رفع الحجر عن القطيف والآلية الرسمية
حبيب محمود
وضع محافظة القطيف في الحجر الصحّي تمّ بآلية تولتها وزارة الداخلية وأعلنت عنها في يومها. والآلية التي ترفع الحجر عن المحافظة هي الآلية نفسها؛ وزارة الداخلية تتولى الإعلان، وتوجه أجهزتها إلى التنفيذ.
مؤشرات الوباء في المملكة مطمئنة جداً، فهو ما زال تحت السيطرة، على الرغم من تزايد الأعداد بعد قرابة الشهرين. وفي القطيف أكثر طمأنة. إلا أن قرار تعديل القيود، بما فيه تقليص ساعات التجول، أو إلغاء منع التجوّل، أو رفع الحجر الصحي.. كلُّ ذلك بيد جهاتٍ عُليا تُصدر قراراها على أسس علمية مدروسة.
الشائعات المتناثرة حول رفع الحجر؛ تبقى تمنّيات، ونرجو الله أن تتحقّق وتعود الحياة إلى طبيعتها، بعد وصولنا إلى الضفة الآمنة في جميع أرجاء الوطن.
الأمر الملكيّ الأخير واضح، وإيضاحات الوزارة اللاحقة للأمر الملكي تُزيح اللبس فيما يخصّ أي تغيير في الأوضاع. ما هو وطني شاملٌ يصدر عن خادم الحرمين الشريفين، أما ما هو إقليميٌّ فيصدر عن وزارة الداخلية. وفي الأمر الملكي الكريم الأخير بشاراتُ خيرٍ كثيرة، وهنا نحن نرقُب بعض الوزارات وهي تتحرّك صَوب العودة الجزئية إلى نشاط القطاع الخاص.
وهذه الليلة استمعنا إلى تعليقات وزير الصحة على مفاعيل الأمر الملكي، وتشديد الوزير على مسؤولية الناس الجديدة بعد تحوّل منع التجول “الكلي” إلى “جزئي”.
الوضع ماضٍ إلى الطمأنة أكثر، بحمد الله، ولكن الخطر لم يزل بعد. هناك تجارب وبائية دولية ما زالت تُدرَّس. فحين تخفّفت قيود التباعد الاجتماعي في مدينة “دنفر” الأمريكية في أزمة وباء الأنفلونزا الإسبانية، سنة 1918؛ احتفل الناس وظنّوا أنهم نجوا من أسوأ وباء في القرن العشرين، فكانت النتيجة عودة موجة وبائية أعنف من الموجة الأولى.
هذا بالضبط ما يُخاف منه، حين يتخلّى الناس عن مسؤولياتهم الوقائية والاحترازية. في الأسابيع الماضية تولّت الدولة المسؤولية بصرامة وتشدُّد محمودين. أما الآن؛ فقد حمّلتنا الثقة، وجديرٌ بنا أن نكون عند حسن ظنّ وطننا.
حتى لو رُفع الحجر عن أي مدينة في بلادنا الواسعة؛ فإن ذلك لا يعني أننا وصلنا إلى الضفة الآمنة.. بل ما زال علينا التحلّي بصبرٍ مضاعف، وأن نستغل حرّية التنقل بتلبية شروط الاحتراز الحقيقي.
حتى لو أصدرت وزارة الداخلية قراراً برفع الحجر الصحي عن القطيف؛ فإن علينا ألّا نكون نسخة من سكان مدينة “دنفر”.
الشائعات تبقى تمنياتٍ ما لم تصدر معلوماتها عن جهة مسؤولة ومخوّلة.