أهمية الصورة في كتابة ماسقط من دفاتر المدونين
أثير السادة* |
على باب التسعين من عمرها، تبرعت المصورة الأمريكية دورثي ميلر بخزانة الصور التي تحتفظ بها من تاريخ المملكة إلى جامعة جورج تاون في واشنطن، ومثلها فعلت عائلة توم برغر، رئيس الشركة الأسبق، حين قام الإبن الأكبر تيم في العام الماضي وقبل رحيله بإيداع ما يملكون من صور وأفلام وأوراق لذات الجامعة، وفيها أوراق والده، وأوراق الشهير Bill Mulligan ـ، وكذلك صنعت عائلة المصور الإيطالي الذي جاء من معسكرات الحرب في إرتيريا إلى رأس تنورة عام 1944م، Ilo Battigelli، حيث قامت عائلته بتقديم مجموعة من صوره لصالح المتحف التابع لجامعة إكسفورد بلندن.
كثيرون في هذا الوطن الممتد يملكون رصيداً مهماً من الصور والوثائق التي يمكن أن تهب الباحثين والمهتمين مساحة للبحث والدرس والاكتشاف، غير أنه لا وجود لمبادرات تبعث الأمل بعدم فقدان هذه المصادر والوثائق في المستقبل، خوف الكثيرين من مصوري الأمس من إخراج إرشيفهم للعلن قد ينتهي إلى تركة لا تجد من يحسن الحفاظ عليها، فتصبح عرضة للتلف والضياع، ستجد في كل بلدة وقرية ومدينة كاميرات عتيقة غيبها هذا اللون من الحرص المبالغ وباتت تسكن الغياب، فلا هي طليقة ينظر إليها الناس، ولا هي محفوظة في دوائر الحفظ التي يمكن أن تفتح الباب لاستثمارها.
من يطالع الدراسات الأجنبية عن هذا البلد سيصادف حتما ًحضور صور دورثي الدائم فيها، لما فيها من رصد نادر للحياة الاجتماعية، ومثلها أوراق بيل موليجن التي حوت أخبار البلاد والعباد في الخمسينيات والستينيات من القرن الفائت، وهذا يؤكد لنا قيمة الوثائق، وفيها الصورة الفوتوغرافية، في كتابة التاريخ وسرد اللحظات التي غيبها الوقت وسوء الحظ عن فعل التوثيق.
بلا مبادرات جادة ستبقى الصورة الوثائقية تدور في فلك “الحنين إلى الماضي” فقط، وتزداد فرص الضياع لإرشيف الوطن، وذاكرة الناس، وتتضاءل الحظوظ في تأسيس ذاكرة بصرية للمكان، ذاكرة ترفد الباحثين بما يشعل جذوة البحث عندهم، ويفتح الطريق للأجيال القادمة لمعرفة ماسقط من دفاتر المدونين.
_______________
*من صفحته على الفيس بوك