[أبطال كورونا] ريم القباط.. قصة دمعة مريض خرج من العناية المركزة سيرة يومية تبدأ بحارس أمن المستشفى وتنتهي بأدعية المرضى
القطيف: ليلى العوامي
من عرف ريم سلمان القباط لمس قربها من مرضاها وخوفها عليهم. لكن مرضاها ليسوا كباقي المرضى، فأنفاسهم تحمل ما يُصنف أخطر فيروس عرفته البشرية في العقود الأخيرة؛ كورونا المستجد (كوفيد 19).
يبدأ يوم القباط، وهي ممرضة ومدربة اكلينيكية في قسم الكوفيد في مستشفى القطيف المركزي، بحرب مع الفيروس وينتهي به أيضاً، يوم ممتع وشاق يستلزم طاقة وعي وإتباع إجراءات احترازية تُحدث أولاً بأول من وزارة الصحة.
خوف وقلق
غالباً ما تستهل صباحها باستلام المريض، ومعرفة نتائج تشخيصه الطبي، وما إن تستلم ريم مريضها حتى تبدأ بتقديم خدماتها له ومحاولة تبديد مخاوفه والإجابة عن تساؤلاته المتعددة، وتقديم العناية للمريض وإشباع احتياجه النفسي، وحماية زميلاتها، فخارج غرفة المريض طريقٌ طويل يملؤه الخوف والقلق من احتمال نشر العدوى أو انتقالها لمن تواجههم ريم.
ورغم ذلك لم تواجه القباط في عملها الخوف، تقول لـ”صُبرة”: “لم أشعر يوماً بأنني وحدي في مواجهة هذا الفيروس، فهناك طاقم متكامل يبدأ من رجل الأمن عند بوابة المستشفى، ويتكامل بالطاقم الصحي الذي يعمل ليل نهار في تسلسل وتتابع من دون خلل أو ملل، وينتهي بدعوات المرضى وذويهم، وهو كان مصدر طاقة لجميع العاملين”.
دعاء الأهل
ولكن ريم شعرت بالخوف تجاه عائلتها، وحيدة كانت تخفي شعور الخوف عنهم حتى لا يصيبهم الرعب، وساعدتها توجيهات وزارة الصحة كثيراً في وقاية عائلتها من أي عدوى، فمحاولة حمايتهم كان “قلقاً ممزوجاً بالخوف من العدوى أحياناً وبالأمان أحياناً أخرى، وبالدعاء الذي أسمعه كلما أردت الخروج للعمل” وفقاً لما تقول، مضيفة: “كان دعاء عائلتي لي كل صباح يبث في نفسي السعادة والأمل”.
دموع المرضى
وما أعظم المحن التي تعطيك دروساً تخرج بها للعالم بكل ثقة فقد تعلمت ريم الكثير من هذه الأزمة، وأبرز ما تعلمته قوة تحمل المواقف الصعبة التي تمر عليها، ومنها موقف مريض ذو 14 ربيعاً الذي أصرعلى العودة إلى منزله، رغم رفض الطبيب المعالج ذلك، حيث نقل من العناية المركزة الى قسم المصابين بالفيروس، إثر نوبة تكسر دم حادة، احوجته لنقل دم، وتبديله داخل غرف العناية المركزة، ما جعله من الفئات ذات الاحتمالية العالية للإصابة بالفيروس، بحسب أنظمة وزارة الصحة.
تقول القباط: “منذ لحظة إشرافي على حاله؛ كان ينتظر العودة للمنزل، إلا أن الطبيب المعالج أخبره بانه لا يمكنه ذلك، بل سيبقى في الحجر الصحي حتى انتظار النتيجة التالية، للتأكد من عدم الإصابة، لتتناثر دموعه”.
هنا تكمن بطولة الممرض أو الطبيب حينما يرى دموع مريضه؛ فهي من أصعب اللحظات على أي إنسان، وتضيف ريم: “لكوني أعلم بمضاعفات التوتر الشديد على المريض؛ حاولت بشتى الطرق إقناعه بأهمية اتباع القوانين الاحترازية الخارجة عن إرادتنا جميعاً، ولكن كان واضحاً عليه الرفض الشديد الذهاب للحجر”.
ولكون قرارات وزارة الصحة يتم تحديثها بشكل دائم؛ فقد تقرر عزله في المنزل، لكونه دون السن القانونية للحجر الصحي، وتعالت ضحكاته ودعوات والديه لها بوافر الصحة والعافية، بعد ما بشرتهم بان المريض سينتقل ضمن مسؤوليتهم، وسيلقى على عاتقهم رعايته وحماية الآخرين، تقول: “كانت أصعب 24 ساعة مرت علي في محاولات دفاع وإقناع، أفقدتني متعة البقاء في المنزل بعيدة عن مريضي”.
سعادة وأمل
ولكن هذا لا يعني ألا يكون هناك مواقف جميلة تظهر فيها بطولة هؤلاء الجنود البيض، تذكر ريم قصة مريضتها المُسنة القادمة من دوله موبوءة، حيث كانت من أوائل الموجودين في القسم، وكانت تعاني كثيراً من نتيجة المسحة، والتي كانت موجبة لـ6 مرات متوالية.
كانت المريضة بخلفية علمية متواضعة، ولكن ذات قلب أبيض تدعو للجميع بحب وامتنان، الأمر الذي كان يصعب على ريم وزميلاتها إخبارها بنتيجتها الإيجابية، وأنها لا بد ان تحتمل أمر بقائها في المستشفى حتى مسحة سلبية واحدة على الأقل، حتى جاء يوم البشارة من قسم مكافحة العدوى بان نتيجتها سلبية، حينها أخدت ضحكات التمريض تتعالى والتهاني والتبريكات ولحظات جميلة كانت تتوزع بين ريم وزميلاتها، وحظيت ممرضتها بدعائها حيث بشرتها بوابل من السعادة والأمل الجديد في التخلص من الوباء للجميع.
الله يجزاهم الف خير