت، مشيراً إلى أن هذا المسجد كان يصلي فيه جده العلامة الشيخ منصور بن عبدالله آل سيف المتوفى عام ١٣٦٢هـ.
جعفر العيد: “الشيخ منصور جعفر آل سيف مثقف من الطراز الأول؛ يتحلى بالحيوية والاعتدال في الأفكار؛ كما أن لديه قدرة على الإنصات للطرف الآخر؛ وهذا مما يجذب من صفاته الشخصية؛ لم يكتف بالمستوى الثقافي المميز، وإنما واصل في التحصيل العلمي. ووصل إلى ما وصل إليه من العلم الفقهي؛ وحسب معلوماتي؛ فإنه أنجز المستوى الجامعي بالانتساب إلى جامعة الإمام الأوزاعي في لبنان؛ كاتب وروائي كتب مجموعة من الروايات الجميلة والمفيدة؛ عندما يحلم الراعي؛ مهاجر إلى مكه.. ومع ذلك نجد أن هذا الشيخ؛ يتصف بالتواضع والكرم”، داعياً له بالشفاء والصحة والسلامه، “هو وكل من أصابه هذا المرض مَمن يرتبطون بالشيخ وغيرهم”.
وسيم آل حسين: “ألف الحمد لله على سلامة الشيخ الفاضل منصور آل سيف أبو حسام، هذا الشيخ الإنسان الذي عرفنا عنه تواضعه وأخلاقه الكريمة والتزامه الوقت في ساعات الصلاة، وحرصه على زيارة المريض، والتخليف في الفواتح، والمباركة في الأعراس، إضافة إلى كونه قامة علمية في تدريس اللغة العربية في الحوزة، وله باع طويل في كتابة الروايات الجيدة والمفيدة، وهو لا يظهر ذالك، ولا يبان عليه، ودمتم في خير وعافية، وحفظه الله من كل سوء”.
على نهج الحاج جعفر
هلال عيسى آل احبيل: “سرني جداً جداً نبأ خروج سماحة الشيخ منصور جعفر الشيخ منصور آل سيف من العناية المركزة بعد عناء، فرفعنا أكفنا إلى الله بأن يمن عليه بالشفاء من كل سوء ومكروه، ويعود إلى مسجده سالماً معافى، يؤم فيه المؤمنين بالصلاة”.
وأشار إلى أن له معرفة مع سماحة الشيخ “منذ زمن بعيد جداً، قبل وبعد أن يعتمر العمامة، فما وجدت منه إلا الخير والصلاح كما أخيه الحبيب أبو إياد وبقية إخوته الكرام، وجدت فيه طيب الأخلاق والتواضع والأخلاق العالية، والبسمة الجميلة التي لا تفارق شفتاه، وجدت محبته للناس وتحببه وتودده لهم، وجدت فيه استقباله للمعزين في مأتم الحسين الذي ألفناه فيه من حسن الاستقبال، ودعوته هو وإخوانه لحضور وجبات مأتم الحسين يوم عاشوراء، حيث درج الحاج جعفر والدهم عليه، فساروا كلهم على نهجه القويم. لا أستطيع أفيه حقه في هذه العجالة أبداً. حفظ الله حبيبنا الغالي من كل شر ومكروه”.
السيد كمال الدعلوج: “إنسان خلوق متواضع، صاحب ابتسامة تلازم وجهه، يتمتع بلباقة في الكلام، ويمتلك مهارة ممتازة في صياغة وكتابة القصة، ومن الناس الذين يقدسون صلة الرحم، اضافة لذلك هو رجل دين”.
علم وتواضع
عيسى العيد: “رجل الدين لا بد له من صفات يتلبسها لكي يصبح قدوة لعامة الناس، أهمها التقوى والأخلاق الحميدة؛ لبعث الثقة والطمأنينة في نفوس الناس”، لافتاً إلى ان الناس يعتبرون رجل الدين هو “الطريق الأسلم لدينهم، كذلك أنه يمثل رمزية للناس الذين يعيش بينهم، لذلك يعرف المجتمع دينه من خلال رجل الدين”.
وأشار إلى أن الشيخ منصور آل سيف “شخصية يتمتع بتلك الصفات الجميلة بمعنى الكلمة. من يجلس معه يلمس ما يحمل من تواضع وسمو في الأخلاق، يبتسم حين يتكلم، لم أر منه أي صدود من أحد، يتسامى عن أي خلاف كان صغيراً أم كبيراً، يعتذر عندما تسبق منه كلمة يعتقد أنها قد تكون غير مناسبة لدى الطرف المقابل، لا يرى في نفسه العُجب، ولا يسعى ليكون رقماً مزاحماً لأحد، ولا يدخله الكبر من مدح أو ثناء لعمل قائم أو شخصية بارزة”.
ولفت إلى جانب آخر في الشيخ منصور فهو “أديب ومدرس لغة عربية في الحوزة العلمية، لكنه لا يستخدمها في علاقاته مع الناس، فهو يتكلم معهم بما هم عليه، بتواضعه الرفيع، تجد ذلك في حديثه الذي يغلب عليه اللطافة، لذلك من يعرفه يأنس بالجلوس معه”، متمنياً له ولجميع المرضى “الصحة والعافية، وأن يعود إلى عائلته سالماً إن شاء الله”.