[فيديو] نداء من والدَي نسيم حبتور إلى خاطفيه: نسامحكم إذا عاد فلذة كبدنا إلينا خطفه رجل وامرأة من كورنيش الدمام قبل 24 سنة

الدمام: جمال أبو الرحى، ليلى العوامي

مازال تأثير العثور على المختطفين في المنطقة الشرقية، الخنيزي والعماري والقرادي، ينشر الأمل من جديد لدى أسرة الطفل نسيم الحبتور، الذي فُقد قبل 24 عاماً في كورنيش الدمام. ورغم معاناة الأب والأم طيلة هذه السنوات، إلا أنهما يوجهان رسالة تسامح عاجلة إلى خاطفيه، بأنهما على استعداد للتنازل عن حقهما مقابل إعادة نسيم إليهما.

معاناة الأب اليمني نوري الحبتور بلغت ذروتها، فلم تكف غربته ليواجه ألم خطف فلذة كبده، في واقعة لم يكن يحسب حساباً لها. ويقول: “ربما يكون نسيم في مكان ما، يعيش حياة سعيدة مرفهة، وربما هو يعيش أقسى أنواع الشقاء، فكل الاحتمالات واردة”.

 

جميع الاتجاهات

ويتساءل نوري “كيف لأي شخص أن يتخيل أن نزهة قد تفقده ابنه.. ابنه الذي هو في عمر التعلق والتشبث بالوالدين”. ويتساءل ثانية “تُرى كيف كانت ليالي نسيم الأولى وهو في حضن امرأة غريبة لا تشبه أمه ولا تشبه رائحتها رائحة أمه، كيف تقبل أحضانها؟.

يحكي نوري لـ”صُبرة” بعض معاناته: “تعرضت شخصياً لأمراض كثيرة بسبب هذا الأمر، وزوجتي أقامت في المستشفى قرابة 3 أشهر، حيث كانت في غيبوبة، تصحو منها وتعود إليها من جديد، والواقع لم يتغير”.

لم يتوقف نوري على التألم، ويقول: “عانينا كثيراً من هذه القضية، وبحثنا في جميع الاتجاهات، ولم تقصر الجهات الأمنية معنا في شيء.. ولكن دون جدوى!”.

ويأمل الأب أن يعود الابن نسيم إلى أحضان عائلته، بالأخص بعد كل هذه الأحداث الأخيرة التي حصلت لكل من على العماري والخنيزي والقرادي. ويقول: “معاناة فقد نسيم مستمرة، لا يمكن أن يمر يوم دون أن نذكره، سواء أنا أو زوجتي أو مع إخوانه الذين ولدوا من بعده”.

 

رسالة إلى الخاطفين

ويوجه نوري رسالة لمن تسبب في اختطاف طفله “نحن في هذه الحياة سيأتينا يوم، لابد فيه أن نرحل منها، فسارعوا في رد ابننا إلينا لنراه قبل أن نرحل”. ويتابع: “كل مناي أن أرى ابني وأن تفرح أمه ويفرح إخوته بقربه منهم”.
ويضيف “سنتسامح معهم في كل شيء يطلبونه”، ولكنه يضيف في رسالته “ضعوا نوعاً من الرحمة في قلوبكم وللطفل الذي لديكم. ندائي إلى الله أولاً،  ثم لهم أن يردوه لنا ونقول لهم المسامح كريم”.

 

التسامح نفسه

وبنفس الدرجة من التسامح، تؤكد أم نسيم السيدة “ف. م” أنها ستسامح خاطفة ابنها وتقول: “ليس بيني وبينها شيء إذا أعادت لي نسيم، فأنا أريد فقط إبني، ولا شيء غيره، وسأتنازل رغم معاناة 24 سنة اختطفته، فقط أريده أن يعود وأضمه إلى صدري وأعيش سنوات الحرمان منه ولا شيء غير هذا، فأنا أم مكسورة، وقلب متقطع، أعيش الألم لحظات كثيرة، وأنا على يقين تام أن كل شيء بيد الله، أنا أريد وأنت تريد والله يفعل ما يريد”.

وترجع والدة نسيم بالذاكرة إلى الوراء، وتتذكر تفاصيل قصصها مع ابنها المخطوف، وتقول: “ولادتي في نسيم كانت طبيعية، وذلك يوم السبت 28 من شهر ذي الحجة عام 1415هـ الموافق 27 مايو 1995م، في أحد مستشفيات المنطقة الشرقية، وهو الإبن الثالث بعد أخته الكبرى نوف وأخيه يسلم، واليوم مر على اختفائه  8555 يوماً، وهو ما يعادل 1222 اسبوعاً ويومين”.

 

تفاصيل الاختفاء

وتتابع “اختفى يوم الخميس 6 جماد الأول من عام 1417هـ، الموافق 19 سبتمبر من عام 1996م، في الفترة بين صلاتي المغرب والعشاء، وكان عمره عام وخمسة أشهر، وذلك في كورنيش الدمام، في ذلك اليوم كلمني زوجي وسألني: هل تريدي أن تخرجي مع الأولاد للكورنيش ليلعبوا هناك؟، ولكنني كنت متعبه وغير مرتاحة للخروج، خاصة أن والدي كان متوفياً منذ 20 يوماً مضت في ذاك الوقت”.

وتستطرد “خرجنت وكان معي نوف (4سنوات) ويسلم (عامان وشهران ) ونسيم (عام ونصف العام) وبرفقتنا أخت زوجي وابنتيها، واخترنا مكاناً قريباً من الألعاب، وهناك طلبت من أخت زوجي الإنتباه إلى نسيم وكان معها ابنتها، وذهبت أنا مع نوف ويسلم وابنة اخت زوجي للألعاب، ومرت 10 دقائق، كنت لاهية معهم، كونهم صغاراً وما انتبهت ووقعت عيناي على مكان نسيم، إلا وجدته خالياً، سألت أخت زوجي “أين نسيم؟”، فقالت أنها كانت منشغلة بتنظيف عين ابنتها من الرمل الذي رماه نسيم عليها، ولا تدري أين ذهب، فبحثنا عنه في منطقة جلسونا، ووصلت في عملية البحث الى مجمع الشرقية النسائي، رغم اني على ثقة بانه لم يبعد لهذه المسافة، وكان بالمجمع هاتف عملة، وكلمت زوجي وأخبرته بما حدث وجاء مسرعاً”.

رجل وامرأة

وتتابع أم نسيم: “أثناء بحثنا، أشار رجل إلى أن هناك امرأة ورجلاً ومعهما طفل بنفس مواصفات نسيم، ذهبوا إلى البقالة، فذهبنا مسرعين إلى هناك، وسألنا البائع عنهم، فقال: “نعم جاءت امرأة تمسك طفلاً صغيراً، وكان يبكي بشدة، ومعهما رجل، واشتريا له بعض الحلوى، وسأل الرجل البقال “أين يمكننا أن نذهب بالطفل، فهو ضائع، فأخبرهما إلى أقرب دورية”، وتضيف الأم “الغريب في الأمر أن البقال ظل يراقب الرجل والمرأة ووجدهما يذهبان إلى منطقة مواقف السيارات”.
تقول الأم: “مكثنا نبحث عن نسيم حتى الساعة 2 فجراً، ظناً منا أنه ما أن يذهب الناس إلى منازلهم، قد يكون هناك أحد يبحث عنا أو أن الطفل نائم في مكان في الكورنيش، ولكن لا فائدة، ورجعت إلى المنزل في حالة انهيار، وظل زوجي في الكورنيش حتى التاسعة صباحاً، ينتظر لعل أحداً أخذه وشعر بالندم ويريد أن يرجعه ولكن لم يحدث”.

 

رضاغة نسيم

وتقول الأم: “مازال نسيم يأتيني في المنام، أراه يرضع من رضاعته، وأحياناً آراه يبكي، وفي إحدى المرات حلمتُ به وهو في مستشفى الدمام المركزي يناديني، لم أنساه للحظة”.
صمتت الأم قليلاً وهي تبكي، ثم واصلت الحديث “مازلت أعد له رضاعته، وأضعها بجانب السرير، وأجلس الصباح وأسكبها، وأعود بالليل أجهزها، فقد كان نسيم يجلس طوال الليل ويطلب الرضاعة”.
وقالت ويداها على فؤادها بلهجتها اليمينة “ما على قلوبنا خطف، لم أتوقع يوماً أن يُخطف نسيم ويختفي، وحينما أخرج الآن وأرى الشباب في عمره، أنظر إليهم، لكن قلبي لا يرسل لي برسائل تقول أن هذا قد يكون إبني، لا أبالغ إذا قلت إن شعوراً قوياً لدي بأنه قريب مني، وسيأتيني، أنا مؤمنة وصابرة وعندي أمل اني سآراه قريباً، والامل في الله قوي”.

أشقاء نسيم

شاهد نوري الحبتور وهو يتلقى مواساة من موسى الخنيزي الذي عُثر عليه بعد أكثر من 21 سنة من اختطافه

 

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×