[أبطال كورونا] منصور المغاسلة.. “حلال المشاكل” الذي شهد له الفلاحون بـ “بياض الوجه” وقف معهم في أزمة الحجر الصحي وأسّس آلية لاستخراج تصاريح خروجهم إلى مزارعهم

القطيف: فاطمة المحسن

ما إن فُرض منع الدخول والخروج من محافظة القطيف في الثامن من مارس الماضي؛ حتى وقع مئات المزارعين في مأزق معقد. لم يعد بإمكانهم الذهاب إلى مشاريعهم الزراعية الواقعة خارج النطاق العمرني غرب طريق الجبيل الظهران السريع.

وفي وسط الأزمة؛ بادر المهندس منصور المغاسلة متطوّعاً لإيجاد حلّ نظامي لهم. زار بلدية المحافظة والشرطة، وجمع قوائم طويلة لأصحاب المزارع المتضررين. وعلى الرغم من أنه فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة توقّف عن العمل؛ جاهد المغاسلة من أجل حلّ المعضلة الصعبة.. فجاء الحلّ المنقذ بإصدار تصاريح خاصة لخروج المزارعين يوماً واحداً في الأسبوع.

هذا الحلّ هو الذي عمّمته الوزارة، لاحقاً، في مناطق المملكة، قبل أن تنفرج الأزمة، وتخفّ القيود.

“صُبرة” تواصلت مع المهندس المغاسلة بعدما سمعت عنه قصته من بعض المزارعين، إلا أنه اعتذر عن الإدلاء بأي إفادة، مكتفياً بقوله “إنه واجبي”. لكنّ شهادات المزراعين؛ قالت الكثير عن هذا الجندي المجهول.. فمن هو المهندس منصور المغاسلة..؟

صاحب فضل

ما إن سألت “صُبرة” إبراهيم صقر مالك مزرعة غرب الجبيل عن منصور المغاسله حتى رد “له فضل كبير علينا بعد الله”.

ولم تسعف الكلمات في وصف عمل المغاسله للمزارعين الذين يملكون نطاق محافظة القطيف العمراني، وذلك في فترة الحظر الذي فُرض على المحافظة في اليوم الثامن من شهر مارس الماضي، وقال إن دور المغاسله لم يقتصر على تنسيق الدخول والخروج لمزارعنا من نقطة تفتيش الجش، ولكنه أيضاً نسق إجراءات حصولنا على التصاريح اللازمة.. لذلك بعد مناقشتنا إياه لأن يكون أكثر من يوم واحد في الأسبوع، وهو ما كان عليه قبل أن يعمل على رفع خطابنا لأن تكون أربعة أيام في الأسبوع.

وعن من هو منصور المغاسله أجاب: هو مهندس زراعي والمخول من المزارعين للتنسيق بين وزارة الزراعة ووزارة الصحة والشرطة، ولكنه للمزارعين أكثر من ذلك.

استخراج التصاريح

منذ حظر الدخول والخروج لمحافظة القطيف في الثامن من مارس ولمدة شهر، لم يستطع المزارعون الذهاب إلى مزارعهم والوقوف على مصالحهم فيها.

استمر ذلك حتى أعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة عن آلية إلكترونية للحصول على التصاريح المؤقتة لملاك المزارع والمواشي والنحالين بالتنسيق مع وزارة الداخلية وذلك في الثامن من شهر أبريل.

ونص التصريح على التنقل لمرة واحدة أسبوعياً، للمدن والمحافظات التي يسري فيها تعليق التجول مدة ٢٤ ساعة ومنها محافظة القطيف وقتها.

كان منصور المغاسله هو حلال المشاكل لدى المزارعين، استطاع بحكمة مداراتهم والوقوف على حاجاتهم بحضوره في مجموعة واتساب خصصها لهم واتصاله بهم وحضوره شخصياً في المواقف التي يواجهونها.

رايته بيضاء

استخرج عبد الحكيم علي آل محفوظ تصريحاً للذهاب لمزرعته الواقعة غرب الجبيل، ولكن التصريح الذي أخذ وقتاً طال الأربعة أيام، وانتهى بـ “رجل رايته بيضاء“. ولم يكن هذا الرجل سوى منصور المغاسله الذي استطاع كسب ود المزارعين ومد يد العون إليهم في الذهاب إلى “حلالهم” من المزارع.

وقال آل محفوظ إن المتابعة اليومية للمزرعة لابد منها، والمغاسله سهل علينا استخراج التصاريح بتقديمنا الأوراق المستوفية لكامل الشروط وتسليمنا التصريح في اليوم التالي مباشرة.

سعي لقضاء حوائج المزارعين

أما عبد الله الخباز فقد قدم أوراقه الرسمية للحصول على تصريح للذهاب إلى مزرعته الواقعة غرب الجبيل أيضاً، والإجراءات لم تكن بالسهولة ما لم يكن فيها اسم المغاسله، فقد تواصل مع المزارعين على حد تعبير الخباز، وأنشأ مجموعة عبر برنامج الواتساب للتواصل معهم وتقديم يد العون.

كانت الأمور جليّة بعد الازدحام الذي طال المزارعين أمام بوابة وزارة الزراعة منذ اليوم الأول لإعلان استخراج تصاريح التنقل لملاك المزارع والمواشي، ووصف المغاسله بأنه صاحب سعي لقضاء حوائج الناس وأجره في هذا الشهر الكريم على الرب الكريم.

ثقة المزارعين

عند مقابلة علي الخويلدي لـ منصور المغاسله لأول مرة قال للمزارعين (أنا هنا لخدمتكم وخدمة الوطن)، وهي العبارة التي يراها الخويلدي صاحب مزرعة في أبو معن أنها في مكانها، فالرجل الذي اختارته الوزارة كان أهلاً للثقة من المزارعين، واستطاع من خلال اخلاصه في أوقات عمله وخارجها فرض احترامه وشكره منهم

وقال الخويلدي إنه سعى لاستخراج تصاريح التجول لهم وحرص عليها كحرصه على متابعة أمور أملاكهم، وبذلك استحق الثناء عليه كرجل له مكانه بين المزارعين ودعاء له لا يتوقف.

يُشد به الظهر

حاول سلمان آل وهيب استخراج تصريح للذهاب لمزرعته الواقعة في أبو معن، لم يستطع في البداية للازدحام الحاصل في المتطلبات والحضور، وكان هناك من هيأ له وللمزارعين طريق الحصول عليه بدون عناء، ولم يكن هذا الشخص سوى منصور المغاسله.

لم يقتصر دور المغاسله في استخراج تصاريح التجول كما يقول آل وهيب، بل كان دوره يكمن أيضاً في حل أي مشكلة عالقة له وللمزارعين، والتواصل يكون عبر برنامج الواتساب أو الاتصال أو به حضورياً في أي وقت، في ساعات دوامه الرسمي أو خارجها، وهو ما دعا آل وهيب لوصفه بأنه “رجل يشد به الظهر”.

خدمة أولاد البلد

لم ير تركي المرهون مزرعته بعد اغلاق الدخول والخروج لمحافظة القطيف لفترة طويلة، وأسبوعين فترة كافية لأن تهن المزرعة دون صاحبها، ويوم واحد في الأسبوع لا يكفي لمداراتها.

ونال المرهون تصريح للذهاب لها مدة ثلاثة أيام في الأسبوع بعد التواصل مع منصور المغاسله قبل أن يستلم تصريحه لأن يذهب لها كل يوم، وعن دور المغاسله قال بأنه حلقة الوصل بيننا وبين الدوائر الحكومية التي نستطيع تقديم أوراقنا الرسمية لنيل التصريح، “وخدمة أولاد البلد” مأخوذه على عاتقه لذلك لم يجد كلمة مناسبة تفي له حقه، ولكنه أكد على أن “شهادتي وشهادة المزارعين فيه مجروحه”