[ميناء القطيف 16] وثيقتان بين الملك عبدالعزيز والشيخ علي الخنيزي

[من أوراقي 16]

ميناء القطيف

مسيرة شعر وتاريخ

عدنان السيد محمد العوامي

ما تقوله الوثائق

ما مرَّ بنا آنًفًا عن هذه الأحداث هو ما تناقلته الرواية، وأما الوثائق فتفيدنا أن الأحداث وقعت سنة 1350هـ، وللأسف لم أحصل إلا على وثيقتين توثقان لتلك الأحداث، فمن عبارة الملك في رسالته التالية إلى أهالي القطيف: “وصل إلينا منكم كتاب سابقًا”، أن رسالته إليهم ردٌّ على تلك الرسالة، فلعل أحدًا من القراء يحتفظ بها، فهذه مناسبة إظهارها مساهمةً في لملمة تاريخ البلد المطمور في الأضابير والرفوف والأدراج.

الوثيقة الأولى

رسالة الملك عبد العزيز إلى أهالي القطيف

بسم الله الرحمن الرحيم

عدد 413

من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى كافة أهل القطيف، سلمهم الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ذلك فقد وصل إلينا منكم كتاب سابقًا، وأمرنا الأخ عبد الله ابن جلوي بأن يرسل إليكم مفتشين؛ لأجل اطمئنان خواطركم، وقد عرفونا المفتشين ببعض المسائل التي حبَّينا الكشف عليها وهي:

الأول: حقيقة المظلمة، هل هي صحيحة أم لا؟ فإن كانت صحيحة يبين الشخص المعمول به والشخص العامل بتثبيت وظمان أن الصادق يؤدَّى حقُّه، والكاذب يؤدَّب.

الثانية: هالأمور المذكورة والشكايات هل هي متقدِّمة أو حديثة؟

الثالثة: هالأمور هل هي في النظام الموجود مع المأمورين؟ أو أنهم راجعونا بشيء وجبناهم بتمامه؟ فإذا كان العمل هدى بموجب نظام أو أوامر، فالمأمور قد أدَّى اللازم، والحكومة تنظر في مصلحة رعاياها ومصلحتها.

الرابع: إن مثل تميير التمور وأجناسها، هل هو لموجب غرض مصلحة للرعايا أو للحكومة، أو هو تعنُّت من المأمورين؟ وإضرار بالرعية؟ فإن كان الأمر فيه مصلحة، فالعامل لذلك يبين لمندوبينا، وهم خالد أبو الوليد، ومحمد السليمان التركي، ومحمد العلي الميمان، وهم يعرفون الحقيقة. المقصود من ذلك أن تكونون على معلوميَّة من الأوامر التي أعطيناها مندوبينا المذكورين، حتى تبينون (تبينوا) الحقيقة على يكونها[1]، وأنتم يثبت عندكم معلوم أن المضلمة أو التعدِّي الذي فعلوه المأمورين من تلقى أنفسهم لأجل مصلحة أنفسهم أو إضرار بالرعية. إن هذا ما نقبله، ولا نقبل صاحبه، وسيزال بحول الله وقوته.

وأما الأمور الذي فيها تبادل مصالح فتراجعوا أنتم ومندوبينا في ذلك، وما اتفقتوا عليه أجريناه، والذي لم تتفقوا عليه ننظر فيه، ونحن الحكم في ذلك، فغاية الأمر أن الرجال المذكورين الذين نحن أوفدناهم هم خواصُّنا، ومحسوبينا، وهم من الذين نثق بالثقة، ثم وليس لهم غرض في أحد سوى إبراء دمت وإصلاح رعايانا، ومن كان له مظلمة وله حاجة يبديها لهم، ولهم حق أن يتحققون من العامل والمعمول به حتى نكون على بصيرة من أمرنا، وهم ليس لهم حق أن يمضون في شيء قبل مراجعتنا، وتبيين الحقائق لنا، إلا اللهم أن يكون المصلحة مفيدة للراعي والرعية، يتفقون هم والأهالي عليها، ولا يمضون فيها إلا بعد مراجعتنا، وليس من اللزوم أن ما اتفقوا عليه يجري قبل أن يعرض علىنا، ويستحصلون أمرًا منا بما يجب عمله، وأنا أبشِّركم وأحذِّركم؛ أبشركم أننا ساعين في جدِّنا واجتهادنا فيما يصلح أحوالكم، ويريح بالكم، وأحذركم من أن يكون الأمر موجب غرض في النفس، أو على غير حقيقة، فكما أنكم تطلبون النصَف من المأمورين بالكذب، فالمأمورين يطلبون منا إنصافهم بموجب الكذب عليهم، والطعن في أعراضهم. هذا ما لزم بيانه، والله تعالى يحفظكم

7 ج 2 سنة 1350هـ.

صورة الوثيقة الأولى

  الوثيقة الثانية

ردُّ الشيخ علي بن حسن علي الخنيزي (أبو عبد الكريم)

بسم الله عز وجل

نحمده، والحمد من نعمائه، ونشكره والشكر من آلائه على ما أولانا من نِعَمٍ أسداها، ومن آلاءٍ أبداها، ونشهد له بالربوبية بلا أمد، وبالوحدانية بلا عدد، لم يزل ربًّا رحيمًا، وعدلاً كريمًا، خلق الخلقَ على غير مثال، ورتَّبهم على، حسب الإستعداد، في كل الأحوال، بحكمته البالغة، وسلطانه القدين، والصلوة[i] والسلام على خاتمة رسله، وسيد أنبيائه محمد ابن عبد الله، وعهلى آله وصحبه، وأولي الأمر من بعده، حملة أسرار الدين، لطف الله في خقله، وأوتادًا في بسيطته، سلام الله عليهم أجمعين.

حضرة الملك المفخم، والسلطان المعظَّم، الشيخ عبد العزيز الموقر ابن الإمام المبجل الشيخ عبد الرحمن آل فيصل، أدام الله أيام لطفه وتأييده وعزِّه، آمين.

أنهي لكم فاضل التحيات، وكامل التسليمات، وأبدي لكم دائم الدعوات، دام لكم العز والتأييد، ودوام الأمر على التأبيد، آمين، آمين.

وأبدي لكم شكري على نعمائكم، ومدحي على فعالكم، ووثنائي على جودكم، وتنويهي بحسن أخلاقكم، لا يخف على سعادتكم، أحوال خدامكم أهل القطيف، فقد انسدت عليهم السبل، وضلت بهم جواري السفن، فهم في ظلمة البحور جارين، لا يهتدون إلى سبيل، قد آل أمرهم إلى العجز، عن مدارات إحياء نفوس محترمة، قد خانهم الدهر الخؤون، وما خاب من أنت عمادهم، وما ضل من أنت سيدهم، فالشكوى إلى الله ثم إليكم، مما نزل بهم، فأسعار ما بيدهم تنازلت، ولو لم يكنْ لعجز ما بيد الأكثر عن أداء زكوته[ii]، مضافًا إلى ما يراد منهم من البواقي السابقة، ومضافًا إلى ما عليهم من تبعات الخلق المتراكمة، فأعراضهم قد قفت، وأسباب معاشهم قد تقطعت، وعزَّ عليكم كشف الحقيقة، إذ ما أبدي قيلا من كثير، وحيث أضرَّ بهم الحال، ولم يجدوا ملجأ ومجالاً إلا التوكل والتفويض، وقد همَّ الكثير في المفزع إلى الله، ثم إليكم، متضرعين مستغيثين، فأقعدهم العجز عما به تقوم الحركة، وحالهم قد حرك الجماد. فحينئذٍ ن لما آل أمرهم إلى ذلك، نهض الشهم الثبت، ذو الشرف القديم، الفاضل المكرَّم، والأمجد المفخم الشيخ شيخ محمد علي الجشي، مع ذي النفس الأبيَّة، علي بن حسن أبي السعود، مع ما هما عليه من ضيق الحال غيرةً لكم لكشف الحال، ورجاء البلوغ بمشاهدة أخلاقكم الجميلة، آمّين فضلكم، مسترحمين، مستغيثين، ولقد صدقا وأصابا المحلَّ، فأنتم أهلٌ للإغاثة، شأنكم إجابةُ الصريخ، وإغاثة الملهوف، فالأمل من اللطف المعروف، والإحسان الموصوف، والأخلاق الحميدة؛ أن يرجعا مسرورَين بالمشاهدة، ونَيل المرام في العفو عن المعاسير، ورجائي قبول تحياتي، وإبلاغ سلامي الأنجال الكرام، والإخوان الفخام، من العاجز ومن عامة الخدام، ودمتم بعناية الله ومدده، والسلام. في 18 رجب 1350هـ.

قاضي القطيف

علي بن حسن علي آل الخنيزي<

صورة الوثيقة الثانية

[1] تمامها وكمالها. (عدنان)

————————-

(([i] كذا كانوا يكتبونها وينطقونها بإمالة اللام نحو مخرج الواو.

(([ii] كذا كانوا يكتبونها وينطقونها بإمالة اللام نحو مخرج الواو.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×