لا تنخدعوا بـ “المُحمّقِين”…!
حبيب محمود
على المنصّة قالت كلاماً كثيراً. كثيراً كثيراً بالفعل. قالت إنها لم تصل إلى ما وصلت إليه؛ إلا بتضحيات كثيرة، بينها عملها “بائعة” في محل تجزئة. كانت “بطلة” على المنصّة، أحاط بها إعجاب الجمهور، وإجلاله للغةٍ عفوية بدت صادقة، ومُعبّرة عن صلب كفاحٍ حقيقي..!
في اليوم التالي؛ نشرنا ما قالته، محمولين على الإعجاب أيضاً. كنا جزءاً من ذلك الجمهور. ونشره غيرنا أيضاً..!
فما كان من والدها إلا التواصل معنا، وتوبيخنا على نشر كلام ابنته الذي قالته بلسانها. اتهمنا بأننا نريد الشهرة بنشر كلامها. وطلب حذف الجزئية التي تتحدث عن “إظهار كفاحها”، وإلا فسوف يقاضينا..!
الحقيقة هي أننا لم نحذف الجزئية التي حدّدها فحسب، بل حذفنا المادة بالكامل. لم نكن خائفين من قضيةٍ يرفعها ضدّنا، إذ لا توجد قضية أصلاً يُمكن أن يربحها ضدّنا، أو ضدّ غيرنا. ما قالته ابنته كان ضمن حديث مفتوح سمعه جمهور تلك الأمسية، ولا ينطوي حديثها على إساءة أو حتى خدش في مكانة أو اسم أو سمعة…!
حذفنا المادة لأن كلّ ما قيلَ في الأمسية كان مجرد قشر لجوهر غير موجود. الفرق بين أن تفخر بكفاحك وبين أن تخجل منه مكشوفٌ بين ما قيل وما نُشر.
“التحميق” شيءٌ، والصدق شيءٌ آخر.
لذلك؛ آثرنا ألا ننجرّ وراء “التحميق” الذي أراده، وألّا نكون خُدّاماً لجزئياتٍ مهووسة بالوصول إلى قمةٍ ما، أو منصّةٍ من المنصّات.
ليس عيباً أن يُكافح الإنسانُ، ويعمل في مهن صغيرة في بداياته.. على العكس؛ إنها إشارة إلى صدق التجربة. بل هي دليلٌ عليها. ولكنّ صاحبنا أراد ـ فقط ـ أن نهتم بـ “التحميق”، وأراد منا أن نخدم هذه الجزئية فحسب..!