كورونا وما بعدها
جمال الحمود
لا يشك منصف ولا ينكر عادل حجم الجهود التي بذلتها حكومتنا الرشيدة في محاولة لمنع تفشي انتشار فايروس كورونا والقضاء عليه، مع ما يتطلبه هذان الأمران من إمكانيات وقدرات بشرية ومادية والقائمة تطول، إمكانيات وقدرات عجزت عنها كبريات الدول وأكثرها تقدماً في كافة المجالات.
كل هذه التحديات واجهتها القيادة الرشيدة بصلابة وعزيمة وتصميم مؤمنة بقدرات أبناء هذا الوطن على كافة الأصعدة ما يجعل من تحقيق الأهداف أمراً حتمياً.
لقد كانت لحكمة خادم الحرمين الشريفين واهتمامه بأبناء هذا الوطن والمقيمين فيه على حد سواء، الأثر الأكبر في رفع معنويات الجميع وزرع الطمأنينة في القلوب، فعندما اختار يحفظه الله أن يكون أباً لأبناء شعبه وللمقيمين لم يكن ذلك تصنعاً أبداً ولا اندفاعاً، بل كان انسجاماً مع ذاته ومع إنسانيته ومعرفته ودرايته ما دفعه لتسخير كل مقدرات الدولة ووضع كل الإمكانيات للخروج من هذه الجائحة والعبور بالوطن إلى بر الأمان والسلامة بأقل الخسائر البشرية.
لقد كانت لهذه اللفتة الأبوية الحانية مفعولها وأثرها ووقعها في نفوس المواطنين، واعترافاً وتقديراً وامتناناً لحرص الأب خادم الحرمين كان تفاعلهم كل من موقعه فكان تجاوب المواطن والمقيم من خلال الالتزام بالإجراءات الاحترازية، والكوادر الطبية والصحية والتي كان لها الفضل بعد الله وبدعم من لدنه يحفظه الله في إنقاذ المئات من الأرواح وعلاج الآلاف من المصابين. وإلى جانب أبطال الصحة ومعهم كان أبطال الأمن الذين أيضاً كان لهم الدور المشرف في الحرص على الالتزام بالتوجيهات وتنفيذها وبدقة، ما ساهم في الحد من زيادة الحالات وانتشار الوباء نتيجة للتجمعات والاختلاط والتنقل.
فجر يوم الثالث من رمضان دخلنا مرحلة جديدة عمادها الرقابة الذاتية ومنح الثقة للمواطن والمقيم أن يلتزموا باتباع الإجراءات الاحترازية بأقصى ما أمكنهم، حيث هذه الفترة ستكون الحد الفاصل بين أن نعود بالحياة اليومية إلى طبيعتها أو أن نكون تحت رحمة الحجر الإلزامي، وعلى مدار الليل والنهار، وتحمل تبعات تلك المرحلة كاملة.
ولعل من المناسب ومن باب الدروس والعبر وإن كان لي أن أتقدم باقتراح بعد انتهاء هذه الجائحة هو أن تعكف الجهات المختصة والمعنية بمثل هذه الجائحة والكوارث، على دراسة طرق الوقاية والاستعدادات لمثلها مستقبلاً، مع الأخذ بعين الاعتبار أمور عدة، أحدها تحديد أعداد الوافدين والمقيمين ضمن مستوى محدد وضمن شروط معينة، تبدأ من وضع شروط على شركاتهم من ناحية مناطق سكناهم، بعيداً عن سكن المواطنين والعائلات، وتحمل الشركات التي يعملون لديها مسؤولية نفقات علاجهم بحيث لا يثقل على الدولة، إذ يستهلك القدرات الاستيعابية ويشغل حيزاً مهماً وكبيراً، ويستقطع موارد من الممكن الاستفادة منها بتكثيف البنية التحتية في مجال مكافحة الكوارث.
ولعل أعداد الحالات التي بلغت حتى تاريخه ما نسبته ٨٥ بالمائة من إجمالي الإصابات مع ما تشكله هذه النسبة من ضغط على خطط الدولة وميزانية الوزارات الخدمية ومشاريعها، والحديث والخوض في هذا الأمر يطول.
وهنا نناشد المواطنين والمقيمين الأعزاء أن يكون التزامهم بالإجراءات واستجابتهم بالتفاعل الإيجابي مع الأمر الملكي عنواناً للمرحلة ومساهمة منهم في القضاء على هذا الوباء وتجنيب البلاد والعباد تبعات عدم التزامهم.
حفظ الله قيادتنا الرشيدة ووطننا الحبيب ومواطنيه والمقيمين على ثراه.