وزير المالية يصارح الناس: الأزمة طويلة.. وعلينا شدّ الحزام إيرادتنا النفطية انخفضت أكثر من النصف.. وألم الإجراءات من صالح الجميع
متابعة: شذى المرزوق
وضع وزير المالية محمد الجدعان توصيف صريحاً للوضع المالي في المملكة، بعد أزمة فيروس كورونا الجديد، كاشفاً عن إشارات مباشرة إلى الواقع الذي جلبته الأزمة على الوضع الاقتصادي في المملكة.
وفي ولقاء متلفز مع قناة “العربية” إن “حل هذه الإشكالية بتنويع الإيرادات وتنويع النشاط الاقتصادي، لكنها رحلة بدأت ولم تنتهِ”، وبالتالي “لازلنا نعتمد بشكل كبير جداً على الإيرادات النفطية، وطالما أن الإيردات النفطية انخفضت بشكل كبير جدا أكثر من النصف، والإيرادات غير النفطية ايضا انخفضت نتيجة تعطل الكثير من القطاعات الاقتصادية في المملكة فيجب علينا أن نكون حريصين وحازمين في إدارة المالية العامة لنتمكن من الاستمرار في توفير الخدمات الاساسية للمواطنين في حال استمرت هذه الأزمة”.
استثمارات
سأله محاور القناة: تحدثت بعض التقارير عن عدد من الاستثمارات السعودية في الخارج شملت شركات سياحة بحرية وكرة قدم وشركات نفط أوروبية.. فلماذا هذه الاستثمارات في هذا التوقيت ولم لا يتم الاحتفاظ بهذه الاستثمارات كسيولة قد تحتاجها المملكة في الازمة..؟
فأجاب الوزير: الحكومة تدير المالية العامة بشكل حصيف وكفء.. لدينا احتياطات خلال الـ 5 سنوات الماضية، ولو لم تكن لدينا هذه الاحتياطيات لواجهتنا ازمات كبيرة جداً.. وقد استخدمنا هذه الاحتياطيات لتغطية عجز الميزانية، واستخدمنا اكثر من ترليون ريال خلال الـ 4 والـ 5 سنوات الماضية لتغطية العجز، واستخدمنا ايضاً جزءاً من إيرادات الاستثمارات التي نقوم بها.. وهي استثمارات مهمة جدا لديها عوائد نستطيع ان نستخدمها في حالة الأزمات، لسد العجز.. واذا استخدمنا الاحتياط استهلكنا هذه الأصول، ولم يعد لدينا عوائد. وأيضا مثل هذه الازمات تخلق فرصاً للاستثمار فتنخفض قيم كثير من الشركات الاستثمارية، وقد تشكل فرصاً للاستثمار فيها وتحقق عوائد تغطي العجز في ميزانية السنوات القادمة بإذن الله.
لا تنبؤات
سأله المحاور: ماهي توقعاتكم لأسعار النفط مع نهاية هذه السنة في ضوء الاتفاق التاريخي لتحالف اوبك والتفاهمات في هذا الاطار ضمن مجموعة ال20 التي تترأسها المملكة..؟
فأجاوب الوزير: لن ادخل في تنبؤات فيما يتعلق بأسعار النفط فهذه مسألة، يقودها العرض والطلب وأسواق البترول هي التي تحدد السعر.
لكن بالتأكيد الصدمات الكبيرة جداً في العالم الخارجي، فيما يتعلق بالطلب على المواد الأساسية بما فيها النفط، وهي تضغط بشكل كبير على مستوى الطلب.. وبالتالي على اسعار النفط.. وأتوقع ان تستمر الصدمة الاقتصادية لمدة ليست قصيرة..
الوضع الاقتصادي في العالم هش والتنبؤات بعودة الاقتصاد يصعب حاليا توقعها بشكل دقيق.. ولذلك من المهم جداً ان نرجو من الله الخير، وايضا ان نخطط للاسوأ فالحكومة الحصيفة يجب ان تخطط للاسوأ، وان كانت بإذن الله متفائلة. ولكن يجب ان نخطط للأسوأ ونأخذ الأمور بجدية، وان نقلص ونشد الحزام بشكل كبير لنستطيع الاستمرار في توفير الخدمات الاساسية للمواطنين، وإدارة وتشغيل الحكومة لسنوات قادمة في حال ـ لا سمح الله ـ استمرت الأزمة لمدة طويلة.
الاقتراض
سأله المحاور: الاقتراض الداخلي في الربع الأول من هذا العام وصل إلى 27 مليار ريال، اما الاقتراض الخارجي في الربع الاول فقد وصل إلى 19 مليار ريال.. وقمتم بإصدار سندات أولية في ابريل بحوالي 7 مليارات دولار.. فهل سيكون هناك اعتماد اكبر في بقية هذا العام على الاصدارات الخارجية.؟ بدل من الاصدارات الداخلية وذلك لعدم مزاحمة القطاع الخاص لمصادر التمويل المتاحة داخل المملكة علما ان القطاع الخاص في اشد الحاجه لها الآن..؟
إجابة الوزير: اولا اؤكد أن السيولة في القطاع المصرفي تتوفر بشكل كبير جداً.. وكما شاهدنا في تقارير المؤسسات المالية الدولية لا يوجد لدينا تحدٍّ في السيولة المصرفية.. ومؤسسة النقد قادرة على ادارة السيولة وتوفير احتياج القطاع الخاص.
ثانيا الحكومة حريصة جداً من خلال مركز إدارة الدين العام على عدم مزاحمة القطاع الخاص لكن سنستمر في الاصدارات الداخلية والخارجية حسب وضع السوق وتكلفة الدين.
وعلينا ان نكون حريصين على عدم ارتفاع تكلفة الدين لأنها ليست فقط مضرة بالمالية العامة وبالتالي بتكلفة الدين مستقبلا بل مضرة أيضا بالاقتصاد.. فهو بذلك يرفع تكلفة الدين على الشركات الأخرى وعلى المواطنين أيضا في قروضهم العقارية والاستهلاكية، وبالتالي نحرص على ألا ترتفع تكلفة الدين.. لكن سنستمر في الاقتراض وشاهدنا ـ ولله الحمد ـ اقبال مميز على إصدارات أوراق الدين الحكومية، سواء في الداخل أو الخارج وبالخطة التي تم الاعلان عنها؛ سنقترض هذه السنة بحدود 220 ملياراً بحسب وضع الأسواق وبحسب السيولة المتوفرة.
السؤال: ماذا بعد الجائحة..؟
الجواب: الازمة التي نشاهدها لم نشاهدها في السابق، والتحديات على الاقتصاد والمالية كبيرة جداً، ولا اعتقد ان العالم والمملكة ستعود بعد كورونا لما قبل كورونا، لان هناك كثيراً من المتغيرات الاقتصادية، سواء في الانشطة الاقتصادية العادية ام في سلاسل الامداد وفي اسعار وتكاليف المواد.. هنالك تحديات نراقبها بشكل دقيق، وهنالك فرق عمل تعمل في حصر هذه التحديات وحصر الفرص التي يمكن ان نستغلها هذا في جانب.
من جانب اخر المالية العامة نعتمد عليها بشكل عام، فلازال الاقتصاد السعودي يعتمد بشكل كبير جداً على الانفاق الحكومي، لذا من المهم جدا المحافظة على المالية العامة لكي نستمر في دعم الاقتصاد في السنوات القادمة.. المالية العامة تحتاج لضبط أكثر.
وقد سعت الحكومة على مدى سنوات لإجراءات كثيرة لضبط المالية وتخفيض العجز، لكن المشوار لا يزال امامنا طويلاً. سنقلص ـ إن شاء لله ـ بعض النفقات وإن كانت بعض الإجراءات ستكون مؤلمة لكنها لمصلحة الجميع والدولة والمواطن، وننشد تظافر جهود الجميع ـ مواطنين وقطاعاً خاصاً وحكومة ـ لمواجهة هذه الأزمة لنعديها ـ بإذن الله ـ أقوياء ونخرج منها اقوى مما دخلناها.. لكنها ازمة قد تطول، ويجب أن نتعامل معها على هذا الأساس.