فاطمة آل صلاح.. نعومة الأنثى لا تمنعها من رياضة التايكوند…! خرّيجة مركز أبحاث هارفارد تتحوّل إلى مدربة
صفوى: بيان آل دخيل
على هامش تعليمها في الولايات المتحدة الأمريكية، قررت فاطمة آل صلاح، أن تمارس رياضة التايكوندو التي عشقتها منذ الصغر هناك، إلى أن أصبحت مدربة للعبة، وحاملة للحزام الأسود فيها من الدرجة الثانية.
وعندما عادت من الغربة، رأت أن تستثمر هذه الرياضة في مشروع تجاري، تفتتحه في قلب مدينة صفوى، لتعليم النساء والأطفال اللعبة، ويوماً بعد آخر، تحقق فاطمة ما تسعى وتخطط له بخطوات واثقة.
وترى فاطمة أن ممارسة النساء للتايكوندو، يندرج ضمن طرق كسر الصورة النمطية للمرأة، المخلوق الناعم، مضيفة “هذه القوة ليست قاصرة على الرجال”، رافضة في الوقت نفسه استمرار مفهوم سيادة الرجال وتبعية النساء لهم”.
وترى فاطمة أن النساء كثيراً ما يتعرضن للعنف حتى اليوم، ومن هنا، لابد من مقاومة هذا العنف، وتطمح أن تهتم الأسر بتعليم بناتهم الفنون القتالية، وتقول إن “واحدة من أصل ثلاث بنات، تتعرض لشكل من أشكال العنف حول العالم، وهذا كفيل لوضع خطة لتجهيز الفتيات لمثل هذه المواقف”.
أنا وشقيقتي
تنتمي فاطمة إلى “عائلة تقليدية” بحسب وصفها. وتقول: “واجهت تحديات لإقناع أسرتي بتعلمي رياضة التايكوندو، بسبب خوف أبي وقلق أمي، وعدم أخذ أخوتي الأمر بشكل جاد”. وتتابع “أثبتت لهم أن اختياري في أن أكون متدربة ومدربة لرياضة التايكوندو كان صحيحاً، فعندما استشعرت أسرتي اجتهادي، قاموا بتشجيعي على الاستمرار”.
وأحبت فاطمة الفنون القتالية بشكل عام، قائلة “وأنا صغيرة، كنت أشاهد وشقيقتي التوأم الرياضات القتالية المتعددة، ونقوم بتطبيقها عملياً”. وتضيف “تتعلم شقيقتي حالياً رياضة الكاراتيه في الولايات المتحدة، فيما اخترت أنا رياضة التايكوندو”.
في أمريكا
عاشت فاطمة في الولايات المتحدة الأمريكية منذ العام 2011، لتدرس في تخصصها الجامعي (علم الأحياء الجزيئي 2016)، ووفرت الحياة لها في أمريكا فرصة لأن تجرب مختلف أنواع الفنون القتالية (الكاراتيه والتايكوندو والجوجيستو)، وحصلت على أحزمة مختلفة في رياضة الكاراتيه، ولا تكتفي بما حصلت عليه، بل تريد الوصول لمزيد من النجاحات. ولكنها أحبت ممارسة الكاراتية. وتفكر في أن تضيف لخبراتها رياضة الجوجيستو أيضاً، وترى أن التايكوندو والكاراتيه متشابهان.
اهتمام فاطمة برياضة الكاراتيه لم يكن على حساب في دراستها ، حيث عملت لمدة عامين في مركز أبحاث بجامعة هارفارد، وتخطط في الوقت الحالي للحصول على درجة الماجستير في تخصصها، وهي تؤكد “حتى ولو أكملت دراستي لن أترك التايكوندو”.
الحزام الأسود
وتدرّجت فاطمة من الحزام الأبيض، وهو أول حزام يمنح للاعبين المبتدئين، وصولاً إلى الحزام الأسود من الدرجة الثانية. وتشير إلى أن التايكوندو كرياضة، مثلها مثل الكاراتيه، يحصل فيه المتدرب على كل مجموعة حركات، أحزمة مختلفة حسب مستواه”. مضيفة “بين الحزام الأبيض إلى الأسود 8 أحزمة”. وتقول: “حصلت على المستوى الثاني للحزام الأسود، وأطمح في الحصول على المستويات المتقدمة قريباً”. تضيف: “متدربو التايكوندو عادة يصلون للمستوى الثامن كحد أقصى من أصل 10 مستويات، والدرجة العاشرة يحصل عليها المتدرب كتكريم له إذا تقدم في العمر، لأنه أدى رسالته”.
وحصلت فاطمة على الحزام الأسود في المستوى الأول في مايو 2016 والمستوى الثاني في يناير 2018. ومشرفها كان أحد طلاب مخترع التايكوندو في كوريا، الأب الجنرال تشوي هونغ. وتقول إن مدربيها في الولايات المتحدة “أصبحوا بمثابة أفراد عائلتي، أحن إليهم وأزورهم من وقت إلى آخر”. وحصلت فاطمة على أحزمتها من معهد في ماساتشوستس في ولاية بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية.
الحياة في صفوى
بعد سنواتها الست من التدرب في أمريكا، عادت آل صلاح إلى مدينتها صفوى، وتقر: “مررت بحالة اكتئاب، لأنني لم أكن قادرة على ممارسة التايكوندو، فلا توجد مدرسة لممارسة اللعبة فيها، ولا رفيقة أتدرب معها، لأن التايكوندو بطبعه لعبة جماعية، تحتاج إلى شخصين”. وخصصت فاطمة غرفة في منزلها لممارسة رياضة التايكوندو. وتقول: “قمت بنشر إعلانات تدرب فيها النساء والأطفال، واستقبلت عدداً من النساء أردن تعلم اللعبة، وهذا ساعدني على أن أجد رفيقة أتعلم وأتدرب معها، وأستطيع التأكيد على أن النساء متحمسات جداً”. ورغبت فاطمة أن تضيف مبادرة جديدة في المجتمع، واهتمت بفئة الأطفال، لأنهم صفحة بيضاء وسريعو التعلم.
وترى فاطمة أنه بإمكان أي شخص أن يتعلم هذه الرياضة. وتقول: “أشجع الأعمار الكبيرة على تعلم هذه اللعبة، وسبق أن أعلنت عن كلاس تايكوندو لأعمار 45 عاماً فما فوق، ولم تسجل أي امرأة فألغيته”. وترى فاطمة أن فئة الأطفال والنساء من 15-38 متحمسين لهذه الرياضة.
مفهوم خاطئ
ترى آل صلاح أن هناك فكرة خاطئة عن رياضة التايكوندو، انتشرت بين النساء بشكل عام، وهي ان ممارسة هذه الرياضة سوف تطيح بأنوثة المرأة، وتحولها إلى رجل”. وتقول: “المجتمع بشكل عام، صور الأنوثة تصويراً خاطئاً، واختزلها في الصمت والضعف وعدم ممارسة الرياضة كرياضة المقاومة، وهذا خطأ”.
وتدرب آل صلاح منذ 6 أشهر الأطفال الصغار في منزلها بصفوى، وتعلمهم مبادئ وأخلاقيات التايكوندو. وتقول: “عندما يجدني الناس أقاتل، يظنون أني عنيفة، بينما حياتي العادية مختلفة، بالإضافة إلى أننا من المفترض ألا نؤذي الآخرين بهذه الرياضة”، مضيفة “في وقت الرياضة لا نؤذي بعضنا البعض بل نتدرب كيف نتحمل ونتفادى الضربات”.
تحكي آل صلاح موقفاً حدث معها: “في يوم ما، كنت ألعب مع إحدى متدرباتي، وتألمت المدربة وبكت وبكيت معها”. مشيرة إلى “السلام والاحترام والالتزام بمبادئ رياضة التايكوندو لا تهدف إلى إيذاء الآخرين، بل تعلم كيفية الدفاع عن النفس”. ترى آل صلاح أن “تدريب التايكوندو يستمر حتى الموت، وهو لعبة متطورة لا ينتهي”.