هل يصمد القطاع الخاص في المملكة خلال أزمة كورونا؟

د. عبدالله فيصل آل ربح*

 تواجه المملكة العربية السعودية، مثل معظم أنحاء العالم، تحديًا خطيرًا ناجمًا عن انتشار فيروس كوفيد 19  كورونا. حتى 4 مايو 2020، سجلت الحكومة السعودية 27011 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا و 184 حالة وفاة. وبينما أثر الوباء على الصحة العامة والسياسة والاقتصاد ، فإن سوق العمل المحلي يواجه أحد أشد التحديات.

بسبب الإغلاق الرسمي وفرض حظر التجول الذي تم تطبيقه منذ 25 مارس، تم تعليق عمل معظم الشركات في المملكة العربية السعودية أو خفضت أنشطتها للحد الأدنى. ونتيجة لذلك، تحوّل الموظفون إلى عبء ثقيل على الشركات الخاصة، حيث لا تستطيع معظم تلك الشركات تحمل دفع أجور موظفيها أثناء مكوثهم في منازلهم. وعليه، فقد أعلنت عدة شركات عن إغلاق فروعها بالكامل، بما في ذلك شركة طيبة للاستثمار، وشركة الخطوط الجوية السعودية للتموين، وشركة الأندلس العقارية.

استجابة لآثار كورونا، فقد أعلنت الحكومة السعودية تفعيل نظام القوة القاهرة. وفي 3 أبريل، أصدرت الحكومة مرسومًا ملكيًا بتخصيص 2.4 مليار دولار لتعويض المواطنين السعوديين الذين يعملون في القطاع الخاص في المرافق المتضررة من الوباء. ومع ذلك، فإن مثل هذا الدعم السخي قد يخفف وطأة المشكلة، ولكن من الصعب أن يحلها بالكامل.

بناء على المرسوم الملكي، كشف نائب وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية د.عبد الله أبو ثنين عن ثلاثة خيارات للموظفين السعوديين في القطاع الخاص:

(١) استنفاد الثلاثين يومًا من الإجازات السنوية المستحقة للموظفين، والتي تنطبق أيضًا على الموظفين الذين لديهم أيام إجازة غير مستنفذة؛

(٢) قبول مواءمة الأجور مع ساعات العمل في ظل الظروف الحالية، وهي أقل من ساعات العمل العادية التي اعتاد الموظفون تأديتها في الظروف الطبيعية؛ أو

(٣) أخذ إجازة غير مدفوعة الأجر والاكتفاء بتلقي الدعم الحكومي الذي يقدم ستين بالمائة من الراتب الأساسي. ويشكل الخيار الأخير جزءًا من نظام ساند وهو نظام التأمين السعودي ضد البطالة، الذي يهدف إلى تحفيز أرباب العمل على إبقاء موظفيهم مع تحمل الحكومة للتكلفة.

رغم أن هذا الدعم الرسمي سيساهم بشكل فعّال في التخفيف من عواقب الوباء على القطاع الخاص في المملكة، فإنه لن يمنع من تضرر بعض المواطنين السعوديين من تأثير انتشار كورونا على الاقتصاد. بموجب المرسوم الملكي، بدلاً من إنهاء عقد العامل السعودي، يحق لصاحب العمل التقدم بطلب للحصول على دعم [التأمينات الاجتماعية] – دفع تعويض شهري يغطي ستين بالمائة من أجر الموظف لمدة ثلاثة أشهر، بحد أقصى 2400 دولار. ومع ذلك، قد يختار أرباب العمل فصل الموظفين، لأنه من غير الواضح متى ستعود المؤسسات إلى نشاطها بشكل طبيعي.

في الوقت الراهن، فإن هذا الدعم الحكومي ينطبق فقط على المواطنين العاملين في القطاع الخاص. أما بالنسبة للعاملين في القطاع العام، فإنهم يتمتعون برواتب كاملة مقابل عملهم من المنزل – إذا دعت الضرورة – أو لكونهم في إجازة مدفوعة الأجر. هذا الإجراء يقوم على أساس أن الحكومة هي رب العمل لأولئك الذين يعملون في القطاع العام. وبالتالي، فإن الحكومة لا تعمل فقط كحكومة، ولكن أيضًا كصاحب عمل يتحمل مسؤولية موظفيه الذين يواجهون حالة القوة القاهرة. بالإضافة إلى ذلك، ينقسم نظام الضمان الاجتماعي في المملكة العربية السعودية إلى نظامين: نظام المؤسسة العامة للتقاعد للعاملين في الحكومة، ونظام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للعاملين في القطاع الخاص. لكل نظام قواعده الخاصة للمدخرات والمنافع. وبالتالي، تختلف إجراءات الحكومة بناءً على دورها كحاكم أو صاحب عمل.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الدعم الحكومي يشمل أكثر من مجرد رواتب الموظفين. في 23 أبريل أعلن وزير الاقتصاد والتخطيط بالوكالة محمد الجدعان عن حزمة إجراءات ومبادرات تزيد قيمتها على 18.6 مليار دولار. تشمل تلك الإجراءات الاقتصادية تعجيل دفع الحكومة لمستحقات القطاع الخاص في غضون أقل من ثلاثين يومًا على القرار، بالإضافة إلى إعفاء القطاع الخاص من بعض المستحقات المتوجب دفعها للحكومة (أي الضرائب والرسوم). مثل هذا المبلغ يتجاوز 13 مليار دولار. وأوضح الجدعان أن الحكومة السعودية أضافت مخصصاتٍ إضافية قدرها 3.7 مليار دولار لتقديم المزيد من الدعم للقطاع الخاص. توفر هذه المخصصات السيولة لعدة قطاعات وتغطي أجور العاملين في مجال نقل الركاب.

بناء على ما سبق، نطرح سؤالا مشروعا: إلى متى يستمر هذا الدعم السخي للقطاع الخاص من قبل الحكومة السعودية؟ مع الأخذ بعين الاعتبار أن  أسعار النفط لا تزال أقل مما يحتاجه السعوديون لدعم رؤية 2030 التي تفترض أن تكون ميزانيتها لا تقل عن 54 مليار دولار. لقد تأثرت أسعار النفط حاليًا بسبب انخفاض الطلب نتيجة الوباء وحرب أسعار النفط مع روسيا، التي انتهت في 12 أبريل، بعد أن وافقت أوبك على خفض الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل يوميًا.

تجدر الإشارة إلى أن المحللين يتوقعون أن تظل أسعار النفط تحت سقف الـ 40 دولارًا في المستقبل المنظور، بينما يتطلب رصيد الموازنة الوطنية للملكة 80-85 دولارًا للبرميل. يضاف إلى ذلك إن مستقبل سوق النفط لا ينبأ باستقرار قريب، خاصة بعد انهيار عقود يونيو بأكثر من 45 بالمائة. في 21 أبريل، أعرب مجلس الوزراء السعودي عن نيته اتخاذ مزيد من الإجراءات المشتركة مع أوبك والمنتجين الآخرين فيما يتعلق باستقرار سوق النفط. فرغم أن أسعار النفط المتدنية تشجع -بل تحث-  الحكومة السعودية على تقييد أو حتى إلغاء الإنفاق الزائد، فإن الحكومة اختارت زيادة الإنفاق العام لدعم مواطنيها خلال فترة الأزمة.

في الختام، فإن لحكومة السعودية تنفق جزءًا كبيرًا من احتياطياتها النقدية لتجنيب مواطنيها أزمة مالية حادة. ومن ناحية أخرى ، تكتسب الحكومة المزيد من الشعبية بين المواطنين السعوديين الذين يتلقون الدعم الذي تجاوز سقف توقعاتهم. ومن المفارقات أن الفيروس التاجي قد يكون بمثابة وسيلة لتعزيز الشرعية الملكية المطلقة التي تتحمل المسؤولية عن مواطنيها، في الوقت الذي تكافح الديمقراطيات لمواجهة تداعيات الوباء.

*أستاذ مساعد في علم الاجتماع في جامعة ولاية جراند فالي.

تابعه على تويتر:

 @AbdullahAlrebh

المقال منشور باللغة الإنجليزية في موقع مركز الأتلانتك للدراسات، والترجمة للكاتب. Atlantic Council

‫3 تعليقات

  1. انا ابي اعرف انت شنهوا اللي مظايقك بالموضوع ..يعني سؤالك مع احترامي الشديدلك ماله داعي …الى متى يستمرهذا السخاء..وارباب العمل يفضلون فصل الموظفين..ياخي انتوا لاترحمون ولاتبون رحمة الله تنزل على عبادة …ياخي اما تقول شي يفيدالناس او اكرمنا بسكوتك…تحياتي…

  2. الأخ”بدون اسم” لمعلوماتك الدكتور عبدالله الربح هو ابن بلدك درس في جامعة الملك سعود الأدب العربي ثم أتم الماجستير و الدكتوراه تخصص علم الإجتماع في جامعة ميشغان في أمريكا. الجامعة التي يدرّس فيها تضع اسمه ضمن أعضاء هيئة التدريس معنوناً ب(البروفيسور). والجامعة مؤسسة تعليمية منها تصدر الدرجات و الألقاب العلمية. فإذا كانت هذه شهدت له بذلك فمن أنت حتى تكتب كلامك البائس الذي لا ينم إلا عن جهلك المتفحش. كتبت لينا سطرين بلغتك الأم العربية ٣٠ كلمة فيها ١٢ كلمة خطأ لعلك لا تعلم أن هناك حرف عربي اسمه الهمزة أو لا تعرف كيف تعثر عليه في لوحةالمفاتيح.

  3. ممكن الاخ لربح يوضح دكتور شنو لانه اصلا مو دكتور هو وهل كلام مو من اختصاصه بس كل من هب ودب نسب لنفسه القاب وتكلم في امور مو من اختصاصه

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×