قناة ذكريات.. خلدنة الماضي بروح الوفاء
ياسر آل غريب
على غرار قنوات دبي زمان والقرين الكويتية والبحرين لوّل أطلق التلفزيون السعودي قناته الجديدة (ذكريات) على نغمة ما قبل الافتتاح التي تغلغلت في وجداننا في حقبة الثمانينات عندما كنا نستعد لتلقي البرامج أيام البث الأرضي المحدود بثماني ساعات تقريبا من السبت إلى الأربعاء ويزداد عدد الساعات أكثر في يومي العطلة الخميس والجمعة.
في الوقت الذي تتلاطم فيه أمواج الميديا الجديدة، تأخذنا هذه القناة في حالة جزر إلى ذواتنا الأولى لنرى ما شاهدناه من أعمال تلفزيونية شكلت عجينة ذائقتنا وأسهمت في صنع ثقافتنا في الحقبة الزمنية التي شهدت تحولات عديدة.
إن قناة ذكريات تأتي لتعزيز فكرة المشغوفين بالزمن الجميل – كما يسمونه – بنزعة الحنين إلى الماضي عبر استحضار المواد الأرشيفية التي تؤرخ حياة الأجيال.
الدراما السعودية قديما أعطت المشاهدين درسا في التنوع المناطقي، فكل عمل له لهجته الخاصة وبيئته المختلفة؛ فمسلسلات جدة بانفتاحها على التجربة المصرية تختلف تماما عن محاولات الرياض في صنع أعمال تركز على فكرة الخروج من البادية إلى المدنية الحديثة، أما مسلسلات المنطقة الشرقية فقد أتت متسقة مع التجربة الخليجية .
في ذاكرة كل منا العديد من الأمور التي لا ننساها كالسيادة الذكورية آنذاك؛ فكان التلفزيون يخلو من المذيعات وأتذكر أن مسلسل طاش ماطاش في جزئيه الأول والثاني كان يخلو من العنصر النسائي. أما مقص الرقيب فقد كان له دور كبير في بتر العديد من اللقطات التي كنا نكتشفها – نحن سكان المنطقة الشرقية – عندما نشاهد نفس المادة المعروضة في التلفزيون السعودي مقارنة مع تلفزيونات الخليج، فكثيرا ما نحس بإخفاء الصوت فجأة وبالحذف ودمج الحلقات وفقا للرؤية الإعلامية وطبيعة المجتمع.
أتت ولادة قناة ذكريات في فترة الحجر الصحي ومنع التجول؛ لتكون أنسا لنا يبدد وحشة الليالي ولتذكرنا بوجوه سعدنا بمتابعتها ذات يوم، ولنعرف كيف كنا وكيف أصبحنا على خط الزمن.