[أبطال كورونا] 3 أشقاء من أسرة “المُخرّق” يختارون الصعب في منطقة المواجهة دعوات المصابين أكبر مكافأة حصلوا عليها خلال مرحلة التطوع

القطيف: ليلى العوامي

كان بإمكان مصطفى المخرق وشقيقتيه سكينة وزهرة، أن يجلسوا في بيتهم، بعدما تعذر الذهاب لمقار عملهم في منشآت صحية خارج محافظة القطيف، إثر الحجر الصحي الذي فرض على المحافظة في الـ 8 من مارس الماضي، لكنهم قرروا التطوع لمعالجة المصابين بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).

الأشقاء الثلاثة وصفوا عملهم الطوعي بأنه “جزء من مسؤوليتنا نحو تخفيف المعاناة عن المرضى، فخدمة الوطن عامة، والقطيف خاصة، هي رسالتنا”.

الثامن من شهر مارس الماضي كان أول يوم تطوع لمصطفى المخرق، ثم شاركته اخته سكينة في 13 من نفس الشهر، إلى أن شجع الأب إبنته الثالثة زهرة لتكون شريكة أخويها في ذات المجال في 18 مارس.

زهرة

زهرة انتقلت من مستشفى الولادة والأطفال في الدمام لتكون متطوعة في مستشفى القطيف المركزي، وكان نصيبها في العمل التطوعي بقسم covid19A  رجل مُسن (70 عاماً) رسمت الدنيا ملامحها على يديه.

انتقلت زهرة من عالم البساطة، والعمل المريح في قسم الولادة إلى عالم رعاية كبار السن، وكان أصعب شيء عليها أن مريضها لا يستطيع رؤية أهله، لذا كان حزيناً معظم الوقت، فما كان منها إلا أن تساعده على أن يتحمل ذلك، فملابسها الواقية تجعله لا يراها، ولا يعرف من هي، كل ما يعرفه أن هناك قلباً رحيماً يقوم برعايته طوال 12 ساعة.

كانت زهرة تتحمل يومياً بكاء المريض المتواصل ونداءه لأبنائه، بقلب جسور حتى خروجه من المستشفى، كانت تتذكره دائماً وتتألم، وتشكر الله أن الهمها الصبر والقوة في مواساته وتهدئته.

سكينة

وفي القسم ذاته تعمل اختها سكينه، التي قدمت من البرج الطبي في الدمام، لتتفاجأ حينما حملت ملف المريضة المكلفة برعايتها وإذا به اسم والدة صديقتها، تأثرت سكينة كثيراً، فقد كان “موقفاً صعباً” عليها كثيراً.

تقول سكينة: “كانت السيدة متضايقة كثيراً، وهو شعور طبيعي لأي مريض سيعزل مدة طويلة حتى يتعافى، ومن منا يحب الجلوس في المستشفى بعيداً عن أهله؟ ولكن ما إن تعرفت والدة صديقتي عليَّ حتى شعرت براحة نفسية كبيرة، وكأنني ابنتها، وفي يوم خروجها كانت سعيدة جداً، وقد أكون أنا أكثر سعادة أن أرى من جالستها وتحملت معها كل الألم تخرج اليوم وهي تقول لي: رحم الله والديك، وأبعد الله عنك كل سوء.. يا لها من عبارة يقشعر لها البدن، والحمد لله على هذه النعمة بأن جعلني الله ممن يخدم هؤلاء”.

مصطفى

وتكرر الحال مع شقيقهما مصطفى، المتخصص في طب الطوارئ، ويعمل في إدارة الطوارى والكوارث، ومتطوع في قسم الإسعاف. كان له موقف يحسد عليه حينما أصيب جارهم بفيروس كورونا، وهو من قام بنقله بسيارة الإسعاف إلى المستشفى.

هاجس العدوى

ولكن يبقى الخوف من نقل العدوى إلى العائلة هاجس كل ممارس صحي، تقول سكينة: “كنت خائفة أن أنقل العدوى إلى عائلتي، فحينما نعود من عملنا لا ندخل المنزل، إلا حينما نقوم بتبديل ملابسنا في الحمام الخارجي للمنزل، كل واحد منا يبدل ملابسه، ويعقم المكان، ثم يأتي الثاني، وهكذا كانت أمي كل يوم تقوم بتجهيز حاجياتنا خارج البيت، بالإضافة إلى أدوات التعقيم”.

زهرة تقر بأنها كانت خائفة كثيراً على ابنيها مهدي (أربعة أعوام)، وفاطمة (15 شهراً)، تقول: “لكني أعشق عملي، فالمرضى كانوا يدعون لأبنائي كثيراً، وكنت سعيدة بما أقدمه لهم، والله معنا”.

‎وتذكر سكينة أن صديقتها كانت في الحجر الصحي، بسبب عودتها من رحلة خارج المملكة، وحينما خرجت قدمت لها دعوة إنسانية جميلة “تطوعي معنا بالمستشفى”، ولم تكتف بهذه، وإنما شجعت طاقماً طبياً من صديقاتها على التطوع.

ويشدد الأشقاء الثلاثة على أن تفهم العائلة ضرورة راحة الموظف النفسية، وحتى يُنجز لا بد أن يكون هناك دعاء من قلب أم وأب: “مع السلامة الله يوفقكم”.

و‎تقول سكينة: “كان والدي حينما يوصلنا إلى السيارة يقول: في حفظ الله، انتبهوا لأنفسكم وإلى المرضى، ابتسموا في وجههم، وكانت صديقتي دائماً توصيني: أبلغي سلامي كل المرضى، وأخبريهم بأننا لن ننسأهم من الدعاء”.

حزن مباغت

فجع الأشقاء الثلاثة بوفاة خالتهم، ورغم الحزن الذي لبسوه لم يجلسوا في البيت، بل عادوا للعمل “ففي العناية بالمرضى سلوتنا، وفي دعاءهم لخالتي بهجتنا” كما تقول سكينة.

وتضيف: “مع كورونا أثبتت المجتمع أنه يد واحدة، وعدنا اليوم إلى أعمالنا بعدما تم رفع الحظر عن محافظة القطيف، وشكراً لكل الكوادر الطبية في مستشفى القطيف المركزي على ما قدموه لنا، وما لمسناه منهم تجاه المرضى من رعاية وعناية”.

‫7 تعليقات

  1. الله يوفقكم ويكثر من امثالكم إبطال ابطال
    الله يرحم والديكم

    محروسين بحق محمد وال محمد

  2. الف الف الف شكر لاتكفي لابطالنا الكوادر الصحية على مجهودهم وتضحياتهم الرائعة من أجل خدمة الوطن ❤️
    الله يوفقكم و يحفظكم ويرعاكم بعينه التي لاتنام
    ويحفظ بلاد الحرمين يارب?

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×