مع منع التجول في القطيف.. مكانك سِرْ آلاف الخطوات.. داخل المنزل هواة المشي في القطيف يحنّون إلى الشواطي ويصنعون حلولاً لاستمرار الرياضة
القطيف: معصومة الزاهر
قبل أن تشرق الشمس، وما إن ينتهي من أداء صلاة الصح؛ يخرج محمد المطر من منزله، بعد أن يرتدي الزي المناسب للمشي، متوجهاً لشاطئ المشاري في الطرف الشرقي الشمالي لمدينة القطيف، فهو على موعد مع “العشق اليومي”: المشي.
تقاعد المطر من “أرامكو السعودية” قبل سنوات، حيث كان يعمل مسؤولاً في قسم الموارد البشرية في هذه الشركة النفطية، ومنذ ذلك الحين، وربما قبله، حافظ على رياضة المشي يومياً، ما عدا يومي الجمعة والسبت.
وخلال ساعة من المشي السريع يقطع المطر مسافة يقدرها بنحو 7 كيلومترات، حول الكورنيش مرتين.
بيد أن المطر، وبعد سنوات من مزاولة المشي وجد نفسه – كما كثيرين – مضطراً للتوقف عن ما اعتاده بعد تطبيق قرار منع التجول طوال 24 ساعة، الذي دخل حيز التنفيذ الثلاثاء الماضي، مما دفعه لإيجاد خطة بديلة.
وقال لـ”صبرة” إنها “تمارين بسيطة بعد كل صلاة، حيث لا يوجد لدي جهاز مشي متحرك، وأيضاً اعمل في تنسيق حديقة منزلي، وكذلك أعمال الصيانة من كهرباء وسباكة وما أقدر عليه”، مضيفاً: “هي لا تقوم مقام الرياضة، لكن فيها حركة نوعاً ما”.
البحث عن بدائل
وعلى غرار المطر هناك المئات في القطيف، رجالاً ونساءً، اضطروا إلى البحث عن بدائل لممارسة المشي في الشواطئ والممرات. كانت هذه الشواطئ تغص بالمشاة حفاظاً على الصحة من أمراض السكر والضغط والكليسترول، أو لخسارة بضعة كيلوغرامات من الوزن الزائد، أو للبحث عن متنفس يريحون به عقولهم المرهقة من دوامة الحياة المتسارعة، فارتبطوا بهذه الرياضة لسنوات، حتى منعهم منها فيروس كورونا.
المشي في المنزل
محمد جواد آل السيد ناصر، متقاعد آخر من “أرامكو السعودية”، وهو رئيس جمعية مضر الخيرية، وممن يمارسون المشي اليومي، يقول: “أمشي يومياً 8 كيلومترات عند كورنيش المنيرة، لكن بعد منع التجول الشامل بدأت برنامج رياضة داخل المنزل في الصباح الباكر، ولمدة ساعة ونصف الساعة يومياً، أقطع خلالها حوالى ١٠ كيلومترات”.
ويبدي السيد ناصر رضاه بهذا البديل، آملاً في “انفراج الأزمة والعودة مجدداً للكورنيش، فالمشي في الهواء الطلق له ميزة صحية” كما يقول.
في العالم الافتراضي
مشوار علي عبدالله النمر مع الرياضة قديم عموماً، فقد بدأ لاعب كرة يد في نادي السلام بالعوامية، وبعد سنوات تحول إلى هاوٍ. وعلى رغم عمله في هيئة التدقيق التابعة لدائرة الاوقاف والمواريث في القطيف، يمارس المشي، إضافة إلى التمرين في الصالات الرياضية المغلقة، التي توقفت أيضاً.
وعن بدائل التمارين الرياضة التي كان يمارسها يقول النمر: “البدائل مقارنة في الصالة الرياضية صعبة جداً، ولكن ليس من المستحيل خلق بدائل بسيطة في المنزل، مثلاً كان معدلي في المشي والجري 7 كيلومترات في اليوم، والآن أصبح عبر جهاز الجري المتوفر في المنزل 5 كيلومترات، ولمدة 50 دقيقة، وهذا يعتبر مرضياً للمحافظة على اللياقة البدنية”.
ولم يقتصر علي على ذلك، فهو يتابع حساب المدرب طلال الخرِّيف في “انستغرام”، الذي يستعمل وزن الجسم في التمارين الرياضية “المفيدة جداً” بحسب قوله، إضافة إلى الأوزان الخفيفة مثل استخدام قارورتي ماء سعة 1.5 لتر بدل أوزان الحديد، للمحافظة على اللياقة البدنية، وعدم خسارة الكثافة العضلية في ظل توقف الصالات الرياضية، مما يساعد على رفع معدل المناعة من الأمراض في الجسم”.
ولكن من المنزل
قد يبدو حال وليد آل سليس مع تبعات كورونا، مختلفاً، فهذا الموظف الحكومي وجد متسعاً من وقت الفراغ بعد اضطراره لعدم الذهاب للعمل، فضلاً عن ما خلفه التباعد الاجتماعي، من إلغاء الكثير من الزيارات والبرامج والفعاليات.
استثمر آل سليس وقته في ممارسة الرياضة، وأدخل تمارين جديدة بدلاً من الاكتفاء بالمشي اليومي، يقول: “كنت أمشي بشكل يومي، والهدف 3 كيلومترات في ٣٠ دقيقة، الآن لدي 3 أدوات اعتمد عليها في التمرين المنزلي: سجادة رياضية، حديد بوزن خفيف، واستخدم برنامج six pack in 30 days وهكذا امارس التمارين المتنوعة، بالإضافة إلى ممارسة رياضة المشي في سطح منزلي”.
التزام الهدف
قبل كورونا، كان علي السيف يبدأ يومه بممارسة الرياضة “للمحافظة على الحيوية، ولأنها أساس النشاط” كما يقول، ثم يذهب للعمل، فهو موظف في شركة أهلية بمدينة الخبر.
ويضيف: “سابقاً كنت أخرج من منزلي مع شروق الشمس، وأحدد مدة المشي بساعة أو 6 كيلومترات، أو 8500 خطوة، وكنت أحدد أحد هذه الخيارات هدفاً يومياً والتزم به، ولكن بعد الحجر المنزلي لجأت إلى جهاز في المنزل، وبدأت أقطع فيه نفس المسافة، وأتمم هدفي السابق من دون انقطاع”.
صورة مما قبل منع التجول
الحال أفضل بعد المنع
ولأن المشي لا يقتصر على الرجال، فقد كانت الشواطئ وصالات التدريب تغص بالمتدربات، ومنهن سارة آل خليف (محاسبة)، التي كانت تمارس الرياضة في ناد، تقول: “كنت أمارس: كارديو، وتمارين قوى، وزومبا، وبعد الحجر صرت أمارس الرياضة في المنزل، وأصبح لدي المزيد من الوقت، وأيضاً طاقة أكبر استغلها في الرياضة، بعكس ما قبل الحجر في ظل ساعات العمل الطويلة”.
بالنسبة لسارة أصبح الحجر “أمراً إيجابياً لاستغلال الوقت في الرياضة، وساعدني على ذلك توفر أجهزة رياضة وأوزان مختلفة في البيت”.
رياضة وحمية
يبدو حال سكينة جاسب آل تحيفة مختلف قليلاً، فخريجة المحاسبة تتابع مقاطع لمدربين محترفين متخصصين في الرياضة المنزلية، وتراها “نافعة لمن لا يمتلكون أجهزة في المنزل، ويعتمدون على وزن الجسم بشكل عام”.
وتضيف آل جاسب: “لدي دامبلز خفيف، وعصا استعملها لممارسة بعض التمارين المطلوبة، واتبع حمية للطعام، كما أقلل كمية الطعام قدر الإمكان، كي أحافظ على الإنجاز اللي حققته في النادي الرياضي قبل الحجر المنزلي”.
مسابقات جماعية
قبل الحجر المنزلي كانت سعاد القيس تزاول الرياضة في ناد، وكان أغلب تمارينها “كروسفيت”، لكن حالياً تمارس “الكارديو” في المنزل.
ولم تقتصر القيس على ذلك، حيث تتابع بالقول: “أتفقنا في النادي على إجراء مسابقة، وخصصنا جوائز محفزة، وتقوم الفكرة على أنه في نهار كل يوم نضيف في حساباتنا في “انستغرام” تمريناً معيناً، ونبدأ به في المنزل”، لافتة إلى أن المسابقة ليست للمشتركين في النادي، “بل للجميع، وللجنسين كذلك، وكنت متحمسة جداً”.
وعن البدائل للأدوات الرياضية تذكر سعاد “استخدم قناني الماء ذات وزن 8 كيلوغرامات عندما أرغب في رفع شيء ثقيل، ولدي أيضاً أدوات خفيفة لمزاولة الرياضة في المنزل، وكذلك أصبحت المواقع توفر الأدوات اللازمة لعمل تمارين منزلية”.
من المخطط إلى الحديقة
فوزية حسين، التي بدأت رياضة المشي بنصيحة طبيب، وبتشجيع ودعم زوجها، تقول عن بدايتها: “ذهبت مع أختي لأحد المخططات في العوامية، وتنقلنا بين عدة مخططات على رغم وجود الكثير من الكلاب الضالة، لكن وجود رياضيين يشعرنا بالطمأنينة”.
بدأت فوزية في زيادة المسافة “بداية كنت وشقيقتي نمشي ألفي خطوة، حتى وصلنا إلى 20 ألفاً، ولكن بعد الحجر المنزلي توقفنا مؤقتاً”، وبعد اعتيادهما على الحجر بدأتا في متابعة المشي داخل المنزل في الحديقة “حتى لا أفقد اللياقة، ولأنها أصبحت عادة لا استطيع التخلي عنها” كما تقول.