سلطان البازعي: هناك وزير بمستوى موظف.. وموظف بمستوى مسؤول…! قدّم في منتدى الخط قصة ممتعة ومشوّقة اسمها "المسؤولية الاجتماعية"
أرامكو ألزمت شركة الأسماك بتحسين سكن العمالة شرطاً لشراء منتجاتها
القطيف: حبيب محمود، أمل سعيد
على الرغم من اعتزازه بتاريخه الطويل وكونه رجل علاقات عامة من الطراز الأول؛ اعتنى سلطان البازعي بتبيين الخط الأسود من الخط الأبيض من نشاط الجمعية العربية للمسؤولية الاجتماعية التي شارك في تأسيسها، ويشغل منصب الرئيس فيها. وردّاً على سؤال لـ “صُبرة” عن نشاطها؛ قال البازعي “ليست جمعية علاقات عامة”.
ولم يوارب في اعترافه بأن الجمعية العربية للمسؤولية الاجتماعية ما زالت أضعف من أن تؤثّر على النحو الذي تؤثر فيه مؤسسات المجتمع المدني الأخرى. لكنّ حديثه عنها، مساء البارحة، انطوى على إيمانٍ خاصٍّ، على الأقلّ في الحدّ الذي يُساعد على إيصال المسؤولية الاجتماعية إلى باقة التشريعات والقوانين الاقتصادية. البازعي لم يقل ذلك بالحرف، لكن هذا الطموح كان مبثوثاً في حديثه أمام جمهور منتدى الخط، بمنزل الصحافي فؤاد نصر الله.
جمهور نخبة
كان الجمهور قليلاً، لكن وجوهه نخبوية. بين الحضور؛ عضو مجلس الشورى الإعلامي محمد رضا نصر الله، رئيس النادي الأدبي سابقاً ورئيس تحرير “اليوم” سابقاً خليل الفزيع، ومدير تحريرها السابق محمد الصويغ، والكاتب حسن الزاير، ورجل الأعمال خالد المحروس، والكاتب أحمد سماحة، وجعفر الشايب، واللواء متقاعد عبدالله البوشي، ووجوه محسوبةٌ على نخبة المجتمع ومثقفيه، وعاملين لهم وضعهم في الإدارة والأعمال والثقافة.
قصة مشوقة
والمسؤولية الاجتماعية ليست من الموضوعات الجاذبة، والمتوقع للحديث عنها أن يكون جافاً ومملاً، إلا أن البازعي القادم من العاصمة من أجل المحاضرة؛ كان مقتدراً بما يكفي لجعل المسؤولية الاجتماعية قصةً مشوّقة. قصص شركات وتجارب ومفاهيم دولية، من واقع المباديء التي تقوم عليها هذه المسؤولية بوصفها “نتاج استراتيجية التنمية الوطنية المستدامة التي تتناول الناحية الأخلاقية والقانونية والمجتمعية”. وهذا يختلف عن مفهوم العلاقات العامة وتحسين الصورة.. قصة شركة النفط البريطاني BP كانت أكثر القصص لمعاناً في هذا الالتباس.
أنفقت الشركة العالمية ملايين الدولارات من أجل بناء صورة لها تضعها في قائمة الشركات المعنية بالتنمية المستدامة واحترام البيئة.. ثم أصابتها ثلاث كوارث خلال خمس سنوات، كارثة في تكساس، وكارثة في ألاسكا، وثالثة في خليج المكسيك، لتنهار صورتها في الإعلام الغربي الذي جلدها على اختلاف كلامها عن أفعالها، وكلّفها ذلك مزيداً من الملايين في التعويضات ومواجهة التبعات.
زرت “سابك” في بدايتها؛ فوجدتُ حديثي تخرُّج يقودون مشاريع صارت عملاقة
من بيتك
المسؤولية الاجتماعية تبدأ من بيتك، ثم تمتدّ إلى خارجه. هذا بالضبط ما على الشركات أن تفهمه. العناية ببيئة العمل أهمّ من سخاء التبرعات للمشاريع الخيرية. بيئة العمل هي بيت الشركة. الحوادث تقع لسبب تقني أو بشري. وكلا السببين لا يبرّيء ساحة الشركة. حين وقعت كارثة انفجار صهريج غاز في الرياض قبل سنوات؛ كشفت التحقيقات أن السبب هو بيئة العمل التي كان يعيشها سائق الصهريج.. كان مرهقاً من ضغط العمل…!
وفي شركة الأسماك ـ يقول البازعي ـ زرتُ مديرها السابق ناصر بن عثمان الصالح.. دعاني المدير إلى الاطلاع على سكن العمّال.. كان مختلفاً عمّا نتخيله تماماً. السبب هو أن شركة أرامكو، وهي من كبار عملاء شركة الأسماك، هدّدت بالتوقف عن شراء الأسماك ما لم تتحسن بيئة العمل وسكن العمال..!
غير ملزمة
المسؤولية المجتمعية حتى الآن غير ملزمة، يقول البازعي. يضيف “لكن ومع ذلك فإن بعض معاييرها يعتبر من الأمور التي يشملها القانون والجزء الآخر يكون طوعية”، وأردف “على المؤسسات مراعاة الآثار الناتجة عن أعمالها في البيئة والمجتمع، وعليها وضع الاستراتيجية المناسبة التي تساهم في استمرارية التطوير والمحافظة على القيم الأخلاقية”، وتمنى “أن توجد الحوافز التي تحث الشركات والمؤسسات على تطبيق المسؤولية الاجتماعية، لأن ذلك يصب في صالح التنمية”. ففي النهاية “أهم عنصر هو العنصر البشري”.
تجربتان
البازعي تناول تجربتين في المسؤولية الاجتماعية، يراهما من النماذج المشرقة. تجربة سعودية تمثّلت في شركة “سابك”، وبالذات في شقّ بيئة العمل وصناعة القادة. وتذكّر بداياته الصحافية حين اقترح عليه الدكتور غازي القصيبي استطلاع تجربة “سابك” في بداياتها.. “رأيتُ شبّاناً حديثي التخرج، كلّ منهم يتولى مشروعاً ضخماً بكامل مسؤولياته.. بعض هذه المشروعات صارت مصانع كُبرى الآن”.
النموذج الآخر هو شركة “دال” السودانية.. “شركة عائلية تأسست في الخمسينيات الميلادية.. لديها أنشطة متنوعة، بينها صوامع غلال ومطاحن دقيق.. ويتبعها مركز تدريب مفتوح لكل السودانيين.. تدرب الشركة الشاب على نشاط المخابز، ثم تُقرضه لتأسيس مخبز.. بهذه الطريقة منحت الشركة الشاب عملاً حرّاً، وضمنت عميلاً مستمرّاً يشتري الدقيق منها. ومثل ذلك تفعل الشركة مع ربّات بيوت يعملن في المنازل”.
ملايين تحسين الصورة لم تمنع كوارث شركة BP بسبب بيئة العمل
مداخلات
منح البازعي جمهور محاضرته قصةً مُمتعة اسمها “المسؤولية الاجتماعية”.. الأعمال الخيرية، دعم الفن والثقافة، البيئة، الأفكار كثيرة. لكنّ الأهم هو القيم الأخلاقية التي تفرض حتى على صاحب المشروع الصغير أن يكون عليها.. التستر، الغش، العمل الرديء.. كل ذلك ضدّ المسؤولية الاجتماعية.. الفكرة بسيطة جداً. لكنها استراتيجية بالنسبة للشركات الكبيرة والمتوسطة.. الإشارت الكثيرة والأمثلة حرّكت رغبة بعض الحضور للمُداخلة..
تحدث خالد المحروس عن معوّقات بيروقراطية تواجه رجال الأعمال حين يفكرون في دعم أنشطة اجتماعية وثقافية. علّق البازعي “هناك مسؤول بمستوى موظف.. وموظف بمستوى مسؤول.. بل هناك وزير بمستوى موظف”.
أحد الحضور عرض مشكلة تسريح الشركات في الأشهر الأخيرة.. رد البازعي “أعرف أن بعضكم يأمل من الجمعية الكثير، لكنها لم تصبح بعدُ بالمستوى التي تجعلها فاعلة ومؤثرة”.
حسن الزاير سرد قائمة من مؤسسات عالمية صنعتها المسؤولية الاجتماعية.. مايو كلينك.. هارفافارد.. ستانفورد. البازعي أمّن على مداخلة الزاير. لكن هذه المؤسسات ـ حسب المحاضر ـ نشأت في بيئة قانونية تشجع المسؤولية الاجتماعية وتقدم لها التسهيلات.
رؤية 2030
البيئة القانونية هي المطلوبة لتصبح المسؤولية الاجتماعية ضمن القوانين والتشريعات.. أشار البازعي إلى أن رؤية المملكة 2030 ركزت على دور رجال الأعمال والشركات والمؤسسات في الجانب التنموي من باب تحمل المسؤولية الاجتماعية، مؤكدًا أن هذه الأعمال تجعل من المواطن شريكًا مهمًا في التنمية.
ولم تستثنِ الرؤية أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة بل جعلتهم مركز اهتمامها؛ رغم تدني نسبة هذه الفئة التي تطمح المملكة إلى زيادتها لأنها هي ممّا يُؤمَل منها التجديد والابتكار.
وفي جواب له على أهداف الجمعية التي يرأسها؛ قال البازعي: إن من أهم أهدافنا في الجمعية أن تكون المسؤولية الاجتماعية ملزمة للشركات والمؤسسات، وذلك بتطبيق معاييرها السبعة.
الأمسية امتلأت بالكثير من الأسئلة المعترضة والباحثة عن إجابات، لكنها انتهت كما ابتدأت هادئة وأنيقة. وتسلّم الضيف درع التكريم من يد الإعلامي محمد رضا نصر الله وصاحب المنتدى فؤاد نصر الله..
سلطان البازعي |
- عمل في الصحافة بعد تخرجه من جامعة الملك سعود في الصحافة عام 1979م.
- وصل إلى منصب تحرير صحيفة الرياض.
- انتقل للعمل في وزارة التعليم العالي، وانتدب للعمل في الملحقية الثقافية السعودية في فرنسا 1985-1988م.
- سكرتير للجنة العلاقات الثقافية الدولية بمكتب وزير التعليم العالي.
- رئيس تحرير صحيفة اليوم في الدمام 1993-1997م.
- عاد إلى العمل الحكومي في وزارة التعليم العالي.
- مدير عام العلاقات والمراسم بالحرس الوطني.
- المسؤول الإعلامي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة.
- عمل مستشاراً غير متفرغ للهيئة العامة للاستثمار.
- عمل مستشاراً إعلامياً لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.
- عمل رئيساً تنفيذياً لشركة الطارق للإعلام.
- تمّ تكليفه بالعمل كمتحدث رسمي للجنة العامة لانتخابات المجالس البلدية.
- حصل على جائزة رجل العلاقات العامة للعام 2005م عن إدارته لحملة الانتخابات البلدية.
- نائب الرئيس التنفيذي للجمعية الدولية للعلاقات العامة – فرع الخليج.
- رئيس لجنة وكالات الإعلام والإعلان في الغرفة التجارية والصناعية بالرياض.
- عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للعلاقات العامة والإعلان – جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
- عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال – جامعة الملك سعود.
- رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون ـ سابقاً.
- رئيس الجمعية العربية للمسؤولية الاجتماعية، حالياً.
الجمعية العربية للمسؤولية الاجتماعية |
- تمّ إشهارها في المنامة، بتاريخ 11/6/2012، تحت رعاية وزيرة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية بمملكة البحرين الدكتورة فاطمة بنت محمد البلوشي.
- شارك في تأسيسها عشر شخصيات عربية، هم فيصل الزهراني ووسلطان البازعي “السعودية”، الدكتور خالد بو مطيع وخالد القعود “البحرين”، الدكتور عادل الشامري “الإمارات”، خلود عبدالرضا يوسف “الكويت”، أمجد محمد البصيري “السودان”، أشرف محمد حمودة “مصر”، هيثم أحمد الدين “سوريا”، زياد عبدالهادي أبو الفحم “فلسطين”.
- أهدافها: تطوير الفكر والممارسات في مجال المسؤولية الاجتماعية.