تضامناً مع النساء.. دورثي ميلر تُغيّب صورتها الشخصية عن معرض “خطوات إلى الماء”..! عرض صور السعوديات محجّبات "المشامر" و "المقانع".. وحجب صورة الأمريكية السافرة
القطيف: صُبرة
يبدو أن روح المصورة الأمريكية دورثي ميلر قرّرت التضامن مع السعوديات وعدم الظهور في معرض “خطوات إلى الماء” الذي تفصلنا ساعات النهار عن إطلاقه في مقر نادي الصفا بمدينة صفوى. المعرض قائم، في أساسه، على مجموعة فوتوغرافية للسيدة ميلر التقطتها لفلاّحات القطيف، في سبعينيات القرن الماضي. لكنّ النساء لن يتمكن من مشاهدة صور أسلافهنّ في محطة المعرض الأولى التي تستمر حتى الأحد المقبل. وطبقاً للمنظّمين؛ فإن المحطة الثانية المزمع إقامتها في مقرّ جمعية الثقافة والفنون بالدمام؛ ستكون مفتوحة للجميع. ومن المقرر إطلاقه في منتصف مارس الجاري.
السيد أثير السادة، قال لـ “صُبرة” إن صورة ميلر ليست موجودة ضمن السيرة الذاتية التي أعدّها وزملاؤه في “غرفة الذاكرة” ضمن مطبوعات المعرض. ما يعني أن زوّار المعرض لن يشاهدوا أية صورة شخصيةً للسيدة التي تجوّلت في قرى القطيف وريفها ورصدت الحياة اليومية، وصوّرت لابسات “المقانع” و “الشيلات” و “المشامر”، وهنّ يترددن إلى منابع العيون وقنوات الماء في أعمالهنّ اليومية.
خبر حصر زيارة المعرض في الرجال تبعته تعليقاتٌ لا تخلو من طرافة. بينها ما دونته الناشطة نسيمة السادة في صفحتها الشخصية على موقع فيس بوك بقولها “معرض ذو موضوع رائع ومميز… وتوثيق مهم لحياة النساء في المنطقة للأسف لا يسمح للنساء بحضوره”. وأضافت “ما هكذا الظن بكم يا #نادي_الصفا”، مستخدمةً علامة الوسم في اسم النادي.
وحرّك منشور السادة تعليقات مُشابهة، فقالت فضيلة عباس، وهي صحافية، “عن النساء ولا يُسمح بزيارتهن”، ثم تساءلت بلهجة عامية متعجبة “هل كيف؟”. لكنّ هاجر التاروتي اقترحت على السادة الذهاب إلى المعرض وكأنهنّ لا يعلمن باقتصاره على الرجال “على الأقل صفوى أقرب من جمعية الثقافة” في الدمام. فما كان من السادة إلا أن ردّت مستظرفة ومؤيدة أيضاً “والله فكرة.. نسوّي اقتحام لمشاهدة صور النساء وهي تمشي وتروح العيون.. أحسن من يشوفوها الرجال”.
وأيدتهما أفراح السادة احسبوني وياكم. من كم يوم شفت الإعلان ودار راسي عليه.. صور نسوان يطّلعوا عليها رجال.. مشكل”..!
ثم انعطف النقاش حول إدارة النادي، بين متفهم ومستاء. وقال أحمد آل حسن شارحاً “النادي منشأة حكومية، وإشراك النساء في أي فعالية فيه يحتاج الى تصريح من الجهات المعنية”. وعلّقت عليه مروج علي بقولها “نادي الصفا دائماً ذكوري ما يسوي شي للنساء أبداً”. فعاد آل حسن فرد عليها “مو صحيح.. أقاموا أنشطة متعددة”، في إشارةٍ إلى فعّاليات كثيرة أتاح فيها نادي الصفا بعض مرافقه لأنشطة نسائية، وهو ما أيدته فوز المبارك بقولها “إذا فيه متسع من الوقت ما يقصروا ادارة النادي وبالعكس يرحبوا بالسيدات ووجودهم بس اكيد في أمور ما يقدروا يتخطوها”.
وتبدأ فعّاليات المعرض في الـ 7.30 من مساء اليوم، بعرض 16 لوحة فوتوغرافية لدورثي ميلر، تعرض حياة المرأة في القطيف، وعلاقتها بالماء، عبر مشاهد العيون، ونقل الماء، ويوميات الأمهات في الريف على وجه الخصوص. كما تتضمن الفعاليات معرضاً نحتياً موازياً للمعرض الفوتوغرافي، إذ يقدم السيد رضا والسيد حيدر العلوي منحوتات فنية، تجسد حياة المرأة الريفية.
كما تتضمن فعاليات المعرض تدشين كتاب “عيون القطيف.. الفردوس الموؤود” الذي أعدّه الشاعر والباحث عدنان العوامي. والكتاب مشروع وثائقي يتناول عيون الماء في المحافظة، ويرصد قائمة طويلة منها، بعد تناول موضوع الماء في الثقافات الإنسانية وصولاً إلى الثقافة المحلية.
أخيراً؛ هناك الفنانان يوسف عبدالله وعباس الشافعي اللذان أعدا ميديا خاصة بالفعالية، ليُكملا بناء الفعّالية الجديدة في فكرتها وتصميمها.
المحطة الثانية
15 مارس 2018
جمعية الثقافة والفنون، الدمام.
الكاميرا التي قادت دورثي إلى الإقامة في السعودية
خاص: صبرة
كانت دورثي ميلر، السكرتيرة في إدارة القانون في أرامكو آنذاك، تحضر حقائبها للمغادرة في عام 1951، ولأجل ذلك فضلت التقاط عدد من الصور كذكرى للمكان، كان التصوير هوايتها قبل الوصول إلى هنا، لكنها لم تتخيل بأنها ستتورط بحب هذه الهواية والانشغال بها حتى عودتها ثانية في عام 1952 حيث التحقت بإدارة العلاقات الحكومية.
لاشيء استثنائياً في هذه الفترة التي قضتها قبل مغادرتها للمرة الثانية في عام 1959 سوى الصورة، وجدت دورثي ضالتها في الترحال بين وجوه الناس و وجوه المدن، تتعقب الناس كما تتعقب الأشجار والأزهار، وحتى الحيوانات حيث انشغلت بتتبع الجربوع في جحوره، بعدها اختارت الدخول في دورة مكثفة للتصوير في سان فرانسيسكو استمرت لمدة ستة أشهر، قبل أن تأخذها دورة الحياة ثانية إلى السعودية في عام 1967 لتعمل في إدارة الخزينة لعشر سنوات أخرى قبل أن تتقاعد نهائياً في شهر مارس من عام 1977
وكانت جامعة جورج تاون في واشنطن قد أقامت لها معرضا خاصا في عام 2007 يتناول صورها في المملكة خلال الثلاثة عقود التي أمضتها فيها، وكانت المناسبة التي من خلالها أودعت المصورة الراحلة مجموعة صورها في مكتبة الجامعة.