[أبطال كورونا] جاسم الحكيم يُكرم الموتى بحفر القبور.. والصلاة عليهم واحدٌ من عشرات المتطوعين في القطيف يؤدي دوره من أجل "براءة الذمة"

يومياً؛ سوف تستضيف “صُبرة” واحداً من أبطال كوورنا.. أو واحدة من البطلات.. ليس مهمّاً أن يكون هذا البطل مشهوراً أو مجهولاً.. وليس مهمّاً الموقع.. المهم هو معرفة ما يؤديه في هذه الأزمة.. وهذه الليلة ننشر الحلقة الأولى من حلقات الأبطال الطويلة.

سيهات: شذى المرزوق

قبل أيام انتقل إلى رحمة الله شاب في الـ23 من العمر، من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا ليس أمراً جديداً، فركب الحياة يسير ما بين ميلاد ورحيل، الأمر الجديد هو أن احترازات كورونا حالت دون حضور والدالفقيد الأحسائي الذي يسكن حي المحمدية في مدينة الدمام،فتم نقل المتوفى بالإسعاف إلى مغتسل سيهات، ليتم تغسيله والصلاة عليه ودفنه من قبل ثلة من المشيعين.

كان من بين المصلين على الفقيد؛ الحاج جاسم الحكيم،المتطوع لحفر قبور الموتى في مقبرة سيهات منذ 25 سنة.

الحكيم واحدٌ من عشرات المتطوعين في القطيف، نذروا أنفسهم لإكرام الموتى تطوّعاً، دون أي مقابل مادي شهري رسمي، وهو نموذج لكثيرين من المحافظة.

ولم يقف كورونا حاجزاً في أداء الحكيم واجبه، مثل كثير من المتطوعين، فواصل العمل في ظل تداعيات فيروس كورونا، لإكرام الموتى بدفنهم والصلاة عليهم وتشييع جنائزهم، في حال تعذر على أهلهم الحضور بعد إقفال المقبرة أمام الزائرين والمشيعين، خوفاً على الصحة العامة، وضمن التدابير الوقائية في ظل انتشار الفيروس.

الخوف من الإصابة لم يكن هاجساً لدى الحكيم، الذي تولى خلال الشهرين الماضيين حفر حوالى 12 قبراً في سيهات، ليواري فيها جثامين المتوفين.

وعن تفاصيل عمله؛ قال الحكيم: “بمجرد أن يتم الإعلان عن وفاة؛ أباشر في صباح اليوم التالي القيام بواجبي، فالحفر لايستغرق إلا ساعة”.

وأضاف: “المسؤولية زادت، والواجب بات أكبر بعد انتشار الفيروس، خصوصاً مع قلة المشيعين، فلا مجال لحصر العمل بالحفر، بل أداء الواجب كاملاً تجاه هذه الروح التي كانت يوماً بيننا بالصلاة عليها وتشييع الجثمان”.

ونوه الحكيم بأهمية “استشعار مراقبة الله في كل لحظة أثناء أداء ما يتوجب علينا عمله، ورهبة الموت لها تأثيرها الكبير في النفس، ولكن مايثقل الكاهل هو أداء الأمانة، فالراحل إذا تعذر حضور أهله فهو أمانتنا، وأمانة الله عندنا أيضاً، ونعيش ثقلها في بضع خطوات أثناء التشييع من المغتسل حتى يتم رش ماء الورد على قبره، لنسلم الأمانة إلى بارئها”.

أما إذا حضر المشيعون؛ فسيكون ذلك أخف وطئاً على النفس، كما هو حال تشييع الراحل نعيم المكحل (رحمه الله)، الذي شهد حضوراً كبيراً من المشيعين.

ولفت الحكيم إلى إعلان فتح المقبرة أبوابها أما الزائرين والمشيعين، والذي تم نشره أمس (الخميس)، من قبل جمعية سيهات الخيرية للخدمات الاجتماعية، “ما سيعيد عملنا إلى سابق عهده، أي سينحصر في الحفركما اعتدنا”.

وأمل جاسم الحكيم أن “يبقى المجتمع محافظاً على الالتزامات والقرارات الصحية التي تساعد على عدم انتشار الفيروس”، منوهاً بأنه لم يتم حتى الآن دفن أي مصاب بهذا الوباء في مقبرة سيهاتولله الحمد، متمنياً الشفاء والصحة للجميع، وانجلاء هذه الغمة قريباً.